الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

الشيخ محمود الشحات: أتعجب من شهرتي الواسعة ولم أسع لها أبدا.. أتمنى قراءة القرآن في مكة.. كلام الله "يمشي في الدم".. وبريطاني هجم علىّ أثناء تلاوتي ليُقبل يدى

الشيخ محمود الشحات
الشيخ محمود الشحات في حواره للبوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
صاحب حنجرة ذهبية كما لقبه مستمعوه ووصفوه بأنه صوت من الجنة، فكان سفيرا للقرآن فى كل بقاع الأرض التى تلى فيها الآيات القرآنية، هو الشيخ محمود الشحات أنور، عرف بحلاوة صوته وقوة حنجرته، وصوته الرنان الذى يخلب الألباب، قرأ فى لندن فانتزع لقب قارئ العالم الأول، بحسب وصفه، فأصبح أحد أشهر قراء القرآن الكريم فى مصر والعالم العربى، كما نال شعبية كبيرة عن جدارة.
يروى الشيخ محمود الشحات أنور لـ «البوابة نيوز»، فى سلسلة حلقات «أهل المدد»، عن محطات فى رحلته مع قراءة القرآن الكريم، فكان الحظ حليفه فى بداية نشأته بأسرة قرآنية، فهو ابن الشيخ محمود الشحات قارئ القرآن منذ الستينيات، وشقيق الشيخ الشحات الصغير الذى تعلم منه الكثير فى قراءة القرآن، إلى نص الحوار:


■ لنشأتك دور مهم حدثنا عنها؟
- بالفعل كل إنسان يتطبع بما تربى ونشأ عليه، فأنا ابن الريف المصرى مواليد عام ١٩٨٤ بقرية كفر الوزير التابعة لمدينة ميت غمر بمحافظة الدقهلية، حفظت القرآن عن طريق أبى الشيخ الشحات أنور، رحمة الله عليه، فكنت أخرج مع والدى إلى الإذاعة والتليفزيون مرة، وأخى المستشار محمد مرة، والشيخ أنور أخى الكبير مرة، فتربينا على التردد على الإذاعة وسماع أبى وهو يتلو الآيات القرآنية.
كانت للقرآن بصمة كبيرة فى حياتى وفى معرفتى بوسطية الإسلام ومنهجه القويم، فوالدى قدم ما يجعله قدوة لمن بعده من القراء، وعلى يديه ومن خلال القصص التى كان يرويها لى، عشقت قراءة القرآن وأصبح لدىّ شغف كبير للالتحاق بهذا العالم.
■ هل تتذكر أول مرة تلوت فيها القرآن أمام الجمهور؟
- لا أستطيع نسيانها وأراها دوما أمام عينى فكانت عندما بلغت ١٠ سنوات، كان والدى يصطحبنى لأقرأ القرآن أمام الناس فى المسجد يوم الجمعة، لكن أول قراءة رسمية لى أمام الجمهور كانت فى المسابقة الدولية للقرآن الكريم فى مصر، فى ليلة القدر، والتى حصلت على مركزها الأول، وحصلت على جائزة من الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك وقتها، وفى عامى الثانى عشر، حصدت المركز الأول فى المسابقة الدولية للقرآن الكريم بجمهورية مصر العربية، وأكملت دراستى بالأزهر الشريف، وأيضا حصدت بعد إتمام دراستى على الدكتوراه الفخرية من الأكاديمية الأمريكية فى نيويورك، نظرًا لتأثير صوتى فى المجتمع.
■ كنت بعيدا عن ساحة القراء وفجأة ظهرت وبقوة حدثنا عن ذلك؟
- كان عمرى ١٤ عاما، وطلبت وزارة الأوقاف بعض القراء الجدد، وكان والدى وصديقه الشيخ أبوالعينين شعيشع، يستمعان باستمرار لقراءات الأطفال، فأصبح لديهما معرفة مسبقة بالأطفال أصحاب الأصوات الجميلة فى التلاوة، وفى ذلك الوقت طلب منى الشيخ شعيشع التقدم لامتحانات الأوقاف، وقال لأبي: إننى أتمتع بصوت عذب وجميل ولا مثيل له وعليه أن يخوض التجربة، فاقتنع والدى بالفكرة وتقدمت للجنة الاستماع فى الوزارة ونجحت وفزت بالمركز الأول.

