الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

سيد طنطاوي شيخ المجددين

سيد طنطاوي
سيد طنطاوي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مرت تسع سنوات على رحيل شيخ الأزهر سيد طنطاوى، وما تزال آثاره ومناقبه حية نابضة فى الوجدان، تحمل الدلالات وتكشف عن المسيرة والمسار الذى خطه الراحل، فالرجل الذى ولد فى محافظة سوهاج فى عام 1928، وتوفى فى السعودية يوم 10 مارس 2010، قدم جل عمره فى خدمة الإسلام والمسلمين، وعرف بالتواضع والتسامح، وحاز حبًا جارفًا من الجميع مسلمين ومسيحيين، والمتابعون لمسيرته لمسوا ذلك فلم يذكر طوال فترة حياته أنه أخطأ مرة واحدة سواء بالقول أو الفعل فى حق مسيحيى مصر، وربطته علاقة مودة حقيقية وليست مصطنعة مع القيادات المسيحية، كما أن الأزهر بأساتذته وعلمائه وطلابه يعترفون بفضله فى تطوره وبالعمل على الارتقاء بمستواه العلمى والدينى. 
صوت التسامح والحوار وضد العنف والإرهاب.. أثرى المكتبة الأزهرية بمؤلفاته وخطبه
توفى شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوى عن عمر يناهز ٨١ عامًا إثر نوبة قلبية تعرض لها فى مطار الملك خالد الدولى، والشيخ سيد طنطاوى يعد عن جدارة صوت الإيمان والتسامح والحوار، شيخ المجددين فى بداية الألفية الثالثة، والذى سار على درب شيوخ وعلماء الأزهر المجددين من أمثال الشيخ شلتوت والشيخ مخلوف حسنين والشيخ عبدالحليم محمود ومحمد عبده. برؤيته الثاقبة للتجديد ومراعاة المستجدات وقراءة التراث قراءة عصرية تمثلت فى رؤيته لأعمال وفوائد البنوك التى تبناها بعد ذلك مجمع البحوث، ورأيه فى قضية النقاب وأنه ليس مفروضًا، وإباحته زراعة الأعضاء وتبرعه بأعضائه.
ليس هذا فقط بل عمل على تجديد المناهج فى الأزهر وأثراها بمؤلفاته التى ملأت المكتبة الأزهرية فى لغة عصرية سهلة بعيدة عن الحشو والتعقيد وكثير من القضايا الجدلية التى لا تقوى أفهام التلاميذ على استيعاب عباراتها التى وردت ببعض كتب التراث.
كما خلص كتب المعاهد الأزهرية من جميع القضايا التى تدعو للتشدد والتعصب أو الاحتقان الطائفى فى رؤية وبصيرة نادرة سابقة لعصره وزمنه وللأحداث التى نعيشها الآن. ما يجعلنا ندعو إلى إعادة النظر فى هذه الكتب التى يسرت كتب التراث وقررتها لطلاب المعاهد الأزهرية فى الفقه والتفسير والعقيدة إضافة إلى ما كان يمتلكه الراحل رحمه الله ويتميز به من قدرات دعوية خطيبًا ومحاضرًا ما يجعل من محاضراته فى ندوة للرأى والمراجعات الفكرية ما يستحق التأمل والدراسة.
قضية المرأة
«الإسلام يساوى بين الرجل والمرأة فى ستة أمور، هي: أصل الخلقة، والتكاليف الشرعية، واعتناق الفضائل واجتناب الرذائل، وطلب العلم، والعمل الشريف، وأخيرا الكرامة الإنسانية»، بتلك الكلمات كان شيخ الأزهر السيد طنطاوى يدافع عن حقوق المرأة فى المحافل والندوات.
ويعد الإمام الراحل نصير المرأة فى المجتمع المصرى، فهو أول من أجاز للمرأة شرعا تولى رئاسة الدولة، وأكد أن المرأة لها حق الترشح والانتخاب وولاية القضاء، وأنه لا يتفق مع من ينكر على المسلمات حقوقهن السياسية.
وقال إن من حق المسلمة البالغة العاقلة فى الشريعة أن تباشر الانتخاب وأن تنتخب من تشاء، بل إن لها أن ترشح نفسها للمقاعد النيابية العليا، وأكد حق المرأة فى تولى القضاء، قائلًا: «لم أجد نصًا يمنع المرأة من ولاية القضاء».
وكان الإمام الراحل المدافع الأول عن قضية تجريم الختان فى مصر، وكان دائمًا ما يؤكد أن ختان الإناث لم يأتِ ذكره فى القرآن أو السنة النبوية، وأن الختان فى الإسلام للرجال فقط، وقال: «من وجهة النظر الدينية لم أجد شيئًا يقول إن الختان واجب للنساء».
وأيد شيخ الأزهر قانون محكمة الأسرة الجديد، قائلًا: «إن القانون بجميع مواده جاء مطابقًا للشريعة الإسلامية، وإنشاء محكمة جديدة للأسرة وإصدار قانون خاص بها يعد خطوة جيدة، والمحكمة ستكون قادرة على سرعة الفصل فى الحكم التشريعى، والوصول إلى العدل فى أقرب وقت ممكن».
