الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

وزيرة البحث العلمي الأسبق: «السيسي» لديه رؤية للتطوير.. «عبدالناصر» كان يكلف العلماء بالأبحاث.. فينيس كامل: كُرمت من ثلاثة «رؤساء» لمصر.. والبيروقراطية والأنانية تعوقان عمل الباحثين

 الدكتورة فينيس كامل
الدكتورة فينيس كامل جودة في حوارها للبوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تاريخ طويل فى مجال البحث العلمى، ومشاكله وقضاياه، تحمله فوق عاتقها، الدكتورة فينيس كامل جودة، أول وزيرة للبحث العلمى فى مصر عام 1993، ولمدة 4 سنوات، وثالث امرأة تفوز بجائزة النيل فى مجال التكنولوجيا المتقدمة العلوم الأساسية، حصلت على دكتوراه من الجمعية الملكية البريطانية العلمية كأول امرأة عام 1994، واختيرت للتكريم من ضمن عشر سيدات من منظمة العالم الثالث للمرأة فى مجال العلوم والتكنولوجيا، وصنفت فى الترتيب السابع ضمن عشرة علماء مصريين من بين أهم 909 على العالم عام 2015، وتم اختيارها كخبيرة دولية لدى المفوضية الأوروبية لتحكيم وتقييم المشاريع والتقارير العلمية منذ عام 2002.
كما أنها المرأة الوحيدة فى مجال البحث العلمى التى تم تكريمها من قبل ثلاثة رؤساء فى مصر، وتعتبر أول سيدة فى مصر يتم منحها درجة الدكتوراه فى العلوم، وقدمت براءتى اختراع إحداهما فى مجال الترسيب الكهربى لفلز التيتانيوم وسبائكه، واشترت حق الاستغلال شركة أمريكية وقامت بتسجيله فى الولايات المتحدة الأمريكية و12 دولة أوروبية أخري، والثانية فى مجال حماية حديد التسليح من التآكل، عن مشاكل البحث العلمى فى مصر وأبرز معوقاته وأسبابها وكيفية مواجهتها، تتحدث «فينيس» لـ«البوابة نيوز» فى الحوار التالي:



■ ما تقييمك للبحث العلمى حاليًا؟
- نحتاج أن نصنع قفزات، فالآن ترتيبنا جيد فى الأبحاث العلمية، لكن كل هذا لا يوجد به تطبيق أو تكنولوجيا تفيد البلد، ولا إنتاج وطنى من البحث العلمى، فالأساس خدمة كل المجالات، الصناعة والزراعة، ونحن نعمل بصورة خاطئة فسخرنا كل جهودنا فى أمور سطحية، وتركنا الحرية كاملة للباحثين فى اختيار ما يشاءون دون وجود رقابة أو تكليف، فالمعروف أن توجه الدولة باحتياجاتها فى أمور معينة ويعمل عليها الباحثون، لكن طوال الفترة الماضية كل باحث يفعل ما يحلو له، بالتالى أصبح لدينا أبحاث سطحية والكثير منها غير قابل للتطبيق، والقابل للتطبيق لا يجد من ينفذه، وهذا بسبب الحرية الزائدة للباحثين، والمطلوب الآن أن نعمل على أبحاث سابقة التسويق بمعنى يكون من احتياجاتنا الضرورية نوجه به الباحثين وفور الانتهاء منه يتم التنفيذ فى المصانع، وهذا سيحقق التنمية المستديمة.
■ معظم الباحثين لديهم شكوى من أن رجال الأعمال لا يقبلون على منتجاتهم؟
- هذا الكلام نصفه صحيح، لكن هناك رجال أعمال فى حال عرض عليهم المنتج، يطلبون دراسات الجدوى والسوق، حتى يتمكن من تحقيق ربح، وهذا لا يهتم به بعض الباحثين، وبالتالى لابد من ربط البحث العلمى بدراسات السوق، حتى نستطيع توفير منتج وطنى بجودة عالية وسعر رخيص، والدليل أن أمريكا أصيبت بالذعر عندما غزتها الصين بمنتجات رخيصة، مما جعل الدولة الأمريكية تتبنى إنشاء مراكز لتطوير التكنولوجيا، لخدمة الصناعات، حتى تعمل على تطويرها، وتوفير المنتجات الوطنية، بسعر منافس، وأنا لا أعرف لماذا لا ننفذ هذا وننشئ مركز تكنولوجى فى كل مدينة صناعية يخدم عليها ويطور منها ويحل مشاكلها، ويكون هناك روابط بين المصانع والباحثين، نحن الآن ينقصنا العمل فى فريق، وهذه ثقافة غير موجودة لدينا وهناك قوانين تعرقل عمل الباحثين فى فريق.