■ كان سفرك للخارج أمرا مهما، فكيف عشت ذلك؟
- لا أستطيع نسيان اللحظات الأولى إطلاقا فهى بالنسبة لى حياة أخري، فأولى سفرياتى كانت إلى بريطانيا، لقراءة القرآن ومن فضل الله حققت نجاحا غير عادى، ولم أعرف كيف سمعونى وعرفوا اسمى بهذه الدرجة، إلى أن البعض من الأجانب اعتنقوا الإسلام بعد الاستماع لإحدى تلاواتى ففرحت جدا لقوة تأثيري، وما زالت لحظات الفرح تغمرنى كلما تذكرت هذه الرحلة.
■ كيف ترى دراسة المقامات الموسيقية، وهل تؤثر بشكل سلبى فى قدسية القراءة؟
- «ليس منا من لم يتغن بالقرآن»، هذا حديث عن رسول الله، فأنا مع ذلك جدا لأن القراءة الصحيحة بالصوت العذب تظهر القراءة بشكل لكونها من القلب، فأنا على سبيل الذكر لم أدرس ذلك ولكنه بصوتي، وهناك بعض القراء يعتقدون فى ضرورة دراسة الموسيقى والمقامات وطرق رفع وخفض الأصوات وغيرها، حتى يتمكنوا من قراءة القرآن بصوت جميل، وهذا أمر خاطئ فى رأيي، لأن الأساس فى قراءة القرآن، الموهبة والصوت الجميل، بالإضافة إلى إحساس القارئ بالكلمات التى تُقال، بجانب الاستماع لشيوخنا الكبار الذين تعلمنا منهم أصول القراءة ومخارج الحروف، كل هذا يكفى القارئ ويجعله لا يحتاج لدراسة الموسيقى ليقرأ القرآن، بل إننى أعتقد أن تلك الدراسة يمكن أن تأتى على المقرئ بطريقة عكسية وتجعل الناس تنفر من سماعه، لأن الكثير من المستمعين لا يحبوا النغم فى كلمات القرآن، ولكن أحيانا يتوجب علينا استخدام النغم فى القراءة.
■ كيف ترى دور الكتاتيب سابقًا والوقت الحالي؟
- من تعلم فى الكتاتيب عرف أصول القرآن الكريم، كان والدى يأخذنى لحفظ القرآن فيها، مع مجموعة من الشيوخ العظماء بقريتنا، فقد كان لوالدى الفضل الأكبر فى تحفيظى القرآن ولم يكتف بحفظى للكلمات والآيات القرائية فقط بل صمم على تعليمى تجويده وتلاوته، وكان يتابعنى باستمرار ويصلح لى من أخطائى حتى أصبحت جديرًا بتلاوة القرآن.


■ ردود الأفعال من الجمهور والمواقف مختلفة ومتعددة أثناء قراءتك القرآن فكيف تتصرف مع أغرب المواقف التى تتعرض لها؟
- نصحنى والدى أن يكون كل انشغالى وتركيزى فقط مع التلاوة، لذلك كثيرًا ما أفاجأ عند مشاهدتى حفلات لى بمواقف لم ألاحظها أثناء التلاوة نفسها، فتركيزى كله يكون فى إخراج أفضل ما لدىّ فى قراءة القرآن الكريم، فأذكر مرة من أغرب المواقف كنت فى لندن فسمعنى أحد الأشخاص هناك، وبعد أن انتهيت وجدته يجرى علىّ ويقبل يدىّ ورجلي، فعرفت أنه بريطانى مسلم، لكنه يسمع القرآن الكريم لأول مرة فى حياته، وكان ذلك سببًا فى هدايته، وبدأ يصلى بعدها، فذلك الأمر أكثر ما يزيد خشوعى أثناء تلاوتى للقرآن، ومرة أخرى اتصل بى أشخاص مغاربة يعيشون فى فرنسا، أخبرونى بأنهم اعتنقوا الإسلام وبدأوا يصلون ويصومون بعدما سمعونى أقرأ القرآن فى إحدى الفضائيات، وحدث نفس الأمر مع أناس آخرين فى مصر.
■ «قارئ العالم الأول» هكذا لقبك الجمهور فكيف ترى ذلك؟
- الألقاب عبارة عن معان جميلة ومحبة خالصة من الجمهور، والجمهور أطلق على لقب قارئ العالم الأول فى لندن، وهو المفضل لدىّ، كما أن والدى قال لى: سيكون لك شأن عظيم، والحمد لله نحن مستعملون لتبليغ كتاب الله، وهذه منة ونعمة منه سبحانه وتعالى أتمنى أن يديمها.
■ قارئ القرآن الأول كيف يقضى أيام حياته؟
- أتنزه وأركض، فقيل فى الحِكم: «العقل السليم فى الجسم السليم»، لذا أمارس الجرى والمشي، لكن ليس بشكل مستمر، لانشغالى الدائم، بعملى الذى يأخذ وقتى بالكامل، وبالرغم من ذلك أخرج للفسحة مع زوجتى وأبنائى فى المصايف والمسارح فالفن غذاء للروح، وأنا أساعدهم فى تلقى العلم وانتهاء موادهم الدراسية.


