الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

تونس بعد "السبسي".. مواجهة الإخوان وصراع الانتخابات

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مخاوف من تصاعد هيمنة "النهضة" بعد وفاة الرئيس التونسى

سيناريوهات عديدة مطروحة على الشارع التونسى.. ومخاوف من سيطرة "الإخوان"

غياب "السبسى" يتسبب فى إحداث خلل فى موازين القوى السياسية لصالح الأحزاب الشعبوية


بعدما نجح الرئيس التونسى الباجى قايد السبسى فى تحقيق الاستقرار التونسى الداخلى والنأى بتونس عن التحالفات الإقليمية والدولية، وما حققه من توازنات كبيرة انعكست بصورة إيجابية على الحياة التونسية، لكن رحيل الرئيس التونسى يعيد احتمالية تزايد الصراعات التى قد تشهدها البلاد بعد وفاته، خاصة فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية المقبلة فى 15 سبتمبر 2019، وبالاتفاقات المبرمة بين الإسلاميين والعلمانيين.

سيناريوهات عديدة مطروحة على الشارع التونسى، ومخاوف إحداث خلل فى موازين القوى السياسية لصالح الأحزاب الشعبوية، وتتصاعد هيمنة «النهضة» بعد وفاة الرئيس التونسي، فى الوقت الذى تعاقب فيه الانشقاقات داخل «نداء تونس» مما قد تؤدى لإضعاف حظوظه فى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

كان لوفاة الرئيس التونسى الباجى قايد السبسي، الأثر الكبير على المعادلة السياسية الداخلية والخارجية التونسية فى مرحلة الشغور الرئاسي. وبحسب الدستور سيتولى رئيس البرلمان محمد الناصر، منصب رئيس البلاد بشكل مؤقت، والذى سيتولى إدارة مرحلة انتقالية صعبة، ووفقًا للدستور التونسى الصادر عام ٢٠١٤ فى الفصل ٨٤ يتولى رئيس البرلمان منصب الرئاسة مؤقتًا لفترة أدناها ٤٥ يومًا وأقصاه ٩٠ يومًا. وهو ما أعلن عنه رئيس البرلمان محمد الناصر، الذى سيئول له منصب رئيس البلاد مؤقتًا.

وكان للرئيس التونسى الراحل السبسى دور سياسى فى تحقيق الاستقرار التونسى الداخلى والنأى بتونس عن التحالفات الإقليمية والدولية التى توقع بها فى مرمى التبعية، وما حققه من توازنات كبيرة انعكست بصورة إيجابية على الحياة التونسية، ولكن برزت فى هذا الإطار بعد وفاته العديد من التحديات من احتمالية تزايد الصراعات التى قد تشهدها البلاد بعد وفاته، خاصة فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية المقبلة فى ١٥ سبتمبر ٢٠١٩، وبالاتفاقات المبرمة بين الإسلاميين والعلمانيين.


المشهد الداخلى

يُعد الرئيس الراحل السبسى بمثابة ضمانة رئيسية للانتقال السياسى فى مرحلة ما بعد ٢٠١١، كما مثّل عنصر توازن بين مختلف الفرقاء السياسيين وواجهة جلبت التقدير والدعم لتجربة الانتقال الديمقراطي، وكان أيضًا جسر العبور الذى أمن انتقال تونس من موسم الفوضى والخراب الأمنى والسياسى إلى ضفة الاستقرار - النسبى - وتماسك مؤسسات الدولة، كما أنقذ تونس من الوقوع فى سيطرة جماعة الإخوان.

يُذكر أن وفاة الرئيس التونسى السبسى تزامنت مع مرحلة صعبة تمر بها تونس فيما يتعلق بالاستحقاقات الانتخابية الرئاسية والتشريعية، وقد أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فى تونس عن تقديم موعد الانتخابات الرئاسية إلى سبتمبر المقبل بدلًا من يوم ١٧ نوفمبر من عام ٢٠١٩، وفتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية يوم ٢ أغسطس، بينما تبدأ الحملة الانتخابية يوم ٢ سبتمبر المقبل، وحتى إتمام ذلك سيتولى محمد الناصر منصب الرئاسة فى تونس.

