الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

في صومها نقرأ أشهر 5 كتب عن "مريم"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما أكثر التمجيدات والتأملات، التى وردت عن العذراء فى كتب الآباء.. وما أمجد الألقاب، التى تلقبها بها الكنيسة مستوحاة من روح الكتاب، نستعيد بعضا منها تزامنا مع الاحتفالات التى تقام فى كل كنائس العذراء مريم بمناسبة صومها، من خلال جولة مع أهم 5 كتب صدرت عن العذراء مريم.


تأملات فى عشرة أعياد 
والبداية بما ورد فى الكتاب الذى أصدره بابا الكنيسة القبطية الراحل شنودة الثالث، بعنوان «السيدة العذراء» وهو من سلسلة «نبذات» وتم نشره لاحقا، ضمن كتابه «تأملات فى عشرة أعياد» وجاء فى مقدمته ما يلي: «لا توجد امرأة تنبأ عنها الأنبياء واهتم بها الكتاب مثل مريم العذراء.. رموز عديدة عنها فى العهد القديم، وكذلك سيرتها وتسبحتها والمعجزات فى العهد الجديد.
ويستطرد البابا الراحل قائلا: «إنها أمنا كلنا، وسيدتنا كلنا، وفخر جنسنا، الملكة القائمة عن يمين الملك، العذراء الدائمة البتولية، الطاهرة، المملوءة نعمة، القديسة مريم، الأم القادرة المعينة الرحيمة، أم النور، أم الرحمة والخلاص، الكرمة الحقانية، هذه التى ترفعها الكنيسة فوق مرتبة رؤساء الملائكة فنقول عنها فى تسابيحها وألحانها: «علوتِ يا مريم فوق الشاربيم، وسموت يا مريم فوق السرافيم، مريم التى تربت فى الهيكل، وعاشت حياة الصلاة والتأمل منذ طفولتها، وكانت الإناء المقدس الذى اختاره الرب للحلول فيه،أجيال طويلة انتظرت ميلاد هذه العذراء، لكى يتم بها ملء الزمان.
هذه التى أزالت عار حواء، وأنقذت سمعة المرأة بعد الخطية، إنها والدة الإله، دائمة البتولية، إنها العذراء التى أتت إلى بلادنا أثناء طفولة المسيح، أقامت فى أرضنا سنوات، قدستها خلالها، وباركتها، وهى العذراء التى ظهرت فى الزيتون منذ أعوام قريبة (1968)، وجذبت إليها مشاعر الجماهير، بنورها، وظهورها، وافتقادها لنا، وهى العذراء التى تجرى معجزات فى أماكن عديدة، نعيد لها فيها، وقصص معجزاتها هذه لا تدخل تحت حصر.
ويستطرد البابا شنودة الثالث قائلا: «إن العذراء ليست غريبة علينا، فقد اختلطت بمشاعر الأقباط فى عمق، خرج من العقيدة إلى الخبرة الخاصة والعاطفة، ما أعظمه شرفًا لبلادنا وكنيستنا أن تزورها السيدة العذراء فى الماضي، وأن تتراءى على قبابها منذ سنين طويلة، لم توجد إنسانة أحبها الناس فى المسيحية مثل السيدة العذراء مريم، وفى مصر، غالبية الكنائس تحتفل بعيدها، وفى الطقوس، ما أكثر المدائح والتراتيل، والتماجيد والأبصاليات والذكصولوجيات الخاصة بها، وبخاصة فى شهر كيهك. ولها عند أخوتنا الكاثوليك شهر يسمى الشهر المريمي، وفى أديرة الرهبان فى مصر يوجد على اسمها: دير البراموس، ودير السريان، ودير المحرق، أى ربع الأديرة الحالية، ويوجد دير للراهبات على اسمها فى حارة زويلة بالقاهرة، وما أكثر الأديرة والمدارس التى على اسمها فى كنائس الغرب.

«العذراء وظهوراتها العامة»
وهناك كتاب أيضا أصدره الراهب القمص سمعان السرياني، بعنوان «العذراء مريم وظهوراتها العامة» وكتب فى مقدمته قائلا: «إن كنيستنا الأرثوذكسية تطوب السيدة العذراء وتعتبرها أرفع من السمائيين، فهى والدة الإله التى استحقت أن تحمل جمر اللاهوت فى أحشائها بالروح القدس، والتى ولدت لنا مخلص العالم! إن مجرد النظر إلى أيقونة العذراء مريم يريح النفس، وعند ذكر اسمها تفيض النفس فرحًا وسرورًا، فإذا تذكرنا بعضًا من فضائلها نجدها العذراء المملوءة محبة تفيض على جميع البشرية، لأنها تلبى نداء كل من كان فى ضيقة أو شدة، وتشفى كل مرض! 