■ شهر رمضان له طابع خاص عندك فكيف تقضى أيامه المباركة؟
- نعم أيامه معدودة بالفعل، لذا أكون حريصًا على زيادة القرب والصلة مع الأرحام والأصدقاء والأحباب فى أيامه العامرة، ومن المواقف التى لا أنساها فى هذا الشهر الفضيل، ما حدث فى عام ٢٠٠٠ حين فزت بمسابقة دولية لقراءة القرآن فى مكة المكرمة، وعمرى حينها لم يتعد ٢٢ عامًا، والفضل فى ذلك يرجع لله ثم للشيخ عبدالحكيم عبداللطيف، أستاذ علم القراءات الذى كان ذاهبًا للمسابقة وأصر على أن يأخذنى معه وأقدم فيها، وبالفعل ذهبت وقرأت، وكان القراء يقرأون ٣ دقائق فقط، لكنى قرأت حوالى ٢٠ دقيقة دون أن يقاطعنى أعضاء اللجنة، وكان الطلبة الذين أتوا من كل أنحاء العالم يصفقون لى، ما لفت أنظار لجنة التحكيم بأن صوتى لاقى استحسانهم، فنجحت.
■ ما علاقتك بالإذاعة والتليفزيون فى مصر؟
- إلى وقتنا هذا لم يطلب أحد منى رغم انبهارهم بصوتى أن أسجل الأدعية أو الأذان أو أتلو القرآن فى مصر، ولكنى فى رمضان أسافر إلى العديد من الدول مثل إيران ولبنان، فالإذاعة والتليفزيون هناك دائمًا ما يطلبونى باستمرار للتلاوة فيهما، لكننى أقوم بتلبية الدعوة من مساجد كبرى فى مختلف أنحاء الجمهورية للقراءة فى الفجر والجمعة، ودعوات أخرى لإحياء العديد من الحفلات القرآنية.


■ استقبلتك دول العالم استقبالا حافلا.. هل تتذكر أبرزها؟
- فى عام ٢٠١٠ وجدت استقبالا غير عادى عند نزولى من الطائرة فى لندن، وجدت الشباب والرجال فى انتظارى بأعداد كبيرة أمام صالة الوصول، ولافتات تحمل اسمى بشوارع لندن لأول مرة تحدث مع قارئ، ووجدت القنوات الفضائية لديهم تأتى للحديث معي، ولا أنسى استقبالى المشرف الذى وجدته فى لبنان، فكان فى استقبالى وفد به قيادات دينية وشعبية، وأيضا عسكرية، فكنت مأخوذا ومسرورا للغاية، وعرفت شرف أن تحمل القرآن الكريم، وأيضا إندونيسيا تم استقبالي، وفى لندن بمدينة «برمنجهام»، قامت الشرطة بتأمينى حفاظا على حياتى من المطار إلى الفندق، وذلك لم يحدث إلا مع المسئولين بالدولة، وفى فرنسا تم استقبالى بمراسم ترحيب، بالهليكوبتر، لمدة ساعة فوق جزيرة بعيدة كمراسم لاحتفالى بالوصول، وعند زيارتى للمملكة العربية السعودية قامت المملكة بالحرم المكى والحرم المدنى بمنحى درعا وتكريما خاصا لجمال صوتى وطلاقتى فى القراءة، وهذا أكثر الإهداءات التى أسعدتني، لأن هناك فى الحرم المدنى لم يسمح بالقراءة إلا من خلال موافقة الملك، وهذا ما حدث، وداخل مصر لم يسعد قلبى غير رؤية الشباب الذى يستمتع بصوتى وينصت لكل كلمة، وهذا ما أتمناه لنفسى طيلة العمر.
■ هناك أماكن لم تقرأ فيها بعد؟
- «مكة»، إلى الآن، لم أقرأ بمكة ولم أقرأ إلا بدعوة رسمية، وفى مصر لم أقرأ فى مناسبات وطنية إلى وقتنا هذا، وأنا أتمنى تقديم أشياء وطنية تساعد الدولة ويكون لى دور مهم فى دعم الوطن.
■ ما علاقة احتساء المشروبات الساخنة بقراءة القرآن؟
- دعينى أستطيع أن أتحدث بعد هذا السؤال فالضحك كاد أن يدمع عيناي.. فأنا نفسى لا أعرف ما علاقة احتساء تلك المشروبات بقراءة القرآن، النعناع والينسون، فتلك المشروبات مفيدة للمعدة وليست للحنجرة، لكن الزنجبيل أحتسيه فقط مرة كل أسبوع؛ لأنه يساعد على نظافة الأحبال الصوتية الضعيفة، أنا أحتسى فقط ماء ساخنا قبل قراءة القرآن.