وتشهد تونس وتجربتها الديمقراطية مرحلة اختبار جديدة تتعلق أولًا: بكيفية اجتياز المرحلة الانتقالية من الآن حتى انتخاب رئيس جديد للبلاد بأقل ضرر ممكن، والثاني: يتعلق بالقدرة على الحفاظ على التفاهمات الواقعية التى أبرمها الإسلاميون والعلمانيون، وإن كانت هناك العديد من المؤشرات التى تفتح الباب لصراع أشد على السلطة فى ظل وضع سياسى متأزم، من المنتظر أن يشهد المزيد من الغموض خلال المرحلة المقبلة بسبب ضعف أداء النخبة السياسية، واتساع دائرة الصراع على السلطة التى أضحى البعض ينظر إليها كغنيمة فى ظل وضع اقتصادى واجتماعى صعب، وبين فكّيْ واقع إقليمى متقلّب ومضطرب.

لكن المستقبل القريب يبدو حافلًا بالصراعات؛ حيث تتصاعد صراعات حادّة تنتظر الساحة السياسية فى تونس، فبعد رحيل السبسى وجدت تونس نفسها فى مواجهة العديد من الملفات المفتوحة التى أراد حسمها خلال حياته، لكنها ستؤول الآن إلى الرئيس المؤقت والبرلمان، وتخضع لحسابات فاعلين سياسيين متنافسين، وخاصة التعديلات المتعلقة بقوانين الانتخابات، وتظل مسألة تطبيق التعديلات فى قانون الانتخابات معلقة، ورهن رغبة الرئيس المؤقت والبرلمان، لكن حتى فى حال دخول التعديلات حيز التنفيذ وإقصاء عدد من الوجوه، ستشهد الانتخابات الرئاسية تنافسًا حادًا بين مرشحين لهم حظوظ متقاربة، يسعى كل منهم للوصول إلى قصر قرطاج، رغم الصلاحيات المحدودة لرئاسة الجمهورية، والتى قد تكون منطلقًا لتحالف وطنى جامع بين القوى التقدمية لقطع الطريق أمام أى طرف يحاول أن ينفرد بحكم البلاد أو دخول التجربة التونسية حالة من التأزم والاستقطاب الداخلى وعلى مستوى علاقاتها الخارجية.


محاولات الإخوان للسيطرة

فى ظل حالة الارتباك الذى تشهده تونس عقب وفاة الرئيس الباجى قايد السبسي، بدأ مراقبون للشأن التونسى يبدون قلقهم من وصول شخصيات إخوانية إلى كرسى الرئاسة، لا سيما أن الرئيس المؤقت محمد الناصر، يبلغ من العمر ٨٥ عامًا، ويعانى من مشكلات صحية، وعلى الرغم من الخلافات بين الجانبين العلمانى وحركة النهضة التونسية إلا أن الحركة قدمت نعيًا للرئيس التونسى الباجى قايد السبسي، الذى وافته المنية.

وفى مواجهة محاولات حركة النهضة التونسية للسيطرة على البلاد، أسس الرئيس الراحل حركة نداء تونس فى يونيو ٢٠١٢، ومنذ ذلك التاريخ أصبح السبسى الشخصية الأبرز فى الساحة السياسية حين كانت البلاد على حافة الدخول فى حرب أهلية بين المعسكرين الإسلامى والعلماني؛ إلا أن السبسى توصل لاتفاق مع زعيم النهضة راشد الغنوشى لتكوين حكومة كفاءات تصل بالبلاد للانتخابات وصياغة دستور توافقي.

إلا أن عام ٢٠١٣، شهد العديد من الأزمات السياسية وأعمال عنف للعديد من التيارات الإسلامية المتشددة، واتفقت النخبة السياسية التونسية على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية قبل نهاية ٢٠١٤، وفى انتخابات ٢٠١٤ قاد السبسى حزبه للفوز فى الانتخابات البرلمانية، كما فاز السبسى يوم ٢١ ديسمبر ٢٠١٤ برئاسة تونس بنسبة أصوات بلغت ٥٥.٦٨٪، ليصبح أكبر رئيس دولة يتولى مهامه وأول رئيس منتخب بشكل مباشر بعد الثورة، وعلى الرغم من فوز نداء تونس بالانتخابات فإن السبسى عمل على تشكيل حكومة ائتلافية بمشاركة حزب النهضة التونسى بقيادة الغنوشي، وتراجع عن مقولته الشهيرة بأن «النهضة والنداء خطان متوازيان لا يلتقيان»، وهذا الاتفاق جنب تونس حربًا أهلية، وقاد أيضًا البلاد لنيل جائزة نوبل للسلام فى ٢٠١٥، كنتاج لحوار وطني بين الفرقاء.

