الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

فرنسا أعلنت الحرب ضد الجماعة الإرهابية.. رئيس حركة النهضة التونسية يغازل الغرب تحت مزاعم «الهوية الإسلامية الجديدة»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد أيام من زيارة غير معلنة للرئيس التونسى الباجى قائد السبسي، إلى فرنسا، أعلن المكتب الإعلامى لحركة النهضة، الذراع السياسية للإخوان الإرهابية، عن توجه رئيس الحركة إلى باريس.


وتهدفت الزيارة بالأساس لمناقشة فكرة حظر الإخوان التى طالب بها خمسين نائبًا بالبرلمان الفرنسي، وحاول «الغنوشي» إقناع شخصيات عامة بتغيير الجماعة فى الآونة الأخيرة وانسلاخها عن كافة أفكارها المتشددة.
وبحسب الحركة، فإن الزيارة بدأت من ١٤ مايو الجارى وتنتهى يوم ٢٠ من الشهر نفسه، وتمت برفقة وفد مكون من رفيق عبدالسلام (صهر الغنوشي) المكلف بالعلاقات الخارجية فى الحزب، وعضوى مجلس نواب الشعب حسين الجزيرى وكريمة التقاز، وعضو المكتب التنفيذى رضا إدريس، كريم عزوز مسئول الحركة بفرنسا الشمالية، وتتضمن الزيارة لقاءات مع مسئولين فى الرئاسة ورئاسة الحكومة ووزارة الخارجية والبرلمان ومجلس الشيوخ الفرنسى ومجموعة من رموز السياسة الفرنسية.
التسويق لـ«النهضة»، تم عن طريق تنظيم ندوة بالمؤسسة الفرنسية للعلاقات الخارجية، تحت عنوان «الوضع التونسى فى محيط مضطرب»، أدارها الدكتور جيل كيبل؛ للتأكيد على عراقة واستراتيجية العلاقة بين تونس وفرنسا، ودعوة فرنسا الاستثمار فى الديمقراطية والاستقرار لأن فى ذلك مصلحة للبلدين؛ بما يعنى تراجع باريس عن اتخاذ أى موقف معاد لـ«النهضة» والإخوان عمومًا.
يأتى ذلك بالتزامن مع دعوة النائبة الفرنسية ليديا جيروس، التى وقع عليها أكثر من ٥٠ من البرلمانيين الجمهوريين، ورئيس منطقة باكا رينو موسيلير، للرئيس إيمانويل ماكرون إلى محاربة الإسلام السياسى، من خلال إعلان «الإخوان كمنظمة إرهابية»، وحل المنظمات المرتبطة بها مثل ائتلاف مسلمى فرنسا (UOIF سابقًا).

من قبل، كان «راشد الغنوشي»، يروج للحركة بأنها تحظى بدعم إقليمى ودولي، الأمر الذى أغضب عددًا من قيادات الحركة، الذين طالبوه بعدم الاطمئنان لهذا الدعم، مؤكدين - فى رسالة له - أن الأحداث السياسية أكدت عدم وجود تغييرات فى الوضع الإقليمى والدولى تبرر أو تدعو إلى هذا التحول فى موقف الحركة، وأن الجار الغربى لم يبد منه إن كان مرتاحًا لنتائج الانتخابات البلدية أو انفراد النهضة بالحكومة أم لا.
اعتقاد «الغنوشي» بوجود مساندة خارجية، جعلته لا يرى مانعًا فى تقدم الحركة نحو السلطة، وحتى فى تقديم مرشح منها للرئاسة، فى حين جاءت كلمة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، مغايرة لمعتقدات رئيس «النهضة»، خاصة وصفه لمواقف الحركة تجاه المساواة فى الميراث بـ«الظلامية».

ووجه «ماكرون» رسائل ضمنية لـ«النهضة» خلال افتتاح القمة الفرانكفونية فى دورتها الـ١٧ بالعاصمة الأرمينية «يريفان» فى أكتوبر ٢٠١٨، إذ شهدت كلمته على الجانب الآخر دعمًا لافتًا، وغير مسبوق للرئيس الباجى قائد السبسي، إلى جانب ما تضمنته من مُفردات وأوصاف منها عبارة الظلامية.
وزادت تصريحات «ماكرون» من مخاوف الحزب الإخواني، حين قال إن فرنسا وكل الدول الأعضاء فى المنظمة سيقفون بجانب الرئيس «السبسي» ضد «أولئك الذين يريدون سجن قارة بأكملها فى قراءة مشوهة للدين».
يعتمد «الغنوشي» فى جولاته الخارجية، على إثبات الهوية الإسلامية الجديدة للحركة، بدا متخذًا من النهضة نموذجًا لحركة إسلامية مرجعيتها لم تتغير، حسب وصفه، ثم يسترسل فى غسل سمعة الحركة، وتأكيد احترامها للمساواة والأقليات واحترام الديمقراطية، ويتطرق إلى أن «النهضة» لا يقدّم نفسه باعتباره مجرّد حزب يسعى للسلطة وممارسة الحكم فحسب، وإنّما ينطلق فى ذلك من مشروع فكرى يؤصّل للتوافق بين قيم الإسلام والديمقراطية.
تطرّق الغنوشى إلى أن الخلاف السياسى بين الإسلاميين فى تونس والأطياف الأخرى، ما زال يُدار فى الفضاء السياسى تحت قبة البرلمان بآليات ديمقراطية، فى متاجرة مفضوحة منه وزعم مكشوف بأن ما يجرى من استقطاب حاد تشهده تونس يتم بآليات ديمقراطية لا تعتمد على المغالبة.