ويستطرد قائلا: «تتسم بالاتضاع الحقيقي، إذ عندما بشرها الملاك وقال لها: «ها أنتى ستحبلين وتلدين ابنًا وتسمينه يسوع الروح القدس يحل عليكِ.. فقالت مريم: هوذا أنا أمة الرب ليكن لى كقولك، مضيفا بالقول: «القديسة مريم عاشت حياة التسبيح والصلاة والتأمل، فقد كانت فى الهيكل منذ الطفولة وعمرها ثلاث سنوات، أيضًا نرى فى العذراء القداسة والطهارة، إذ حقًا صارت فى كل حياتها هيكلًا مقدسًا للرب وهكذا فإن حياتها مليئة بالتقوى والتخشع، وظهوراتها على مدى الأجيال سواء لجماعات أو أفراد».
ويلخص سمعان السريانى فى الكتاب أشهر ظهورات العذراء من القرن 19، مشيرا إلى أن معجزات العذراء مريم مستمرة سواء فى بلادنا أو بقية بلاد العالم مع الجميع على السواء، مهما اختلفت الأديان أو الأجناس، مقررا أنها معجزات لا حصر لها، وإن ما سجل مها فى الكتب أو الصحف قليل، وفيما يتعلق بأعيادها المختلفة، فيقرر أنه أصدر عنها كتاب حمل عنوان «ميامر السيدة العذراء»، مشددا على أن ظهورات القديسة مريم هى توطيد لإيماننا الراسخ، وتأكيدًا لشفاعة الكنيسة المنتصرة فى السماء لأجل كنيستنا المجاهدة على الأرض، بل ومعونة وشفاء لكثيرين إذ تحدث آلاف الأشفية.

«أحزان القديسة مريم العذراء» 
أيضا نشر الشماس القبطى الكاثوليكى نبيل حليم، أكثر من 23 كتابا عن القديسة مريم العذراء.
ويقول: «رغم هذا مازلت أقف عاجزًا عن التحدث عن عظمتها ومكانتها وسرها العجيب» ومن أهم تلك الكتب كتابه «أحزان القديسة مريم العذراء وجاء فيه: «هناك كمية ضخمة من الألم يعانى منها الجميع فى العالم، هذا الألم قد يمتدّ من آلام شخصيّة عميقة لأفراد، أو قد تكون من خلال مجتمعات شاملة، وحتّى إلى أبعاد كونيّة، ومن الثابت أن الكمّيّة الكبيرة من ألم الإنسانيّة يقع فى قلوب الأمهات، وفى هذا السياق، هناك تقليد متوارث من الأجيال الأولى فى المسيحية، بأن مريم قد تمثّلت فيها صور آلام البشرية ولهذا أُطلق عليها لقب «أم الأحزان»، ولقد تم تأليف العديد من الترانيم والأشعار التى تحمل معاناة أم يسوع. 
ويذكر الشماس نبيل حليم فى كتابه، أن الكنيسة خصصت عيد تذكارى فى 15 سبتمبر من كل عام وأطلقت عليه «عيد مريم سيّدة الأحزان» موضحا أن الإحتفال وتكريم آلام مريم العذراء وخاصة عند الصليب يرجع فى حقيقة الأمر إلى القرن الرابع والخامس الميلادي، حيث القديس أفرام السريانى كتب «مراثى مريم» والذى لخّص فيها ما عانته مريم، وكذلك القديس رومانوس، والقديس أمبروز والقديس أنسلم، والقديس برنارد والذين تأملوا فى آلام الصليب وعلاقة مريم بتلك الآلام. 
مضيفا بالقول: «لقد بدأ فـى الاحتفال بـعيد «سيدة الأحزان» من بدايـة القرن الثانـى عشر، ثـم بدأ فـى الإنتشار بين مكرمـى العذراء فـى كل العالـم، وتمت إضافتـه إلـى قائـمة الأعياد الـمريـمية بمعرفـة البابا بندكيت الثامن فى عام 1482، وأيضًا البابا بيوس السابع فى عام 1814، الذى أعلن إمتداد هذا العيـد لكل الكنيسة فـى العالـم أجـمع.