وعلى الرغم من هذه الانتصارات إلا أن حزب نداء تونس ذو التوجه العلمانى يشهد العديد من الانقسامات والانشقاقات الداخلية، فبعد أن كان يستحوذ على ٨٩ مقعدًا وصل عدد المقاعد البرلمانية إلى ٣٧ مقعدًا على خلفية سلسلة ممتدة من الانشقاقات، بالإضافة إلى تزايد الانتقادات إلى السبسى حول السعى لتوريث ابنه حافظ قائد السبسي، لكنه كان ينفى ذلك، ويقول إن من حق ابنه ممارسة السياسة ولا يمكن إقصاؤه، بالتزامن مع إعلانه عدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة لاعتبارات صحية.

من جانب آخر؛ أكدت حركة النهضة تمسكها باستكمال مسار بناء الجمهورية وتركيز المؤسسات الدستورية فإنها تدعو كل الشعب التونسى بنخبه ومواطنيه إلى الوحدة الصماء واللحمة الوطنية، وتعول الحركة كثيرًا على حالة الاضطرابات الداخلية التى تتعرض لها حركة نداء تونس وتوظيف المشاكل الاقتصادية والسياسية للوصول إلى السلطة، عن طريق توجيه بعض الرسائل المتعلقة بهوية الدولة ومدينتها؛ فى محاولة لطمأنة الشعب أن النهضة فى حال وصولها للرئاسة ستسير على درب السبسى وتجمع الفرقاء، مثلما فعل الرئيس الراحل فى ملتقى باريس عام ٢٠١٣.


سيناريوهات محتملة

لا شك أن تونس مقبلة على مرحلة صعبة بعد وفاة الرئيس السبسي، الأمر الذى سينعكس بصورة كبيرة على مستقبل العلاقة بين الأحزاب الدينية والعلمانية هناك، خاصة أن هذه المصالحة التى تمت بين الجانبين كانت مبنية بصورة كبيرة على تواجد الرئيس، ومن ثم فإن هناك العديد من السيناريوهات المحتملة فى هذه المعادلة المتشابكة بعضها يتعلق بالداخل التونسى والبعض الآخر يتعلق بالأوضاع الإقليمية والدولية، وفيما يلى أبرز تلك السيناريوهات: السيناريو الأول: تراجع حزب نداء تونس فى ظل الانشقاقات الداخلية للحزب، بالإضافة إلى الانعكاسات السلبية للأوضاع الاقتصادية على حياة المواطن التونسى العادي، التى قد تنعكس بصورة كبيرة على إعادة توجيه الأصوات الانتخابية إلى حركة النهضة، خاصة أن بداية حزب نداء تونس كانت قوية وجمعت فى طياتها العديد من القوى السياسية، التى كان أهم أهدافها مواجهة الإسلاميين، ولكن عودة نداء تونس بنفس التأثير لا يمكن أن تكون بصورة مؤثرة خاصة فى ظل هذه الشواهد. السيناريو الثاني: يتمثل فى تمكن حركة النهضة التونسية من توظيف الانشقاقات التى يتعرض لها حزب نداء تونس وتحالفاته الداخلية، لمحاولة الفوز فى الانتخابات المزمع انعقادها فى سبتمبر ٢٠١٩، خاصة فى ظل نخبة سياسية علمانية لا يمكن أن تلبى احتياجات تونس فى هذه المرحلة الانتقالية المضطربة فى ظل الانقسامات الداخلية التى تتعرض لها، كما أن الحالة الداخلية التى سيكون عليها المشهد السياسى فى تونس بعد إنهاء التوافق بين «النهضة» و«النداء» قبل عام من الانتخابات النيابية والرئاسية المقبلة نهاية ٢٠١٩، يسير بدوره نحو تفكك التوافق؛ لأن وثيقتى قرطاج الأولى والثانية باتتا فى حكم المنتهيتين.

السيناريو الثالث: يفترض هذا السيناريو وجود شخصية توافقية تونسية يمكن من خلالها استكمال ملامح التجربة الديمقراطية التى بدأتها تونس، ويتجاوز حدة الخلافات الداخلية إلى بلورة مشهد جديد، وعلى الرغم من صعوبة هذا السيناريو إلا أنه يظل أكثر واقعية فى ظل حالة الخلاف التى تشهدها تونس بين التيار العلمانى والتيار الإسلامي.

