السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

ألمانيا تضغط لتوسع أوروبا شرقًا في البلقان.. برلين تسعى لحماية الدول السبع من النفوذ الروسي والتركي والصيني.. وفرنسا تتحفظ

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

دعا «جاسيك تشابوتوفيتش» وزير الخارجية البولندى فى حفل افتتاح قمة غرب البلقان فى مدينة بوزنان بغرب بولندا يوم ٤ يوليو ٢٠١٩، إلى إعادة تنشيط العلاقات مع دول غرب البلقان، وفتح مفاوضات انضمامهم مرة أخرى إلى الاتحاد الأوروبي؛ حيث أوضح «إن إدراج هذه الدول فى التيار الرئيسى للتكامل الأوروبى سيكون مثمرًا بالنسبة للاتحاد الأوروبى بأكمله مع توسع مجال القيم المشتركة»، وذلك فى ظل رفض بعض الدول الأوروبية مثل فرنسا، ودعم دول أخرى مثل ألمانيا. والجدير بالذكر؛ أن كرواتيا أول دولة من بين الدول السبع لمنطقة غرب البلقان تنضم للاتحاد الأوروبى فى يوليو ٢٠١٣، فيما ترتكز علاقاتها مع الاتحاد على التعاون الثنائي، والمساعدة المالية، والحوار السياسى والعلاقات التجارية والتعاون الإقليمي.


دوافع الدعم الألمانى للانضمام دول البلقان

سعت «أنجيلا ميركل» المستشارة الألمانية إلى طمأنة دول غرب البلقان التى تطمح إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى بأن هناك دعمًا قويًا لعملية الانضمام فى الاتحاد الأوروبي، وذلك فى سياق حالة التباين وعدم التوافق الأرووبى على توسيع عضوية الاتحاد ليشمل باقى دول البلقان التى ما زالت تواجه تحديات سياسية واقتصادية على الصعيدين الداخلى والخارجي. ترغب ألمانيا وعدد من دول أوروبا الشرقية فى ضم جميع الدول الأوروبية تحت مظلة الاتحاد الأوروبي، لدعم عمليات الاندماج والتكامل، لضمان الاستقرار والتنسيق المشترك بينها فى عدد من الملفات المثارة، فضلًا عن التصدى للتهديدات والمخاطر الناجمة عن التحولات الإقليمية والدولية المتلاحقة. كما تكمن مخاوف برلين من استمرار بقاء دول المنطقة بعيدًا عن سياسات الاتحاد الأوروبى لفترات بعيدة الأمر الذى يجعلها فرصة لروسيا وتركيا والصين لاكتساب نفوذ جديدة لها فى العمق الأرووبي. فعلى سبيل المثال وظفت موسكو العلاقات الثقافية والدينية مع دول غرب البلقان مثل صربيا للتقرب منها، وخلق حلفاء جدد لها فى أوروبا، بالإضافة إلى محاولة تركيا الانغماس فى المنطقة من خلال التواصل مع المسلمين فى المنطقة من خلال تعزيز الروابط الثقافية والدينية والتعليمية، بينما تسعى الصين إلى التعاون الاقتصادى والتقنى فى جميع أنحاء غرب البلقان، باستثناء كوسوفو التى ترفض استقلالها والاعتراف بها.


استراتيجية الاتحاد فى دعم التكامل مع دول المنطقة

أطلق الاتحاد الأوروبى عملية تحقيق الاستقرار والانتساب إليه (SAP)، فى عام ١٩٩٩، كميثاق للاستقرار، ولدعم التكامل التدريجى لدول غرب البلقان مع الاتحاد؛ حيث تتمثل أحد الأهداف الرئيسة لبرنامج SAP فى تشجيع بلدان المنطقة على التعاون فيما بينها عبر مجموعة واسعة من المجالات، بما فى ذلك محاكمة جرائم الحرب، وقضايا الحدود واللاجئين، ومكافحة الجريمة المنظمة.

وقد تم استبدل المثياق فى ٢٠٠٨ ليحل محله نمط جديد للتقارب يتجسد فى دعم العلاقات الثنائية التعاقدية (SAAs) لدعم التعاون السياسى والاقتصادى بينهم، وإنشاء مناطق تجارة حرة مع البلدان المعنية. استنادًا إلى المبادئ الديمقراطية المشتركة وحقوق الإنسان وسيادة القانون، كما يساهم SAA فى إنشاء هياكل تعاونية دائمة، ويشرف عليه مجلس الاستقرار والانتساب، الذى يجتمع سنويًا على المستوى الوزاري، لمراجعة تطبيق الاتفاقية المعنية وتنفيذها. ومع تطبيق SAA مع كوسوفو فى أبريل ٢٠١٦، أصبحت SAAs الآن سارية مع جميع دول غرب البلقان والبلدان المرشحة المحتملة.