وعندما سُئل عن الاستعانة بالمرأة فى لجنة الفتوى، قال: «لو طلبت لجنة الفتوى بالأزهر الاستعانة بالمرأة فلا مانع من ذلك».
حوار الأديان
حول اتهام العرب والمسلمين بالإرهاب أكد الدكتور طنطاوي أن هذه التهم غير صحيحة، لأن شريعة الإسلام تصون دماء الناس، وتصون أموالهم وأعراضهم وحريتهم وكرامتهم وقد كرم الله الانسان فقال: «ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات»، وبين لنا القرآن الكريم أن من قتل نفسًا واحدة دون حق، فكأنه قتل الناس جميعًا ومن تسبب فى إحيائها فكأنه أحيا الناس جميعًا، فشريعة الإسلام بريئة من هذا الاتهام الباطل، لأنها شريعة الحق والعدل والسماحة، وتعتبر الناس جميعًا من أب واحد ومن أم واحدة. وأضاف: «وإذا كان فى المسلمين من يسيء إلى دينه فليس معنى ذلك أن جميع المسلمين يفعلون هذا، وكل دولة فيها الخير وفيها الشر. أمريكا فيها الخير وفيها الشر، فيها العقلاء وفيها غير العقلاء، وأوروبا كذلك، وآسيا وأفريقيا كذلك». فإذا ارتكب الإنسان جريمة أو أخطأ فليس معنى ذلك أن ننسب هذا الخطأ إلى الناس جميعًا. وشدد على أن كل اتهام للإسلام بأنه دين يدعو إلى القتل هذا اتهام باطل وليس له أساس من الصحة والواقع التاريخى ونصوص القرآن الكريم ونصوص السنة النبوية يؤيد هذا.
وحول الحوار بين الحضارات والذى نشرته جريدة الشرق الأوسط فى نوفمبر ٢٠٠١، يضع الشيخ طنطاوى معايير للحوار الهادف بين الحضارات مهاجمًا ما يصفهم بالسفهاء، الذين يسوقون نظرية تصادم الحضارات فيقول: مسألة الحوار نحن نؤيدها فى جميع الناس لأن الذى يقرأ القرآن يجد أنه قد ساق ألوانا من المحاورات التى دارت بين أهل الجنة وأهل النار، بين الرسل وبين أقوامهم، بين العقلاء والسفهاء بين المنافقين والمؤمنين، نجد ألوانًا عديدة من الحوارات بل نجد أن الله عز وجل قد فتح بابه للحوار حتى مع إبليس ونجد ذلك فى سورة الأعراف وسورة «ص» وغيرها من السور القرآنية، وكلها تعلمنا أن الحوار مطلوب مع الأعداء ومع الأصدقاء، لكى تقيم الدليل على أن شريعة الإسلام هى الشريعة التى اختارها الله سبحانه للناس، وأن دين الإسلام هو الدين الذى جاء من جميع الأنبياء ونجد هذا على لسان سيدنا إبراهيم: «إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين»، ووصى بها إبراهيم أى بكلمة التوحيد.
ويضيف الدكتور طنطاوى أن من يرى أن الحضارات تتصادم فهو مخطئ. فالحضارات تتصادم عند السفهاء أما عند العقلاء فالحضارات تتعاون. كل دولة لها حضاراتها، ولا مانع من الأخذ من الحضارات الأخرى طالما فيها التقدم الصناعى والصحى والاجتماعى، وثبت أن النبى، صلى الله عليه وسلم، كان يرسل بعض أصحابه إلى بلاد الأعداء لكى يتعرفوا على أنواع الأسلحة التى لديهم ليصنعوا ما هو أفضل منها أو ليأخذوا هذه الاسلحة للاستفادة منها عندما يحدث نزاع بينهم وبين أعدائهم.
الشيخ والبابا
بدأت العلاقة بين الدكتور محمد سيد طنطاوى والبابا شنودة منذ عام ١٩٨٦، بالإخوة الإنسانية الصادقة وبالتشاور فيما بينهما فى كل ما يتعلق بمصلحة مصر.
ومن أكثر المواقف التى تدل على هذه الصداقة وأنه ليس هناك فرق بين مسلم ومسيحى عندما قام قداسة البابا شنودة بعد عودته من رحلة علاج فى أمريكا بزيارة شيخ الأزهر للمشيخة، وتقديم التهنئة بقدوم العيد والصعود إلى الدور الثانى وقد رفض طنطاوى بشدة نظرًا لظروف مرضه، لكن البابا أصر على الصعود لتقديم التهنئة، وكان معه وفد من الكنيسة للغرض نفسه.
وأكد البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية فى عديد من المحافل: «كنا دائمًا نتناقش ونتفاهم ثم نخرج برأى واحد مثلما حدث فى قانون نقل الأعضاء البشرية ومسألة الإجهاض ولم نكن نختلف مطلقًا وكنا باستمرار رأيًا واحدًا وفكرًا واحدًا وتصرفًا واحدًا».