■ ما المعوقات التى تقف أمام الباحثين؟
- البيروقراطية أحد الأسباب الأساسية المعوقة للبحث العلمي، ولابد تسهيل الإجراءات وتيسير التعامل دون تعقيد، ولابد كما قلنا من سياسة واضحة للمدى القريب والمدى البعيد، حتى عندما تتغير القيادات لأى سبب من الأسباب تسير هذه الخطط دون تغيير، ولكن للأسف ما لدينا غير ذلك فدائمًا الخطط والسياسات مرتبطة بالأشخاص.
■ بحوث المركز القومى للبحوث غير قابلة للتطبيق، رغم مرور ٦٠ عامًا على إنشائه؟
- الدولة تصرف على البحث العلمى منذ عشرات السنين، لكننا كنا نسير فى الطريق الخطأ، فأهملنا التنمية التكنولوجية التى بدونها أصبحنا غير قادرين على المنافسة والتطور، فأى دولة فى العالم تريد النهوض تعتمد عليها، التقيت فى اليابان وزير البحث العلمى لديهم فى فترة التسعينيات أثناء عملى كوزيرة للبحث العلمى، وقال لى: «سخرنا جهودنا طوال الـ٢٠ عاما لتطوير التكنولوجيا والإلكترونيات، وأرسلنا البعثات فى كل مكان، حتى أصبح لدينا علماء تمكنوا من اللحاق بالتطور المهول، وأصبح لدينا منتجات عالمية منافسة، وتركنا الاعتماد على البحوث الأساسية والمستقبلية»، لكن هنا فى مصر اعتمدنا على البحوث الأساسية، وهذا غير صحيح، رغم وجود علماء على قدر كبير من الكفاءة.


■ ما الحل من وجهة نظرك؟
- الحل موجود فى خطة الدولة ٢٠٣٠، وهى بارقة أمل كبيرة، وبها طموحات وتطلعات كبيرة لخدمة الوطن، لكن لتحقيق هذا لابد من التطبيق الجيد، ووضع تشريعات للثواب والعقاب للباحثين، لكنها تحتاج إلى إعادة نظر وتضافر جهود مختلفة، حتى يصبح البحث العلمى خادمًا لكل المجالات الصناعة والزراعة والكهرباء والمياه وغيرها.
■ هل لديك نقد لاستراتيجية ٢٠٣٠؟
- نعم.. لكنى متفائلة جدًا، كتبنا استراتيجيات كثيرة جدًا من التسعينيات، لكنها لم تطبق لعدم وجود دعم سياسى أو مالى، أما الآن فالرئيس السيسى يدعم التكنولوجيا والتطور، وكل اللى أقدر أقوله إنها وضعت فى معزل كبير عن القاعدة العريضة للبحث العلمى، وكانت تحتاج إلى حوار على مستوى أعلى، خرجت تفتقد التعاون بين كل الأطراف، وأيضا عدم وجود سياسة للثواب والعقاب والمتابعة، فالاستراتيجية التى أمامنا الآن كلها عناوين لملفات تهم الوطن وتحقق له النهوض، لكن تفتقد أساسيات التعاون والتنفيذ، لازم كل ملف أقول فيه ما نحتاجه فى كل ملف، وأنا تواصلت مع مسئولين لإبلاغهم بهذه الأمور.


■ ماذا لو طبقت الخطة على وضعها الآن؟
- لن تحقق الطفرة المطلوبة منها، دون مجاملة لا يعقل أن تتابع الحكومة خطة وضعتها، لابد أن يكون أشخاص محايدون غير حكوميين على مستوى عال من الخبرة، يتابعون ويقيمون تحقيق المنشود أو لا، ويساعدون فى وضع خطط لتعديل المسار وتلبية احتياجات التطور، نحتاج الآن لإعادة هيكلة البحث العلمى، وأفضل أن يعين وزير متخصص للبحث العلمى، ليخلق منظومة قوية تسير بخطوات كبيرة، أما الآن هناك حالة من العشوائية، هناك دول عينت وزير الدفاع مسئولا عن البحث العلمى، لضبط هذه المنظومة، والنتيجة أصبحت من أوائل الدول فى هذا المجال.
■ هل هناك إرادة سياسية لتطوير البحث العلمى؟
- كبير جدًا، فعندما كرمنى الرئيس السيسى، بمنحى جائزة النيل، قلت له: «شكرا لدعمك للعلماء، وأرجو دعم التنمية التكنولوجية»، فرد وقال حاضر، والرئيس فى كل أحاديثه أشعر أن لديه رؤية للبحث العلمى، أيضا لا يتحدث فى أى ملف إلا بعلم ودراسة، وهذا بشرة خير، أن يكون لدينا رئيس يتحدث بدراسات وأبحاث.