ويتحدث عن أن بعض الأطراف السياسية التى لا تزال تصرّ على عدم تبادل الاعتراف بالحركة، وعلى التعامل معها باعتبارها ملفًا أمنيًّا وليست حزبًا سياسيًّا، بالتزامن مع فتح القضاء التونسى مسألة الجهاز السرى للنهضة ووجود اتهامات صريحة من قوى المعارضة وعلى رأسها «التحالف الشعبي» بوقوف إخوان تونس خلف اغتيالات المعارضين وعلى رأسهم شكرى بلعيد ومحمد البراهيمي.
وكان لـ«الغنوشي» جولة سابقة فى العام ٢٠١٤، زار خلالها العاصمة الفرنسية باريس؛ وعقد عددا من اللقاءات مع فعاليات من المجتمع المدنى فى فرنسا؛ لدعوة المنظمات هناك إلى الاستمرار فى دعم تونس فى تجربة انتقالها الديمقراطي.، والتى أفرزت بالأخير عن حكومة ترأسها «النهضة»

بدوره، قال الباحث السياسى التونسي، نزار مقني،إن جولات «الغنوشي» تؤكد أن النهضة تفعل كل شيء اليوم لتستثمره سياسيًّا فى تونس، موضحًا أن الزيارات الخارجية لرئيس «النهضة» تأتى على خلفية التغيير فى نظرة المجتمع الدولى من الإسلاميين منذ سنة ٢٠١٤.
وأضاف لـ«البوابة» أن الحركة تسعى لإثبات أنها ليست إخوانية، وأنها داعمة لخيار الحكم فى إطار ديمقراطي، وبإمكانها الدفاع عن المصالح الغربية فى البلاد، مشيرًا إلى أن الطريقة مكنتها من حجز مقعد متقدم ضمن الائتلاف الحاكم؛ خاصة بعد الانقسام فى حزب نداء تونس، وتحالفها مع كتلة نيابية داعمة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد.
ولفت إلى أن النهضة فى تونس تريد الحكم والبقاء فيه؛ لأن ذلك سيمكنها من تنفيذ سياساتها ونظرتها وحماية تنظيمها من خلال الدفاع عن مصالح الغرب فى تونس، مما جعل «الغنوشي» يزور إيطاليا وفرنسا وغيرها من دول الغرب، لطمأنتهم أن مصالحهم لن تتأثر. 

من جانبه، قال محمد الحبيب الأسود، القيادى السابق فى حركة النهضة، إن زيارة فرنسا تأتى ضمن نظرة الحركة للوضع الدولى الذى ما فتئ يتطور فى غير مصلحة الحركات ذات الأصول الإسلامية، ووجودهم تحت ضغوطات وإكراهات أملاها عليهم فشل الإخوان فى الإطاحة بالنظام البعثى فى سوريا، وفشلهم أيضا فى الحفاظ على الحكم فى مصر، واعتبارا لحساسية مرحلة التحول الديمقراطى فى تونس، مع النظر للوضع الإقليمى وما يجرى فى الجوار.
وأضاف فى تدوينة على صفحته الخاصة بـ«فيسبوك» أن قادة الحركة ذهبوا فى مؤتمرهم العاشر إلى إعلان تحوّل جديد بالتخلى نهائيا عن الإسلام السياسى وعن الصفة الدينية اللاصقة بهم، وإعلان الحركة كحزب سياسى مدنى وديمقراطي، يعتمد فى مرجعيته القيم الكونية ومبادئ حقوق الإنسان، ويتفاعل إيجابيا مع العلمانية، عسى أن يُحدث ذلك قبولا لدى المشارب الفكرية الأخرى التى ربما تجتمع معهم على برنامج سياسى مشترك.
ولفت إلى أن جذور انتمائهم التاريخى للتنظيم الدولى للإخوان، والإخوان مهددون اليوم بالتصنيف ضمن التنظيمات الإرهابية لدى الإدارة الأمريكية، وكذلك فى مشروع يعمل عليه مجلس النواب الفرنسى لتقديمه للرئيس ماكرون، وفشل تجربتهم فى الحكم على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى ١٠ حكومات، جعل رصيدهم للبقاء فى السلطة يتضاءل، ومخاطر إقصائهم تتكاثر.
وتابع: «هذا الأسبوع تتزامن زيارة الغنوشى لفرنسا، مع زيارة المشير خليفة حفتر بدعوة من الرئيس الفرنسي، الذى يدعم الجيش الوطنى الليبي؛ رئيس النهضة يريد درء الإقصاء عن حركته، ومحاولة إقناع الأطراف الدولية بحقيقة التحول المدنى للنهضة وبانسلاخها عن التنظيم الدولى للإخوان، وتلك هى دلالة الزيارة فى هذا الظرف، خاصة أن المشير خليفة حفتر يعتبر النهضة حركة إرهابية، ودليله فى ذلك موالاة الحركة لتركيا وقطر اللتين تدعمان الجماعات المسلحة بالمال والسلاح والمرتزقة».