وقد أحدثت وفاة الرئيس التونسى «الباجى قايد السبسي» تغييرات جوهرية فى المشهد السياسى التونسي، فعلى الرغم من تتابع الأزمات الصحية التى مر بها الرئيس الراحل خلال الفترة الماضية، وانتشار الشائعات حول وفاته؛ إلا أن غيابه قد انطوى على عدة تداعيات، يتمثل أهمها فى التعجيل بعقد الانتخابات الرئاسية قبل موعدها المقرر، وتصدر القادة الشعبويين للمشهد السياسي، بالتوازى مع بروز دور رئيس الوزراء «يوسف الشاهد»، وحزب «النهضة» الذى أعلن أنه يعيد النظر فى إمكانية ترشح زعيم الحركة «راشد الغنوشي» للرئاسة. فى المقابل، يعانى حزب «نداء تونس» الذى أسسه الرئيس السابق من الانقسامات والانشقاقات المتتالية.

وفى دراسة لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة أشارت إلى أن الانتقال السلس لسلطات الرئيس المنتخب إلى رئيس البرلمان، كشفت احترام كل الأطراف فى مؤسسات صنع القرار فى البلاد للدستور والقوانين المنظِّمة للحياة السياسية، وهو ما أقنع المراقبين المحليين والأجانب بأن رحيل «الأب الروحي» لتونس لن يؤثر بشكل جوهرى على مسار انتظام الأعمال فى تونس، ويتضح هذا من خلال تصريحات عدد من المسئولين التونسيين الذين أكدوا حرصهم على استمرارية العمل فى مؤسسات الدولة بشكل طبيعي، ورغبتهم فى إنجاح المسار السياسى استعدادًا للانتخابات البرلمانية والرئاسية.

وقالت الدراسة التى أعدها الباحث التونسى كمال بن يونس، إن تصريحات الخبراء القانونيين والدستوريين أكدت أن وفاة الرئيس «السبسي» فى هذا التوقيت بعد أيام من بدء العملية الانتخابية وتقدم القوائم الانتخابية بترشيحاتها، أدت إلى إعادة النظر فى مواعيد عقد الانتخابات الرئاسية، وهو ما قد يُحدث اضطرابًا فى المشهد السياسى الحالي، حيث صرح النائب والمقرِّر العام للدستور «الحبيب خذر» بأن المواعيد المقررة للاقتراع سوف تُراجَع، لأن الرئيس المؤقت «محمد الناصر» ينبغى أن يسلم الرئاسة إلى الرئيس المنتخب فى موعد أقصاه ٩٠ يومًا، أى قبل ٢٥ أكتوبر المقبل.

ورجّح الخبير القانونى الدولى والعميد السابق لكلية الحقوق بتونس «الصادق بلعيد» أن يتم تنظيم الانتخابات الرئاسية التى كانت مقررة فى شهرى نوفمبر وديسمبر المقبلين إلى شهر سبتمبر وتأجيل الانتخابات البرلمانية التى كانت مقررة فى ٦ أكتوبر إلى موعد لاحق، وبما أن الدستور التونسى ينص على تنظيم الانتخابات الرئاسية على دورتين على أن يكون للمرشحين فى الدور الأول والثانى حق الطعن، فقد تضطر هيئة الانتخابات إلى تخصيص كامل شهرى سبتمبر وأكتوبر لتنظيم الانتخابات الرئاسية وتنصيب الرئيس المنتخب، على أن يتم تنظيم الانتخابات البرلمانية فى موعدها. وفى هذا الإطار، صرح رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات «نبيل بفون» بأن مجلس الهيئة يناقش أجندة جديدة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بالتشاور مع الرئيس المؤقت «محمد الناصر» والحكومة والأحزاب السياسية، ورجح «بفون» بعد أول لقاء جمعه مع الرئيس المؤقت «محمد الناصر» أن الانتخابات الرئاسية قد يتم عقدها فى منتصف شهر سبتمبر المقبل حرصًا على استكمال الانتخابات البرلمانية فى شهرى أكتوبر أو نوفمبر المقبلين.

ويتوقع أن يؤدى غياب الرئيس الراحل «الباجى قايد السبسي» إلى مجموعة من التغيرات فى المشهد السياسي، والتى يمكن أن تتم الإشارة إليها فيما يلي:


صعود المرشحين الشعبويين

يرى كثير من المحللين أن غياب الأب الروحى للسياسيين العلمانيين ولجيل مؤسسى الدولة الحديثة طوال ٦٠ عامًا الماضية سوف يترك فراغًا سياسيًّا ربما يتسبب فى إحداث خلل فى موازين القوى السياسية لصالح الأحزاب الشعبوية الصاعدة، خاصةً وأن استطلاعات الرأى الصادرة عن مؤسسة «سيجما كونساي» خلال الأشهر الماضية أكدت تراجع الأحزاب التقليدية فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة بما فى ذلك حركة النهضة، وحزب تحيا تونس، والأحزاب الوسطية العلمانية والليبرالية، مثل: حزب مشروع تونس، والحزب الجمهوري.

