تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
أحيان كثيرة تمر على الإنسان وهو يحس بالكآبة تسيطر على كل مناحي حياته .. فيشعر كأن عقارب الساعة توقفت وأن الدماء في شرايينه تجمدت وأنها نهاية الكون من شدة الهم والغم والكرب العظيم .
وتتكالب عليه المصائب من كل صوب وحدب ، وأرجوكم لا تسألوني معنى صوب وحدب ، فيستسلم لحالة اللا موت واللا حياة .. فيفقد حاسة تذوق طعم الأيام .. وفجأة وبدون سابق إنذار نستفيق من حالة "الموت الإكلينيكي" هذه على وقع أمل جديد يعيننا على بداية جديدة مع هذه الدنيا التي هي في الأساس دار بلاء .
وهنا تتبدل الأحوال وتعود الابتسامة ويدرك الإنسان أنه كان في غاية القسوة على نفسه بل وعلى من حوله .. ولعل هذه الحالة هي جوهر الابتلاء الذي يختبر به المولى جل في علاه قدرتنا على الصبر والاحتمال .
فإذا كان الله قد أعطانا الصحة أعواماً كثيرة فلماذا لا نصبر على المرض .. وإن كان يسر لنا الرزق الواسع فكيف لا نطيق ضيق الحال .. وإن كان أنعم علينا بالقرب ممن نحب فلماذا لا نصبر على الفراق خصوصاً وأنها سنة الحياة بل أنها الحقيقة المؤكدة الوحيدة في عالمنا، فلا أحد منا يعلم إن كان سيتزوج ام لا سيغتني أم لا سيفرح أم لا لكننا جميعا على يقين بأن الموت هو مصيرنا المحتوم فعلينا أن نتعامل مع الدنيا كعابري سبيل وهذه بالمناسبة ليست دعوة لليأس بل لتقدير أفضل للأمور .
كل هذه الخواطر قفزت على رأسي وأنا أتابع المشهد الحالي الذي يمر به أعزاء كثيرون من حولي قد أصابهم ما أصابهم من الحزن والغضب على ابتلاء قدره الله لهم ، فوجدتني أسأل نفسي لماذا "تسود" الحياة في عيوننا ونحن لازلنا على قيدها .. ولماذا نفقد الأمل ورب الكون لا يغفل ولا ينام .. ولماذا لا نحاول مرة واتنين وعشرة أن نقترب للسعادة حتى لو قررت هي أن تعطينا ظهرها .. ولماذا لا نعيش على أمل أن "يلعب الزهر" معنا ، وبالمناسبة أصبح كل حلمنا أن يفارقنا الزهق يوماً واحداً .. فساعتها ستجد كل من حولك يغني ويتراقص على أنغام "آه لو لعبت يا زهر" ، فلا يجب ان نسمح للكآبة أن تسيطر علينا وأن تغرقنا في تفاصيلها التعيسة .
هيا بنا نفرح .. هذه دعوة لكل من ضاقت الدنيا أمامه وأصبحت كـ"خرم إبرة" وكل من تكاتفت عليه الهموم والغيوم .. وكل من فقد الأمل في أن تبتسم له الحياة .. فرغم قسوتها فإن بها ما يستحق أن نعيش من أجله .. ولا يجب أن ينسينا الحديث عن القبح أن هناك جمال لا نراه .. فاليأس آفة الحياة وفيروس السعادة .
وقتها سترتفع المناعة النفسية لدينا وستدب روح النشاط في أوصالنا وسنواجه أي مصيبة أو كارثة بصدر رحب حتى لو من باب "ياما دقت على الرأس طبول" .. فدعونا نبدأ من جديد ونحاول الاستمتاع بالحياة رغم صعوباتها .. ونعلي قيمة الابتسامة على أي شعور آخر .,. فالابتسامة هي سر الوجود وهي تعبير عن السمو على كل السخافات .. وكما يقولون : لو أن الشيطان ، الله يحرقه بجاز وسخ ، ابتسم لما طرد من الجنة .
فلو ارتفعت الأسعار ابتسم وأنت تقاوم الغلاء بالاستغناء .. ولو فقدت عزيزاً اصبر واحتسب وأنت تدعو له بالرحمة .. ولو انخفضت درجة الحرارة أو ارتفعت ابتسم وحاول تستحمى إذا كنت محظوظاً ووجدت ماء في الحنفية .. وياريت تقول لي رأيك بعد كدة .
مسك الختام
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