ويسمى هذا العيد أيضًا بعيد أحزان مريم السبعة، وفى هذا اليوم يتم التركيـز على التأمـل فـى آلام وأحزان مريم العذراء من خلال سر الخلاص، وخاصة وقت نزاع يسوع وموتـه على الصليب، وهناك رياضات وتساعيات وصلوات بالمسبحة عديدة للتأمل، فى أوقات الحزن التى مرّت فى حياة القديسة مريم.
ويقول: «إنه فى طقس الكنيسة الكاثوليكية الغربيـة، يتم قراءة نصوص من الكتاب المقدس تتناول آلام السيد الـمسيح، ونبوءة سمعان الشيخ فى عيد سيدة الأحزان، وأحزان القديسة مريم كما جاءت فى أحداث ذُكرت فى الكتاب الـمقدس تشمل: نبوءة سمعان الشيخ، والهروب لأرض مصر، وقتل أطفال بيت لحم (وفقد يسوع لـمدة ثلاثة أيام فـى الهيكل، والطريق إلى جبل الجلجثـة، والصلب وموت يسوع، وإنزال يسوع من على الصليب، ووضع يسوع فى القبـر، لكن هناك أحزانا أخرى نستطيع أن نجدها فى أحداث حياة القديسة مريم الأرضية وحتى بعد انتقالها للسماء.
ويقول أيضا: «تأملنـا فـى كل تلك الأحزان جميعها، يجعلنـا نفهـم أن العذراء مريـم، قد اجتازت كل تلك الأحزان الأرضيـة بثقـة وإيـمان ورجـاء صادق فـى وعد الله بالحيـاة الأبـديـة، وهذا بالتالـى يدفع فينـا الثقـة فـى التشبـه بهـا فـى كل ما قد نتعرض لـه على الأرض من آلام وأحزان، فلا يهتـز إيـماننـا، وأيضًا يبث فينـا الرجـاء والثقـة، أنـه مهـما طلبنـا منهـا فهـى تعرف من هـم الأبنـاء، بكل مـا يتعرضون لـه من أحزان وضيق على الأرض، فتصلّى معنا وتتشفع من أجلنـا، كما صنعت فى عُرس قانا الجليل.
وأضاف أن عذابات مريم كانت عظيمة، وذلك لأنّها كانت تُحبّ يسوع محبّة طبيعيّة كابن لها، ومحبّة فائقة الطبيعة كإله، فهاتان المحبتان اتحدتا فى قلب مريم، حتى تركتا قلبها كآتون، نار بالمحبّة، فأحبّت الله على قدر ما يُسمح، لخليقة أن تحبّه، ومن هنا، نعلم أنّه لم يوجد وجع.

«العذراء فى فكر الآباء» 
وقد أصدر القمص بنيامين مرجان باسيلى أكثر من كتاب عن العذراء، منها «الله فى فكر العذراء» وأيضا كتاب «العذراء فى فكر الآباء» وهو كتاب مميز جدًا، يجمع مجموعة كبيرة من أقوال الآباء القديسين القدامى عن العذراء بالمصادر، وهو مفيد جدا لمن أراد دراسة أقوال الآباء عن العذراء، ومما جاء فيه ما قاله عنها القديس كيرلس الكبير الذى ولد فى عام 375 ميلادية، وتهذب بالعلوم الكلاسيكية واللاهوتية، حيث كانت الإسكندرية مركزا عظيما للتعليم، وتتلمذ فى برية وادى النطرون على القديس الأنبا سيرابيون، تلميذ الأنبا مقاريوس الذى رسم بطريرك على الإسكندرية سنة 412 م، وهو أحد الآباء البارزين ولاهوتى الكنيسة الجامعة، ونُدين له أكثر من أى لاهوتى آخر، فقد أدرك التجسد بفكر كتابى وآبائي. 
وفى الكتاب يؤكد على ولادة القديسة مريم العذراء لله الكلمة المتجسد، وبتوليتها الدائمة، ويلقبها بولادة الإله ويمدحها قائلا: «السلام لمريم والدة الإله، كنز العالم كله الملوكي، المصباح غير المنطفئ، إكليل البتولية، صولجان الأرثوذكسية، الهيكل غير المفهوم، مسكن غير المحدود، السلام لك، يا من حملت غير المحوى فى أحشائك البتولية المقدسة، أخذ السيد المسيح جسد من امرأة، ولد منها حسب الجسد، لكى يعيد البشرية فيه من جديد، إننا نؤكد أن الابن وحيد الجنس قد صار إنسانا، حتى إذ يولد من امرأة حسب الجسد، يعيد الجنس البشرى فيه من جديد، لنمجد مريم دائمة البتولية بتسابيح الفرح، التى هى نفسها الكنيسة المقدسة، لنسبحها مع الابن العريس كلى الطهارة».