تكريم الإمام 
وجهت الكنيسة الدعوة له عام ١٩٩٥م، لزيارة أمريكا ومنحته جامعة وستين متر درجة الدكتوراه الفخرية فى صنع السلام، كما التقى نائب الرئيس الأمريكى آل جور وأعضاء الكونجرس الأمريكى وقتها والقيادات الدينية، ثم تلقى دعوة للمرة الثانية من الكنيسة فى (رمضان ١٤٢٢هـ/نوفمبر٢٠٠١م) بهدف توضيح وجهة النظر الإسلامية والعربية فى أحداث سبتمبر وتوضيح رأى الإسلام فى الإرهاب ومقاومته المشروعة وموقف الإسلام من الإرهاب والتطرف.
حرص الملك محمد السادس ملك المغرب على استدعاء شيخ الأزهر والاستماع إليه فى الدروس الحسينية أثناء شهر رمضان من كل عام وتميزت جلساته بأنها ذاخرة بالعلم النافع والنابع من القرآن والسنة، اختير رئيسًا شرفيًا للمؤتمر التاسع عشر للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية المنعقد فى الفترة من ٢٧- ٣٠ مارس ٢٠٠٧م عن مشكلات العالم الإسلامى وعلاجها فى ظل العولمة والذى حضره ٨٨ دولة ومنظمة إسلامية تمثل مختلف قارات العالم.
وفاته
توفى صباح يوم الأربعاء ٢٤ ربيع الأول ١٤٣١ هـ الموافق ١٠ مارس ٢٠١٠ فى الرياض عن عمر يناهز ٨١ عامًا إثر نوبة قلبية تعرض لها فى مطار الملك خالد الدولى عند عودته من مؤتمر دولى عقده الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمنح جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام للفائزين بها عام ٢٠١٠، وقد صليَّ عليه صلاة العشاء فى المسجد النبوى الشريف فى المدينة المنورة وورى الثرى فى مقبرة البقيع. وقد نعته الفعاليات الإسلامية فى مختلف أنحاء العالم الإسلامى خاصةً مصر.
وبمجرد إعلان وفاة الشيخ طنطاوى توالت على مصر ومشيخة الأزهر برقيات التعازى من العالم كله، حيث نعى البيت الأبيض رحيل شيخ جليل هو شيخ الأزهر، وقال البيت الأبيض فى بيان له: إن الدكتور طنطاوى كان صوتا مدويا للإيمان والتسامح ويتمتع باحترام فى مصر والعالم الإسلامى والعالم كله ومن قبل أولئك الذين ينشدون بناء عالم يقوم على الاحترام المتبادل، وذكر البيان أن الشيخ طنطاوى شارك فى استضافة خطاب الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى القاهرة، وأنه يتذكر كرم الضيافة الذى أبداه، فيما أعربت وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك هيلارى كلينتون عن حزنها لرحيل الإمام الأكبر مؤكدة أنها تشعر ببالغ الأسى والحزن لرحيله وقالت إن شيخ الأزهر كان يحظى باحترام كبير ويقود واحدة من أهم مؤسسات التعليم الإسلامية فى العالم ومثلما قال الرئيس باراك أوباما فى القاهرة فى صيف ٢٠٠٩، فإن الأزهر يمثل منارة للعلوم الإسلامية لأكثر من ألف عام ولايزال يلعب دورا نشطا حتى اليوم. وأضافت أن الإمام طنطاوى كان صوتا مهما فى الحوار بين الأديان والمجتمعات وأعربت عن تعازيها لأسرة الإمام الأكبر وأصدقائه والعديد من طلابه وللعالم الإسلامى قاطبة.
فيما اعتبر الفاتيكان أن وفاة شيخ الأزهر الشيخ محمد سيد طنطاوى بالنسبة لعاصمة الكاثوليك هى بمثابة فقدان صديق. وقال الكاردينال جان لوى توران رئيس المجلس الاسقفى للحوار بين الأديان: فقدنا صديقًا لأنه كان يبدى على الدوام تفهمًا كبيرًا تجاهنا، وكان يستقبلنا بكثير من الود. وكان شخصية مهمة جدًا فى الحياة العامة المصرية، وأنه يتشارك فى الحزن مع الأصدقاء المصريين. 
كما أعربت السفارة البريطانية بالقاهرة عن عميق حزنها لوفاة المغفور له فضيلة الأمام الأكبر محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر الشريف المفاجئة، وأصدر مجلس كنائس الشرق الأوسط، بيانًا جاء فيه: تلقى مجلس كنائس الشرق الأوسط بمزيد من الألم خبر رحيل العالم الجليل فضيلة الأمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوى والذى عرفناه رجل تسامح ومحبة، ساعيًا لكل ما فيه الخير لمصر والأمة العربية.

مسيرة وأعمال 
■ ولد الدكتور سيد طنطاوى شيخ الجامع الأزهر، بقرية سليم الشرقية فى محافظة سوهاج ٢٨ أكتوبر ١٩٢٨، تعلم وحفظ القرآن فى الإسكندرية، توفى فى الرياض بالسعودية صباح يوم الأربعاء ١٠ مارس ٢٠١٠.
■ حصل على الإجازة العالية «الليسانس» من كلية أصول الدين جامعة الأزهر ١٩٥٨.
■ عمل كإمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف ١٩٦٠.
■ حصل على الدكتوراه فى الحديث والتفسير عام ١٩٦٦ بتقدير ممتاز.
