الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

"نيرودا".. نداء الحب

نيرودا
نيرودا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يكن الشعر بالنسبة للشاعر التشيلي العظيم بابلو نيرودا مجرد تعبير عن العواطف والمسائل الشخصية، بل هو "نداء عميق يتعالى في الإنسان ومن هناك ينبعث الطقس الديني والترانيم وكذلك محتوى الديانات" وهذا ما أكده نيرودا في كتابه "ذكريات عام "1974.
كان يشعر باليأس والوحدة والحب، والتي ظهرت في قصائده الشهيرة "عشرون قصيدة حب وأغنية يأس" الكتاب الذي أوصل صاحبه إلى المحافل العالمية وأعطاه شهرة واسعة حيث استحق جائزة نوبل عام 1971؛ وفي كتابه "شعر بابلو نيرودا" الصادر عام 1979 قال رينيه دي كوستا عن الشاعر العظيم: "تم اعتباره ذات مرة بأنه بيكاسو الشعر، بتلميح إلى قدرته السريعة لأن يكون على الدوام في طليعة التغيير، وكان هو نفسه قد ألمح مرارا إلى نضاله الشخصي ضد نمطه، وإلى حاجته المستمرة للبحث عن نظام جديد في كل كتاب يكتبه".
ولد نيرودا في قرية صغيرة تقع وسط شيلي في الثاني عشر من يوليو 1904، ليبدأ كتابة الشعر في سن العاشرة، ونشر أولى محاولاته الأدبية "مقالة" عام 1917، دخل نيرودا مدرسة الليسيه الخاصة بالصبية حيث تابع دراسته هناك حتى أنهى الصف السادس في دراسة العلوم الإنسانية، فى تلك الفترة تعلَّم حب الطبيعة من خلال رحلاته بالقطار بين الأشجار الخضراء، وكانت هذه المنطقة في الماضي ساحة للمعارك بين المستعمرين ممتلئة بالبرد والرطوبة يحدها واحد من أنقى المحيطات وهو المحيط الهادي، سببًا في الإحساس باليأس وشعوره بالوحدة والحب.
مجموعته الشعرية الأولى "إقامة في الأرض" 1933 قدم فيها رؤيته، عن ولادة الفاشية الأوروبية، ولقد تنكر للديوان خلال فترته الماركسية، إلا أنه عاد عام 1960، ووافق على ضم بعض قصائده؛ وقد زار الشاعر التشيلي كوبا 1942، وقرأ هناك ولأول مرة قصيدته "نشيد حب إلى ستالينجراد" التي مجد فيها الجيش الأحمر وقتاله في ستالينجراد، التحق نيرودا بالحزب الشيوعي، وفي عام 1945، انتخب نائبا، وقام بمهاجمة الرئيس كونزالس فيديلا في الجرائد، وهرب إلى المكسيك إثر استلام الجناح اليميني المتطرف لمقاليد الحكم، وسافر إلى الاتحاد السوفيتي، واستقبل بحفاوة، وتنقل في معظم بلدان أوروبا الشرقية، وقد شكل الاتحاد السوفياتي لنيرودا بلدا مهما حيث المكتبات والجامعات والمسارح مفتوحة للجميع. وقال عنه الناقد الأمريكي هارولد بلوم "لا يمكن مقارنة أيّ من شعراء الغرب بهذا الشاعر الذي سبق عصره".
وكتب نيرودا في منفاه "النشيد الشامل" 1950، وهو عمل مؤلف من 340 قصيدة، ناقش فيها تاريخ أمريكا اللاتينية من خلال وجهة نظر ماركسية، وأظهر معرفته العميقة بتاريخ وجغرافيا وسياسات القارة، وكانت الموضوعية المركزية هي النضال من أجل العدالة الاجتماعية.