فى المقابل، رجّحت هذه الاستطلاعات صعودًا متسارعًا لبعض المرشحين الرئاسيين الذين يمكن وصفهم بالشعبويين، مثل رجل الأعمال وصاحب قناة نسمة التونسية ورئيس حزب قلب تونس الذى تم إنشاؤه حديثًا «نبيل القروي»، ورئيسة الحزب الدستورى الحر «عبير موسى» التى يُعتبر حزبها علمانيًّا راديكاليًّا يطالب بحظر أنشطة حركة النهضة، وينتقد سياسة التوافق التى اعتمدها «الباجى قايد السبسي» وحكومتى «الحبيب الصيد» و«يوسف الشاهد» مع الحركة خلال الأعوام الماضية.


تراجع حزب «نداء تونس»

شهدت الأشهر الماضية عدة انشقاقات داخل حزب «نداء تونس» الذى أسسه «الباجى قايد السبسي» عام ٢٠١٢، حيث انقسم الحزب إلى جبهتين: المنستير، والحمامات، وتصاعد الجدل حول دور أبناء الرئيس الراحل «الباجى قايد السبسي» داخل الحزب، ويخشى القياديون فى حزب «نداء تونس» من أن تؤدى وفاة الرئيس وتعاقب الانشقاقات داخل الحزب فى إضعاف حظوظه فى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، محذرين من تصاعد أدوار بعض الأحزاب الدينية مثل النهضة.


تصاعد هيمنة «النهضة»

ارتفعت شعبية الرئيس الراحل «الباجى قايد السبسي» مجددًا خلال العام الماضي، بعدما أعلن القطيعة مع قادة حزب النهضة الإسلامي، وأعلن أنهم يقومون بعرقلة سياسات التحديث بسبب موقفهم المعارض لمشروع قانون المساواة فى الإرث، وتعديل قانون الأحوال الشخصية ليواكب القوانين الغربية، ومن المتوقّع أن يؤدى غياب الرئيس «السبسي» عن المشهد السياسى وامتلاك النهضة للأغلبية البرلمانية بعد تفتت الكتلة البرلمانية لحزب نداء تونس إلى صعود هيمنة حزب النهضة على المشهد السياسي. وفى هذا الإطار، حذر العضو السابق للهيئة العليا للانتخابات «سامى بن سلامة» من إمكانية أن تقوم النهضة بالضغط على رئيس الجمهورية المؤقت «محمد الناصر» للتوقيع على التعديلات المدخلة على القانون الانتخابي، والتى رفض «الباجى قايد السبسي» التوقيع عليها قبل وفاته، كما طرحت حركة النهضة فكرة إمكانية ترشيح «راشد الغنوشي» للرئاسة بعد وفاة «السبسي».


بروز دور «الشاهد»

وصف الرئيس الراحل «الباجى قايد السبسي» ابنه الروحى السابق رئيس الحكومة «يوسف الشاهد» مرارًا بالمتمرد، ووصف حكومته الجديدة بـ«حكومة النهضة»، وهو ما اعترض عليه «الشاهد» رافضًا الاتهامات الموجهة إليه بخدمة مصالح «النهضة»، كما حرص المقربون من «يوسف الشاهد» على تأكيد مواقفه الحداثية، ووفائه لمرجعيات المصلحين الحداثيين وبينهم عدد من أفراد عائلته الذين كانوا مقربين من الرئيس الأسبق «الحبيب بورقيبة» مثل الزعيمة النسائية «راضية الحداد»، وزعيم المعارضة الليبرالية فى عقدى السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى «الحسب بن عمار»، وهو ما يعنى حرص «الشاهد» على تقديم نفسه كشخصية ليبرالية، وفى الوقت نفسه الحفاظ على علاقاته مع حزب النهضة الذى يشكل معه حكومة ائتلافية تضم يساريين، وإسلاميين، وليبراليين، وبعض المنشقين عن حزب «نداء تونس». وفى هذا السياق، يرى بعض المحللين أن «يوسف الشاهد» وأنصاره قد يتحسن وضعهم، وربما يبادر رئيس الحكومة «يوسف الشاهد» بترشيح نفسه للرئاسة مستفيدًا من علاقاته مع العديد من الأطراف السياسية ومن بينها بعض قيادات حركة النهضة، بالإضافة إلى شعبيته بسبب محاربته للرشوة، والفساد، والتشدد مع الإضرابات غير القانونية.