■ عمل كمدرس فى كلية أصول الدين جامعة الأزهر ١٩٦٨.
■ أستاذ مساعد بقسم التفسير بكلية أصول الدين بأسيوط ١٩٧٢، ثم انتدب للتدريس فى ليبيا لمدة ٤ سنوات.
■ أستاذ بقسم التفسير بكلية أصول الدين بأسيوط فى ١٩٧٦.
■ عميد كلية أصول الدين بأسيوط ١٩٧٦.
■ فى عام ١٩٨٠، انتقل إلى السعودية حيث عمل فى المدينة المنورة كرئيس لقسم التفسير فى كلية الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية.
■ عين مفتيًا للديار المصرية فى ٢٨ أكتوبر ١٩٨٦، وكان قبلها أستاذًا جامعيًا وكل المفتين قبله تدرجوا فى سلك القضاء الشرعى.
■ فى ٢٧ مارس ١٩٩٦ عين شيخًا للأزهر
شيخ الأزهر مع الملك عبدالله
تصدى لفتاوى الإرهاب ووضع معايير للحوار الهادف بين الحضارات 
.. ومع ملك المغرب
سار على درب المجددين من علماء الأزهر وقدم التراث بقراءة عصرية.. وتبنى مجمع البحوث رؤيته لأعمال وفوائد البنوك وقضايا النقاب وزراعة الأعضاء 
.. ومع البابا شنودة
ناصر المرأة ودافع عن حقوقها فى المحافل المحلية والعالمية.. وربطته علاقات وثيقة مع القيادات المسيحية
أهم مؤلفات الشيخ سيد طنطاوى
الصوم
المقبول
جوامع
الدعاء
من القرآن
والسنة
التفسير الوسيط للقرآن الكريم خمسة عشر مجلدًا
بنو إسرائيل فى القرآن والسنة
القصة فى القرآن الكريم مجلدان
أحكام الحج والعمرة
العالم المتبصر
أرسى قواعد المناهج الميسرة فى مواجهة التشدد.. وأنقذ منصب الإفتاء من الإلغاء.. وتوسع بالتعليم الأزهرى
فى الوقت الذى يحتفى فيه الأزهر بمرور تسعة أعوام على تقلد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شياخة المؤسسة السنية الأولى بالعالم الإسلامي، وما حققته المشيخة من إنجازات على مدار الأعوام التسعة للطيب، تحل الذكرى التاسعة على رحيل الإمام الثالث والأربعين فى تاريخ المشيخة الدكتور محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر السابق، يوم العاشر من مارس الجارى لعام 2010، أثناء تواجده بالمملكة العربية السعودية، ليدفن على أرضها من خلال مقابر البقيع، وذلك بعد أربع سنوات قضاها على رأس المؤسسة السنية الأعلى فى العالمين العربى والإسلامي.
يعد الإمام الراحل أنموذجًا للعالم المتبصر بالأمور المحيطة به، وقد كان رغم تقدم عمره لا يترك خطبة الجمعة إلا ويحرص على ارتقاء المنبر لإلقائها، وترك تراثًا ضخمًا تمثل فى التفسير الوسيط الذى يعد مرجعًا مهمًا تناول فيه التفسير بأسلوب مبسط يصل للعامة والخاصة، وبلغت عدد مجلداته نحو ١٥ مؤلفًا، كما ترك تفسيرًا آخر هو التفسير الميسر بهامش المصحف ليسطر اسمه كأول شيخٍ للأزهر يقدم على هذا العمل، استقبل مكتبه القاصى والدانى من أفراد الشعب المصري، وعرف بتسامحه فقد كان رحمه الله لين الجانب متواضعًا، وكان سمحًا مع مخالفيه، لا يستمع إلى القيل والقال.
مسيرة عالم
شهدت مسيرة الراحل غزارة فى العلم أينما حل فمنذ مولده فى محافظة سوهاج إلى القاهرة وحصوله على درجة الليسانس من كلية أصول الدين بجامعة الأزهر كان سيد طنطاوى نهما فى طلب العلم فعمل إمامًا وخطيبًا بوزارة الأوقاف
وعقب حصوله على درجة الدكتوراه فى الحديث والتفسير عام ١٩٦٦ تم تعيينه مدرسا فى كلية أصول الدين عام ١٩٦٨، ثم تدرج فى عدد من المناصب الأكاديمية بكلية أصول الدين فى أسيوط حتى انتدب للتدريس فى ليبيا لمدة ٤ سنوات، وفى عام ١٩٨٠ انتقل إلى السعودية للعمل رئيسا لقسم التفسير فى كلية الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية، وإلى جانب العمل الأكاديمى تولى الكثير من المناصب القيادية فى المؤسسة السنية الأولى فى العالم، كما عُين مفتيًا للديار المصرية فى ٢٨ أكتوبر ١٩٨٦ حتى تم تعيينه فى ٢٧ مارس ١٩٩٦ شيخًا للأزهر حتى رحيله فى مارس من عام ٢٠١٠ عن عمر ناهز ٨٢ عامًا.