إما القديس يوحنا الذى ولد فى عام 345 ميلادية بانطاكيا، ورسم عليها بطريركا فى 397 ميلادية وتنيح فى عام 407 ميلادية، وتمثل سيرته وعظاته وكتاباته إيقونة حيّة لحياة الكنيسة الأولى، فقد أعطى العذراء مريم كرامة أكثر من الشاروبيم والسيرافيم، لأنها حوت شمس البر، وولدت الله الكلمة المتجسد، وقد حوت العذراء عوض الشمس شمس العدل الغير مرسوم، ولا تسل هنا كيف صار هذا وكيف أمكن أن يصير الآن، حيث يريد الله فهناك لا يراعى ترتيب الطبيعة، إذ هو إله يصير إنسانا ومع ذلك لا يسقط من اللاهوت الذى كان له، ولا صار إنسانا بفقده اللاهوت، ولا من إنسان صار إلها ينمو متتابع، بل الكلمة الكائن صار لحما».
وهناك لقديس أغسطينوس، الذى ولد فى عام 354 ميلادية، بمدينة تاجست بتونس، وتعلم الفلسفة والقانون وصار محاميا شهيرا، وفى عام 382 ميلادية سافر إلى روما وعاش فى الخطية لزمن ولكن التقى بالقديس أمبروسيوس، وأعجب بعظاته وقرأ الكتاب المقدس، خاصة رسائل معلمنا بولس الرسول فأعجب بها، خاصة فى ربطها العهد القديم بالعهد الجديد، فتغيرت حياته وتجددت بنعمة الله، فتحولت القوة المحترقة شرا إلى قوة ملتهبة حبا، وسيم كاهنا على هيبو بشمال إفريقيا، ثم أقيم أسقفا 395 ميلادية وتنيح فى 430 ميلادية.
ويؤكد القديس أغسطينوس على بتولية العذراء وأكرمها من أجل انتسابها لله» لا نكرم العذراء من أجل ذاتها وإنما لانتسابها لله، لو أفسد ميلاد الرب يسوع المسيح بتولية القديسة مريم، لما حسب مولودا من عذراء، وتكون شهادة الكنيسة الجامعة بأنه ولد من العذراء مريم، شهادة باطلة ويخاطب السيد المسيح قائلا: «عجيبة هى أمك أيها الرب، من يستطيع أن يدرك أعجوبة الأعاجيب هذه عذراء تحبل.. عذراء تلد.. عذراء تبقى عذراء بعد الولادة».

المستحيلات العشرة للسيدة العذراء 
ومن أشهر الكتب عن العذراء كتاب «المستحيلات العشرة للسيدة العذراء» والذى كتبه القمص سيداروس عبدالمسيح، ويمكن تلخيص مضمونه فى أنه يقدم 10 أمور مستحيلة، جمعتها العذراء مريم فى حياتها.
وهى المستحيل الأول: السيدة قط لا تسمى عذراء، والعذراء قط لا تدعى سيدة، وقد تصير العذراء سيدة، لكن من الاستحالة أن تعود السيدة عذراء، ومن المستحيل أن شخصية واحدة يتجمع فيها مسمى العذراء والسيدة «الآنسة والمدام» أما السيدة العذراء فهى الوحيدة التى حوت التباينين وجمعت التناقضين، فهى العذراء لأنها بتول، وهى السيدة لأنها أم، السيدة العذراء ولدت وعاشت وتنيحت عذراء.
المستحيل الثاني: حيث من المستحيل أن يصير الذكر أبا بغير أنثي، وأن تصبح الأنثى أمابغير ذكر، أما السيدة العذراء فهى أم لكن بلا زوج ولا زواج، ليس من الضرورى أن كل إنسان مر على هذا الكون صار فيه أبا أو أخا أو عما، إنما من ألزم الضروريات أن كلا منا صار أولا ابنا، فلكل مولود والد، لكل مولود والده، أما العذراء مريم فوالدة بغير والد، وإن كانت هى مولودة من والد ووالدة، لست أدرى لماذا يقبل غير المسيحيين بكل ترحاب وتجله أن يكون المسيح ابنا لمريم بغير والد، ويرفضون بكل شدة وعنف أن يكون المسيح ابنا لله بدون والدة.
