الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الراوية بين الفانتازيا والجريمة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حينما تمر على رواية تدمر أفكارك وقد جنحت وأبحرت في بحر لجي ليس له قرار، يغوص فيها أبناؤك في مستنقع من الوحل ومداعبة ثوابته، فأعرف أن هناك خللا ما، فثمة فرق بين الخيال وخيال الخيال، وبين تحريك الفكر والعبث، فهناك كتّاب يعبثون بحق في عقول القراء، مستغلين حالة الفراغ بين الشباب وتشبثهم بكل فكرة ماجنة،فهؤلاء لا يجنون إلا تاريخا مزيفا؛ يلتصق بهم أينما ذهبوا وإن تحولت رواياتهم إلى أعمال سينمائية تماشيا مع السوق والكسب السريع والقبض على اللحظة، كما حدث قديما أيام الانفتاح وأفلام العُلب، فقد أصبحت قشورا، كذلك ما نعيشه في بعض الأفلام التي سخرت بعض الأقلام لتكتب الفانتازيا. 
إنها جريمة نفسية، حيث يتأثر الشاب الصغير، ويقلد أبطالها وربما تكون حياته هي الثمن، إن من يكتب هذه النوعية من الكتابة آثم، في تناوله لتجسيد الأبطال.
إن الشباب في السن الصغير ما بين الصبا وعنفوان الشباب، ليستعرض عضلاته، ويجمع قواه، في التقليد والكسب السريع والسطو، وإظهار قدراته أمام الشباب، ومنهم من لا يستطيع ذلك فيجنح إلى الوسوسة القهرية ويصاب بلهوسة وتكوين اعتقادات خاصة به فقط، في محاولة منه لتغيير العالم من حوله، ولا يفكر مرة أن ما قرأه هو محض خيال كاتب يشرع في جريمة حتى يشعر بالنرجسية المزيفة، 
إن للخيال حدودا عندما يتيح له المنطق قدرا من التحقق، وللكاتب أن يحلق فيه كيف شاء؛ لكن دون التوغل، بيد أن كتّاب الغرب يراعون ذلك تماما من الناحية النفسية ومردود ذلك على الأطفال والشباب، لكننا نكتب ولا نبالى وننتج ولا نرى عاقبة الأمور، فالكل لهم مباح، فإذا سئم الشباب من الواقع والعيش فيه، فهل نذيقهم عذاب الخيال المحض، فأتذكر قديما عندما كنا في السن الصغير، كانت أفلام (بروسلي) ذلك الشاب الياباني الذي برع في لعبة الكاراتيه وكان يستخدم عصا بها سلسلة، قمنا على الفور بتقليدها وضرب بعضنا بعضا فمنا من أصيب بعاهات رغم أنها لعبة وليست خيالا، أما عندما يكتب الكاتب روايته ويترك عنان فكره، لا يدري من سيقلد بطله، ومن يرفضه.
هل أدركنا أن ما نشرع فيه من تجسد مثل هذه الروايات إلى عمل سينمائي، أن تُعرض على متخصصين في علم النفس أم نجنح إلى سياسة تكبير الدماغ، حتى نفوق ونصحو على جريمة شنعاء، مثل لعبة الحوت الأزرق والفيل الأزرق وحياتنا تكون زرقاء وسوداء، وقد بعدنا عن ما يسمى بالأدب، ولم يكن قصدي أن نكتب كل الروايات واقعية، بل نكتب في الخيال المباح والذي يعرف حدود العقل،رحمة بشبابنا.