وعن نشأته يقول «والدتى توفيت بعد ولادتى بأشهر قليلة، لم أرها، وتزوج والدى بسيدة فاضلة أنجبت ستة ذكور سواي، وهذه السيدة الفاضلة التى تزوج بها والدى رحمه الله بعد وفاة والدتى كانت رحمها الله تعاملنى كما تعامل أبناءها تمامًا هذه المعاملة الكريمة من جانب تلك السيدة أثرت فى نفسى تأثيرًا عميقًا».
الارتقاء الأول للمنبر
يروى الشيخ الراحل اللحظات الأولى من صعود المنبر قائلًا: «أذكر بأنى نظرًا لأن المرحلة الابتدائية والثانوية وهى ٩ سنين قضيتها فى معهد الإسكندرية، وكنت أسكن فى حى يسمى بحى الحضرة، وتصادف بأن إمام وخطيب المسجد الذى كنت أصلى به – وهو مسجد صغير– توفى، كنت فى أول المرحلة الثانوية – أذكر بأنى كنت فى أولى ثانوى – فأهل المنطقة كلفونى بأن أتولى خطبة الجمعة، وأتولى – أيضًا- إمامة الناس فى الصلوات، ووفيت بوعدى معهم، وكنت حريصًا على أن أؤدى صلاة الجماعة، وكنت حريصًا – أيضًا- على أن أؤدى صلاة الجمعة معهم».
ما بين وكالة المشيخة وقيادة الإفتاء 
روى الإمام الأكبر رحلته حول الصعود إلى قمة دار الإفتاء فى ٢٨ أكتوبر ١٩٨٦، قائلًا فوجئت باتصال من الشيخ جاد الحق - رحمه الله- يطلب حضوري، فلما حضرت أخبرنى بخلو وظيفة وكيل الأزهر وأنه يريد ترشيحه لها، فاستبشرت وشكرته على ذلك، وبينما انتظر ما ستؤول إليه الأمور وبعد مرور أسبوع من الاتصال الأول، كان الاتصال الثانى الذى تبعه مفاجأة ألا وهى منصب الإفتاء»، مضيفًا: «والله أنا لا أعرف أين دار الإفتاء؟، فأنا خريج أصول دين وفى السلك الجامعى وجرت العادة أن المفتى الذى توفى من كلية الشريعة، والذى قبله من كلية الشريعة وهو من كلية الشريعة وكل المفتين منذ ٧٠- ٨٠ سنة كلهم من كلية الشريعة (تخصص)» وبعد مراجعة قال له الإمام إن الإفتاء «ليس تخصصي، أنا مدرس تفسير ولست مدرس فقه، والمفتى يكون من خريجى كلية الشريعة لأنه يجب أن يكون ملمًا بالأحوال الفقهية وأنا لم آخذ الفقه إلا فى المرحلة الابتدائية والثانوية كلية أصول الدين تخصصها تفسير وحديث وفلسفة وعقيدة وتاريخ وهكذا.
وتابع: كل هذه التبريرات لم تغير شيئًا وانتهى الأمر إلى أن الشيخ جاد الحق قال له: «سأعطيك ٢٤ ساعة لتفكر». فقال له «طنطاوي»: «يا مولانا بدل أن تعطينى ٢٤ ساعة، اسمح لى من الآن. أنا أعتذر. لا أستطيع. أنا عميد لكلية ولا أشعر أنى كفؤ لهذه الوظيفة»، ومع كل ذلك طلب منه الحضور فى الغد فذهب إليه فأطلعه على أنه عرض هذه الوظيفة على عدد من الأساتذة خريجى كلية الشريعة ولكنهم اعتذروا، وأضاف: «إن الإفتاء أمانة فى رقبة العلماء وإن لم تقبل ربما تُلغى هذه الوظيفة لإشكالات معينة» أطلعه على جانب منها فما كان من الإمام - رحمه الله- إلا أن قال له «يا أستاذنا مادام الأمر كذلك وما دامت المسألة لخدمة الدين، أنا أستعين بالله وأقبل».
جائزة التسامح والحوار
أعادت جامعة سوهاج، العام الماضي، جائزة «التسامح والحوار الديني»، باسم شيخ الأزهر السابق محمد سيد طنطاوي، وذلك فى الفترة من ١ أكتوبر إلى ٣١ ديسمبر من العام الماضي، بعد انقطاع دام ٦ سنوات، لتؤكد الجامعة من خلال رئيسها الحالى الدكتور أحمد عزيز، بأنها أقل ما يمكن تقديمه لأحد أعلام الأزهر ومحافظة سوهاج على وجه الخصوص.
الفقه الميسر 
يعد كتابه «الفقه الميسر» واحدًا من أعلام المؤلفات التى تركها الإمام الأكبر فى المؤسسة الأزهرية حتى عام ٢٠١٠، والتى من بينها «بنو إسرائيل فى القرآن والسنة عام ١٩٦٩، التفسير الوسيط للقرآن الكريم عام ١٩٧٢، القصة فى القرآن الكريم عام ١٩٩٠، معاملات البنوك وأحكامها الشرعية عام ١٩٩١، السرايا الحربية فى العهد النبوي، آداب الحوار فى الإسلام، الاجتهاد فى الأحكام الشرعية، تنظيم الأسرة ورأى الدين فيه، المنهج القرآنى فى بناء المجتمع، مباحث فى علوم القرآن الكريم، والحكم الشرعى فى أحداث الخليج»، وشهد لها بالوسطية ونبذ التطرف والتشدد.