وفيما يتعلق بشروط عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي؛ هناك عدد من الشروط الواجب توافرها فى الدول الراغبة فى الانضمام إليه، فضلًا عن ضرورة اعتراف الدول الأعضاء بها كعضو مرشح، وعليه يجب على الدولة المرشحة اعتماد وتنفيذ جميع تشريعات الاتحاد الأوروبى (المكتسبات المجتمعية). كما يجب التصديق على معاهدة الانضمام من قبل البرلمان والمجلس قبل التصديق عليها من قبل جميع الدول المتعاقدة. تتلقى الدول المرشحة والبلدان المرشحة المحتملة مساعدات مالية لتنفيذ الإصلاحات اللازمة.

وعليه تشارك دول غرب البلقان فى عدد من الأطر الإقليمية؛ حيث تم منحهم إمكانية السفر بدون تأشيرة إلى منطقة شنجن لمواطنى جمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة (الآن جمهورية مقدونيا الشمالية)، والجبل الأسود وصربيا اعتبارًا من ديسمبر ٢٠٠٩، ولمواطنى ألبانيا والبوسنة والهرسك اعتبارًا من نوفمبر ٢٠١٠. فى يناير ٢٠١٢، بدأ حوار حول تحرير التأشيرة مع كوسوفو. وفى سبتمبر ٢٠١٨، دعا البرلمان الأوروبى إلى إمكانية فتح المفاوضات الانضمام لكوسوفو.


المرشحون لعضوية الاتحاد الأوروبى

تنقسم دول منطقة غرب البلقان إلى دول مرشحة للعضوية ودول محتملة للانضمام؛ حيث الفرق بينها فى التقدم المحرز على المستوى السياسى والاقتصادى داخليًا، ومدى قدراتها على الالتزام بقيم الاتحاد وسياساتها التعاونية.

أولًا- الدول المرشحة للانضمام

١- ألبانيا؛ تقدمت بطلب للحصول على عضوية فى ٢٨ أبريل ٢٠٠٩. معربة عن التزامها بسياسات الاتحاد، وبدأت فى تنفيذها وفقًا للمعايير السياسية والاقتصادية علاوة على احترامها للقيم الإنسانية. وفى عام ٢٠١٢، لاحظت المفوضية الأوروبية هذا التقدم الأمر الذى دفعها إلى التوصية بمنح ألبانيا وضع المرشح للانضمام، كما وافق المجلس الأوروبى على إمكانية فتح مفاوضات الانضمام مع ألبانيا فى يونيو ٢٠١٩.

٢- جمهورية مقدونيا؛ طالبت بعضوية الاتحاد فى مارس ٢٠٠٤، ومنحت وضع مرشح فى ديسمبر ٢٠٠٥. ومع ذلك، لم تتمكن من فتح مفاوضات الانضمام، نتيجة النزاع مع اليونان على استخدام البلاد لاسم «مقدونيا». ولكن مع حل النزاع عبر «اتفاق Prespa» الذى دخل حيز التنفيذ فى فبراير ٢٠١٩، ونتج عنه تغير اسم الدولة إلى «شمال مقدونيا»، وافق المجلس على إمكانية فتح مفاوضات الانضمام فى يونيو ٢٠١٩.

٣- الجبل الأسود؛ نالت استقلالها فى عام ٢٠٠٦ للحصول على عضوية الاتحاد، فى ديسمبر ٢٠٠٨. تم منحها وضع المرشح، فى ديسمبر ٢٠١٠ تم فتح مفاوضات الانضمام. ولكن ما زالت معلقة حتى الآن نتيجة استمرار التفاوض حول بعض الإصلاحات المتعلقة بالنظام القضائي، والحقوق الأساسية، والحرية والأمن والعدالة.

٤- صربيا؛ طالبت بالانضمام فى ديسمبر ٢٠٠٩، ومنحت وضع المرشح فى مارس ٢٠١٢، وتم افتتاح مفاوضات الانضمام رسميًا فى ٢١ يناير ٢٠١٤. ولكنها ما زالت معلقة ولم يتم حسمها حتى الآن.

ثانيًا- الدول المحتملة للانضمام

١- كوسوفو؛ تعد من أهم المرشحين المحتملين للانضمام، وقد أعلنت استقلالها من جانب واحد فى فبراير ٢٠٠٨. واعترفت بها جميع الدول الأعضاء باستثناء (قبرص واليونان ورومانيا وسلوفاكيا وإسبانيا)، كما مُنحت حق الدخول إلى منطقة شنجن فى يونيو ٢٠١٢. ومع تبنيها سياسات داخلية متوافقة مع الاتحاد، أقر البرلمان الأوروبى الدخول فى مفاوضات معها فى سبتمبر ٢٠١٨.

٢- البوسنة والهرسك؛ طالبت بالانضمام ولكن تم تجميد دخولها حيز التنفيذ، نتيجة فشل الدولة فى تنفيذ سياسات خاصة بحقوق الإنسان واتباع نظام اقتصادى مماثل؛ وقدمت الدولة طلب عضويتها فى ١٥ فبراير ٢٠١٦.

ختامًا؛ يعد الأساس المنطقى لرفض الدول الأعضاء فى الاتحاد توسيع نطاقه ليشمل منطقة غرب البلقان، كونه نابعا من التحفظات والتباينات الحادة بين الدول الأعضاء، ولكنه لا يعد سياسة عامة للاتحاد.