الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

إحياء حكاية امرأة استثنائية في "سلطانة القاهرة"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في باكورة أعمالها الروائية "سلطانة القاهرة"، التي صدرت بالفرنسيّة عام 2016 وانتقلت حديثا إلى اللغة العربية عن "دار هاشيت أنطوان – نوفل" بترجمة أدونيس سالم، تعود الكاتبة السورية ديما دروبي إلى الحفر عميقا في التاريخ لإعادة إحياء حكاية امرأة استثنائية طواها النسيان، وهي شجرة الدر.
وتمزج ديما دروبي بين تاريخ حقيقي وآخر متخيل للبناء السردي لتصير روايتها، إلى جوار سردها لحياة تلك المرأة تأريخا حيا لفترة زمنية تميزت بالمكائد والمؤامرات الداخلية وعصر اتسم بالاضطرابات والانتصارات على السواء.
واختارت ديما دروبي محور روايتها الأيام الأخيرة لشجرة الدر، وهي تعيش توتراتها النفسية، مدخلا لاسترجاع شريط حياتها كاملا.. فتعيدنا الكاتبة إلى الأمكنة الأولى لهذه الشخصية الثرية.
وعبر سرد الكاتبة عن ذات البطلة كـ "امرأة" وليس كـ"سلطانة"، ما مكن من إضاءة زوايا جديدة في حياة هذه المرأة، وتتوغل الكاتبة داخل نفس السلطانة، لتكشف مواطن ضعفها وقوّتها، وقلقها وطمأنينتها، وهزائمها وانتصاراتها.
وتقوم الرواية حول محور رحلة شجرة الدر التي لم تخل من الإثارة والمكائد والعثرات، منذ كانت طفلة قتل المغول عائلتها وأبادوا قبيلتها كاملة، إلى جارية عند أكبر تجار الرقيق في مدينة بغداد، لينتهي بها المطاف زوجة للأمير الأيوبي الصالح نجم الدين أيوب وحاكمة للمسلمين بعد وفاته.
منعطفات درامية كبيرة شكلت حياة الجارية الشابة، ما وضعها أمام اختبارات صعبة، بدأت بمحاولة جارية ولي عهد الخليفة العباسي "ورد الورود" في التخلص من شجرة الدر التي اشتراها الخليفة لولي عهده من أجل انتشاله من سطوتها، كذلك زواجها من الصالح أيوب المنفي إلى شمال البلاد والمعزول عن ولاية عهد والده بفعل مكائد زوجة الأخير التي نصبت ابنها وليا لعهده، الحدث الذي بلور ذكاء هذه المرأة الاستثنائية سياسيا.
وتخوض شجرة الدر صراعها السياسي والنفسي في سعيها من أجل إعادة زوجها سلطانا على مصر مرة أخرى، ببراعة وقوة حدس، بعد معارك ونزاعات وتحالفات سياسية وعسكرية، كانت طرفا رئيسيا فيها.
والرواية توضح تأثير الجواري على أصحاب القرار في تلك الحقبة.. وكيف ساعد ذلك مكانة شجرة الدر في تعزيز دورها كعلامة فارقة في تاريخ النساء المؤثرات في مجتمعاتهن بشكل عام.
واستطاعت الروائية إحياء هذه المرأة القوية وإرادتها الحديدية دون المس بأنوثتها متبعة نصيحة الكاتبة فاطمة المرنيسي التي كتبت "سلطانات منسيات" وشددت على دور المرأة العربية نفسها في إحياء ذاكرة النساء الخارجات عن المألوف في تاريخنا وإيصالها إلى العالم والأجيال الجديدة.
يشار إلى أن نمط الرواية التاريخية يسمح بإحياء الأحداث التاريخية وإمرارها إلى الجمهور بطريقة سلسة، وهي وسيلة لهواة هذا النوع من الروايات لمعايشة أجواء تاريخية خاضها الأبطال بمشاعرهم وقراراتهم.
ولقيت الرواية اهتمام الجمهور الفرنسي ووسائل الإعلام بحكم اطلاعها على دور امرأة مصرية في القيادة خلافا للفكرة السائدة عند الغرب عن النساء الشرقيات، فخصصت عدة وسائل إعلام فرنسية برامج ثقافية لمناقشة العمل الأدبي الذي ينتصر لقيم لا يعلم الغرب أنها موجودة في تراثنا.
وعلى غلاف الرواية نقرأ: "طفلة ذات عينين زمردتين اختطفت من السهوب القوقازية، بيعت عبدة لتعيش جارية في حريم أمير بغداد، فاتنة تشع شغفا وإغراء. امرأة قادت الجيش المصري وسطرت بجرأتها وبسالتها هزيمة الملك الفرنسي العظيم لويس التاسع. أمة انتهت سلطانة على مصر وسوريا. تبوأت عرش السلطنة. وكرس حكمها سيطرة المماليك على مصر.. تلك هي شجرة الدر التي لا تعرف الخوف ولا تهاب أحدا.
امرأة من مجد. أمة نفضت عن أكتافها مظلوميتها بذراعها وتلحفت بالغار والحرائر والجواهر، عظمة المرأة عظمة الشرق وكنوزه هذا ما تحتفي به ديما الروبي وهي تروي الأحداث التاريخية والوقائع الموثوقة، في نص ينبض بالحياة والشاعرية وكأنه حكاية من حكايات ألف ليلة وليلة".
والكاتبة ديما دروبي ولدت في بيروت وعاشت في دمشق حيث نالت شهادة جامعية في الصيدلة، ثم انتقلت إلى باريس لتنال شهادة mba من معهد enpc، وتقيم حاليا بين باريس والدار البيضاء مكرسة وقتها للقراءة والكتابة، تحلم بقصص بطلاتها عظيمات نساء التاريخ العربي الإسلامي وتجسد رغبتها بالكتابة الرومانسية التي تمزج بين الخيال والوقائع التاريخية.