وتقول الدكتورة فتحية الحنفي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، فى تصريحات خاصة لـ«البوابة» إن الإمام الراحل له جهد كبير ومشكور ومشهود له فى الداخل والخارج، نظرًا لما قدمته أعماله من دور كبير فى نشر سماحة ووسطية الإسلام ومحاربة الفكر المتطرف والمتشدد، لافتة إلى أن أعماله الخاصة بالتفسير ومنها التفسير الوسيط ومناهج الفقه الميسر الذى قرره على طلاب وطالبات الجامعة، والمراحل المتقدمة بالمعاهد الأزهرية تجعل منه واحدًا من رواد الأزهر العظام فى مجال نشر الوسطية وحمل لواء عالمية الأزهر.
آراؤه وفتواه
عرف عنه الصرامة فى مواقفه وتبنى العديد من المواقف السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فكان له قرار بحظر النقاب داخل المعاهد الأزهرية على خلفية زيارته لأحد معاهد مدينة نصر عام ٢٠٠٩، كما كانت له فتواه التى أثارت الجدل ومنها جلد الصحفيين، وغيرها، وعرف عنه دفاعه عن قضايا المرأة حيث يرى أن الإسلام يساوى بين المرأة والرجل، وكان يرى أنه من حق المرأة البالغة العاقلة فى الشريعة أن تباشر عملية الانتخاب، ويؤكد الإمام الراحل، على منزلة المرأة فى كثير من مواقفه من خلال القول بأنها أمنا، وأختنا وبنتنا وزوجتنا وأكثر من ذلك، فالمرأة كل شيء فى حياتنا، ويمضى إلى القول بأن الإسلام ساوى بين الرجل والمرأة فى ستة أمور هي: «أصل الخلقة، والتكاليف الشرعية، واعتناق الفضائل واجتناب الرذائل، وطلب العلم، والعمل الشريف، وأخيرًا الكرامة الإنسانية».
ويعد الإمام الراحل نصيرًا للمرأة، فهو أول من أجاز لها شرعًا تولى رئاسة الدولة، وأكد أن المرأة لها حق الترشح وولاية القضاء، وأنه لا يتفق مع من ينكر على المسلمات حقوقهن السياسية، موضحًا أنه من حق المسلمة البالغة العاقلة فى الشريعة أن تباشر الانتخاب وأن تنتخب من تشاء، بل أن لها أن ترشح نفسها للمقاعد النيابية العليا، وأكد حق المرأة فى تولى القضاء، قائلًا: «لم أجد نصًا يمنع المرأة من ولاية القضاء»؟ وأفتى بأن المرأة من حقها أن تلبس النقاب كيفما شاءت سواء خارج المنزل أو داخله أمام الأجانب فهذا أمر متروك لها الحرية فى فعله، مضيفًا أنه لا يجوز لأحد منعها عن ذلك لأنها بهذا الأمر هى تسير فى طريق الكمال، ولا يمكن لأى شخص أن يمنع آخر فى أن يسير فى طريق طاعة الله على الوجه الأكمل. كما أوضح «طنطاوي»، أن ختان الإناث هى مسألة طبية متروك حكمها للأطباء وما يقره العلم سنقره نحن أيضًا، مضيفًا أنه لم يوجد نصى شرعى صحيح فى الإسلام من القرآن أو السنة يعتمد عليه فى هذه المسألة، مشيرًا إلى أنه قد أجمع المحققون من العلماء أن جميع النصوص التى وردت فى ختان الإناث ضعيفة، وقال بعضهم: إنها لا أصل لها ولا سند، ليخلص إلى القول بأن الأطباء قد يرون أن بعض الحالات يكون الختان لها مناسب وحالات أخرى كثيرة لا يكون مناسبا لها.
ترميم الجامع الأزهر
فى ٧ من يونيو ١٩٩٨، كان افتتاح الجامع الأزهر بعد ترميمه وتجديده بالكامل لأول مرة منذ تاريخ إنشائه وإعادته إلى حالته التى كان عليها منذ أكثر من ألف عام، واستغرقت عملية الترميم ٢٤ شهرًا، شملت ترميم وصيانة ودعم أساسات الجامع بطريقة علمية وطبقا للمعدلات والمواصفات الدولية التى تنظم أعمال ترميم المآذن الخمس للمسجد وجميع المداخل والأبواب والأحجبة الخشبية بالإضافة إلى معالجة الأرضيات ضد الرشح وارتفاع مستوى المياه الجوفية كما تمت معالجة الشروخ التى كانت قد انتشرت فى جميع أجزاء الجامع وفى إطار افتتاح الجامع الأزهر بعد ترميمه عُرِضَ فيلم قصير عن عملية الترميم وأظهر الفيلم الحالة السيئة التى كان قد وصل إليها المسجد قبل تطويره ثم مراحل الترميم التى تمت بعد عمليات دراسة علمية مستفيضة للتربة، وكذلك عمليات استبدال الأجزاء التالفة بنفس الخامات التى استعملت فى بناء الجامع من قبل وبنفس طريقة البناء. وقال «طنطاوي»: إن الأزهر الشريف سيبقى بإذن الله خادمًا للأمة الإسلامية.. ويتعاون مع الغير بكل إخلاص ليظل الأزهر الوعاء الأمثل لحفظ القرآن ولدراسة السيرة النبوية وكل العلوم الحديثة دراسة خالية من الانحراف والخرافات. ودعا الله أن يرزق مصر وشقيقاتها والعالم أجمع نعمة السلام والاطمئنان.