■ ما الفرص التى إذا تمكنا من العمل عليها ستعمل على تحقيق نهضة بحثية؟
- تصنيع وتطوير الخلايا الشمسية، فهى طريق كبير للنهوض، وعندنا علماء أكفاء، قادرين على تطويرها، فنحن الآن نعمل ببطئ نتيجة ارتفاع أسعارها، فدخول البحث العلمى، فيها ممكن أن يخرج تكنولوجيا وطنية، وهذه موضوعة فى استراتيجية ٢٠٣٠، لكن هل آليات التنفيذ تساعد؟
■ ما الثروات الطبيعية الموجودة فى باطن الأرض؟
- مصر غنية بالذهب، استخدم القدماء المصريون الموجود على سطح الأرض، وهناك الكثير منه موجود فى طبقة عميقة من الأرض تحتاج إلى دراسات حديثة تحدد أماكنه، وأيضا هذا مكلف ماليا، ويمكن تسخير «معهد الاستشعار عند بعد»، لتحديد هذه الأماكن، وأنا أنصح بعدم الاعتماد على رأى الأجانب لأنهم كثيرا ما يضللونا عن خيرات بلدنا، حتى لا نستفيد بها، وكل ما علينا هو تكليف الهيئات المختلفة للبحث والتنقيب، أيضا لدينا الكثير من المعادن مثل البرونز والفوسفات والرصاص والرمال السوداء، والأهم الآن استخراجها وتصنيعها وتصديرها مواد مصنعة، وليس مواد خام. ولدينا كنز أيضا وهو النباتات الطبية، فهى خامة مهمة لتصنيع الأدوية، ولدينا نباتات عشبية تنبت شيطانى، ويتم تصديرها لألمانيا، وأرى أن يتم تصنيعها هنا، بالاشتراط على المستوردين بإنشاء مصانع لهم هنا فى بلادنا، حتى نتمكن من معرفة طرق التصنيع، مثلما فعلت ماليزيا، أو تكليف البحث العلمى لوضع بحوث للتصنيع. وسيناء من قديم الزمن تعتبر أول مجمع للذهب كانت فيها، وكانت مدينة متكاملة لصناعات واستخراج الذهب فى العالم كله، أيام الفراعنة، والآن بها الكثير من المعادن المهمة مثل الرصاص الزنك والنيكل والنحاس، من عمل مدن صناعية كاملة تخدم على استخراج هذه المواد.


■ تعاملت مع عبدالناصر والسادات ومبارك، مَـنْ منهم اهتم بالبحث العلمى؟
- جمال عبدالناصر، كان يقدر العلماء ويهتم بالتطوير، وكان دائما يكلف المركز القومى للبحوث ببعض المهام من أجل تطوير السلاح والمعدات الحربية، فهو كان يعرف قدر العلم، وكان هناك عيد للعلم، وهو كرمنى بعد حصولى على الدكتوراه.
وفى عهد السادات حصلت على جائزة الدولة التشجيعية فى مجال الكيمياء عام ١٩٧٣، لكن كان هناك حالة من التراجع فى المجال.
وتعاملت مع مبارك، فور تعيينى وزيرة للبحث العلمى، وقال لى «اسمك غلبنا»، وكان يستمع جيدا ويوافق على الخطط التى تفيد ويكون لها عائد.
■ هل تعاملتى مع السيدة سوزان مبارك، قرينة الرئيس الأسبق؟
- لديها الكثير من الإيجابيات برغم ما يتردد عنها، وكان لى موقف شخصى معها، طلبت منى تبسيط العلوم لاستخدامها فى كتب مهرجان القراءة للجميع حتى يتمكن الأطفال من فهمها، وهو ما حدث.