المستحيل الثالث: وإن حبلت العذراء فرضا وهى عذراء، فمن المستحيل أن تدعها الولادة دائمة العذراوية، فمن الجائز أن تجد عذراء حاملا، لكن من الاستحالة أن تجد أما عذراء، اما العذراء فقد حملت، ثم ولدت، ثم ظلت عذراء، وسالومى شهدت.
المستحيل الرابع: إن آدم الأول جُبل من جُبلة، وحواء الأولى خلقت من مخلوق، ومن الاستحالة أن يلد المخلوق خالقه، أما مريم العذراء فقد ولدت خالقها. 
المستحيل الخامس: من الميسور على الأرواح أن ترى الأرواح وترى الأجساد أيضا، ومن المستحيل أن جسدا أو ذا جسد يرى روحا أو أرواحا، أما العذراء فقد أتاحت للأجساد رؤية روحها الطهور بدون جسد، إن البعض يهلل لحلم يرى فيه شخصا مرموقا من العالم الآخر، وماذا لو صار هذا الحلم رؤيا؟
أما ظهورات العذراء فليس من هذا ولا تلك، إنما كانت تجليات، وكأن العذراء نقلت نشاطها من أورشليم السمائية حيث تسكن إلى الأرض حيث نسكن نحن.
المستحيل السادس: لكل روح أن تصعد إلى السماء بعد انفصالها عن الجسد، والذين إلى السماء اختطفوا، كانوا بأرواحهم دون أجسادهم، واللذين إلى السماء صعدا كانا بروحيهما داخل جسديهما مثل أخنوخ، ومن المستحيل أن جسدا يخترق حاجز السماء، أما العذراء فقد صعدت بالروح ثم بالجسد.
المستحيل السابع: من الممكن أحيانا أن عينا تذرف دموع فى أفراح أو فى أحزان فى وقت واحد،لكن من المستحيل أن شخصا يبتهج ويلتهب فى وقت واحد، أما العذراء مريم فقد ابتهجت كإنسانة لقبولها الخلاص، وانفطرت كأم عند رؤيتها صليبه.
المستحيل الثامن: أمومة الأم لابنها تمنع بنوتها له، وزواج العريس من العروس يمنع أخوتها له، ومن المستحيل أن تتجمع الأمومة مع البنوة، والملوكية مع العبودية، والزواج مع الأخوة، أما العذراء الأم هى أيضا ابنة، والعذراء العروس هى أيضا أخت، والعذراء الملكة هى أيضا عبدة.
المستحيل التاسع: لن نخشى على الله إذا دنا منه إنسان، ومن الاستحالة أن يرى الله إنسانا وبعدئذ يعيش، فكيف إذن تصير بطن له مرقدا ومسكنا ومنها يتخذ لذاته جسدا: دما ولحما وعظاما؟، وتلد الجابلة جابلها وتحوى بطن.. غير المحوى؟ أما العذراء فقد ضربت بهذا المستحيل عرض حائطه، لأنها حملت واحتملت النار الآكلة دونما تحترق.
المستحيل العاشر: كبقية كل البشر حبل بالعذراء مريم بخطيئة أبويها الأولين آدم وحواء، وبخلاف كل البشر، حملت ابنة حواء مريم بالسيد المسيح بغير خطية، فالمولودة بالخطية والدة بدون خطية، وهكذا يمكن أن يعد مستحيلا، أن تلد بغير خطيئة من ولدت بالخطيئة، العذراء فلتت بطهارتها وكمالها وقداستها من مخالب الخطية الفعلية، لكنها كأى إنسان لم تنج من أنياب الخطية الجدية التى اقترفتها بيدى آدم وحواء، نحن نرفض الحبل بلا دنس، فالبعض يقولون إن العذراء حبل بها بغير دنس خطايا الأبوين الأولين، رغم تبجيلنا لأمنا العذراء وتقديسنا لعذراويتها الطاهرة، إلا أننا لا نعفيها من براثن خطية آدم، فكأى إنسان وريث لأبويه، ورثت مريم من حواء آثار ونتائج خطاياهما، وإلا فما فائدة دم المسيح إن كان يمكن محو الخطية من كائن أو أكثر بغير دم؟ إنها دونا عن كل البشر ولدت المخلص، لكنها كأى إنسان من البشر تحتاج إلى الخلاص، إنها لم تستثن من أن ترزح تحت ثقل الخطية الأولي، ولكن جهادها الروحى هو الذى نصرها فوق كل الحواجز الروحية والسقطات البشرية.