بناء المشيخة
قال الدكتور طه أبوكريشة عضو هيئة كبار العلماء الراحل،«مما أذكره لفضيلته أنه باشر بنفسه بناء مشيخة الأزهر، منذ أن كانت أساسا على الأرض، حيث كان يتابع العمل لحظة بلحظة، إلى أن تم بناء المشيخة التى نراها بأعيننا الآن، والأمر نفسه مع مبنى دار الإفتاء، وأيضا مركز الأزهر للمؤتمرات، الذى توقف البناء فيه سنوات متعددة، إلى أن جاء فضيلته فتابع بنفسه إكمال بناء المركز من خلال المتابعة الشخصية اليومية إلى أن أصبح بالصورة الشامخة حاليا فى مدينة نصر بالقاهرة، وهذه المعالم تحسب لفضيلته وتذكر له وتحكى شخصيته التى تعددت مواهبها فى جميع المجالات العلمية والحياتية، نسأل الله تعالى أن تكون فى ميزان حسناته».
مركز الأزهر للمؤتمرات
أنشأ «مركز الأزهر للمؤتمرات» هذا المبنى الضخم المتعدد القاعات والحجرات والمميزات قد أصبح على رأس الأماكن التى تقام فيها أهم المؤتمرات والمحاضرات فى المناسبات وقد تكلف بناء هذا المبنى أكثر من خمسين مليون جنيه، وقد تم افتتاح هذا المبنى المتعدد الأغراض سنة ١٩٩٨ م بعد أن ظل مجرد مجموعة من الأعمدة الخرسانية أكثر من عشرين سنة.
الاهتمام بالمعاهد
إهتم طنطاوي، بالمعاهد الأزهرية فزاد عددها زيادة مطردة مع التحسين والتنظيم لها كما اهتم بالمناهج التى تدرس بها فأنشأ اللجان العلمية التى تراجعها وتضيف إليها أو تحذف منها ما تراه مناسبا لإعداد الطالب الأزهرى الفاهم لما يجب عليه من أمور دينه ودنياه.
وقد أثمرت هذه الجهود القوانين التى سوت بين الطالب الأزهرى وبين طلاب مدارس التربية والتعليم فى دخول الكليات العسكرية وكلية الشرطة.
من أقواله
قال الإمام الراحل، إن عدم وجود إعلام إسلامى متميز قادر على الرد على اتهامات أعداء الإسلام هو السبب الرئيسى فى ازدياد الحملات المناهضة للعالم الإسلامي. ويجب علينا أن نتنبه إلى أن هناك عوامل ترسخ الصورة المشوهة عن العرب والمسلمين فى الغرب ومنها الدعاية الصهيونية المغرضة ومؤلفات المستشرقين الحاقدين على الإسلام وحضارته العظيمة لذا فإن المسئولية تحتم علينا - أفرادا ومؤسسات ـ أن نتصدى لذلك كله بالمنطق والعقلانية بعيدا عن العصبية والمهاترات.
طنطاوى وكبار العلماء
يصف كثيرًا من علماء الأزهر الحاليين الإمام الراحل بأنه حامل راية الوسطية، حيث نعاه الإمام الأكبر الحالى الدكتور أحمد الطيب، قائلًا: إن الدكتور محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر الراحل، كان عالمًا جليلًا، محبًا للمؤسسة، وغيورًا عليها، مضيفًا عملت مع «طنطاوي» لعدة أعوام، منها سبعة فى رئاسة جامعة الأزهر، فكان أستاذًا كبيرًا لهذا الجيل من علمائه. وتابع الطيب: «تتلمذ على يده كثيرون من علماء الأزهر، فجزاه الله عنهم وعن طلبة العلم خير الجزاء». بينما قال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، والرئيس الأسبق لجامعة الأزهر، إن الإمام الراحل واحد ممن تطيب سيرته، ويحمد له أعماله وأفعاله، مشيرًا إلى أنه يكفيه ما قدمه للأزهر وللإسلام من مؤلفات جمعت بين الوسطية والأدب الجم، وأعانت الباحثين والعلماء من بعده خاصة فى علم التفسير. وتابع هاشم، الإمام الراحل ترك مؤلفاته ومعاهد الإمام اللذين يعدان خير صدقة وخير عمل لرجل أفنى حياته فى طلب العلم والدعوة إلى الله، ليلقى ربه فى بقعة من أطهر بقاع الأرض، ويدفن بجوار صحابة رسول الله بالبقيع. فى حين قال عنه الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، إن شيخ الأزهر السابق، حمل الراية، وأدى دوره خير أداء، وأن الله ختم له بخاتمة حسنة يتمناها كل إنسان، وهو الدفن بجوار النبى صلى الله عليه وسلم، داعيًا الله أن يجمعنا به فى جنات النعيم».
مواقفه من قضايا الأمة
كان لشيخ الأزهر مواقفه من قضايا الدول العربية وفى مقدمتها فلسطين، ولبنان وغيرها، حيث أكد حزنه الشديد لما يشهده لبنان خلال لقاء جمعه بالشيخ على الأمين المرجعية الشيعية، حيث قال، إن الأزهر الشريف حزين لما يحدث فى لبنان فى الآونة الأخيرة على رغم النصائح التى وجهها الأزهر ولم تنقطع، معربًا عن أسفه لأنه عندما تصطدم النصائح بالمنافع الدنيوية لا تؤتى بشيء، مضيفًا لبنان لا يمكن أن يعيش إلا بتواصل الطوائف. لافتًا إلى أنه أرسل بعثة إلى لبنان بناء على طلب الحكومة اللبنانية تعمل مع دار الإفتاء وهم يؤدون واجبهم على أكمل وجه.
كما أدان مقتل الشيخ أحمد ياسين، القيادى الفلسطينى على يد قوات الاحتلال الإسرائيلى مطالبًا بالقصاص ممن فعلوا هذه الجريمة.
مواقف مثيرة للجدل
كانت فتاوى الشيخ طنطاوى تقابل دائمًا بهجوم، حيث تسببت فتاواه التى وصفها الكثيرين بـ«المثيرة للجدل» بمطالبة البعض له بتقديم استقالته من منصب شيخ الأزهر، وطالب البعض بعزله من منصبه، وتتمثل أبرز مواقفه المثيرة للجدل فى إصداره فتوى بتحريم فوائد البنوك واعتبارها ربا، وإصداره فتوى عام ٢٠٠٧ بجلد «الصحفيين»؛ بسبب الأخبار التى نشروها عن الرئيس الأسبق حسنى مبارك بأنه مريض، وقد أثارت هذه الفتوى غضبًا شديدًا لدى الصحفيين والرأى العام.
ومن أبرز مواقفه التى أثارت جدلًا واسعًا مصافحته للرئيس الإسرائيلى شمعون بيريز، فى مؤتمر حوار الأديان، الذى عقدته الأمم المتحدة والسعودية بنيويورك عام ٢٠٠٨، والذى أعلن بعدها أنه لم يكن يعرف شكل «بيريز».
الرحيل 
أثير حول الإمام الأكبر موجة من الانتقادات السلفية حول كثير من مواقفه وفتواه، إلا أن رحيله فى ١٠ مارس ٢٠١٠ م، عن عمر يناهز ٨١ عامًا، إثر إصابته بنوبة قلبية تعرض لها فى مطار الملك خالد الدولى عند عودته من مؤتمر دولى عقده الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمنح جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام للفائزين بها عام ٢٠١٠، أخرست كثيرا من الألسنة خاصة بعدما تم دفنه بمنازل الصحابة والتابعين بمقابر البقيع بالمملكة العربية السعودية، حيث صلى عليه العشاء بالمسجد النبوى الشريف بحضور أمير المدينة المنورة الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز، والمشير محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع، نائبًا عن الرئيس الأسبق حسنى مبارك، قبل أن يوارى جسده التراب بمقبرة البقيع، وصلى عليه صلاة الغائب فى المحافظات المصرية، كما نعتته الأوساط والفاعليات الإسلامية فى العالم الإسلامى أجمع.
.. ومع تونى بلير
.. ومع رئيس أساقفة كانتربارى البريطانى
.. ومع محمود عباس أبومازن
انشغل بالقضايا العربية وأدان العدوان الإسرائيلى على لبنان وغزة أنشأ مركز الأزهر للمؤتمرات ومبنى المشيخة وترميم الجامع الكبير.. كتابه «الفقه الميسر» من أهم المؤلفات بالمؤسسة الأزهرية
فتحية الحنفي: نشر سماحة ووسطية الإسلام ومحاربة الفكر المتطرف.. وشوقى علام: جهوده مشهود لها فى الداخل والخارج
أحمد عمر هاشم: مؤلفاته أعانت الباحثين والعلماء من بعده خاصة فى علم التفسير
«الطيب» فى ذكرى «طنطاوى»: كان عالمًا جليلًا وأستاذًا لجيل من علماء الأزهر 
قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب: «إن فضيلة الدكتور محمد سيد طنطاوى كان عالمًا جليلًا وترك إرثًا كبيرًا من المؤلفات، منها تفسير كامل للقرآن الكريم، وأشار إلى أنه عمل مع د. طنطاوى عدة أعوام، منها سبعة أعوام فى رئاسة جامعة الأزهر. وأضاف الإمام الأكبر أن الإمام الراحل - رحمه الله - كان محبًا للأزهر الشريف وغيورًا عليه، ويعد أستاذًا كبيرًا لهذا الجيل من علماء الأزهر، وتتلمذ على يده كثيرون من علماء الأزهر، فجزاه الله عنهم وعن طلبة العلم فى الأزهر خير الجزاء، وبارك فى أسرته».
الإمام الأكبر: تتلمذ على يده كثيرون من علماء الأزهر، فجزاه الله عنهم وعن طلبة العلم فى الأزهر خير الجزاء، وبارك فى أسرته».