قبل هذا التاريخ بثلاثة أعوام، كان الوضع مختلفا، فمن ذا الذى يوافق على تولى حقيبة بحجم «البنك المركزي»، فى ظل أوضاع متدهورة وسفينة اقتصاد تترنح، القبطان «عبدالفتاح السيسي» أعلن تحمل خطر المجازفة، ماكينات الاقتصاد التى كانت تتشدق بالخطط صمتت عند المواجهة وقبلها «طارق عامر»، وهو يعلم تمام العلم أن فرص نجاحه تحتاج لتحقيق المستحيل، وأن هذا الاقتصاد الذى يحتضر يلزمه جراح ماهر ليعيده للحياة، هجوم وانتقادات تعرض لها مايسترو الإصلاح الاقتصادى لكنه لم يأبه فحب الوطن وحسه القومى ورغبته الصادقة كانت أكبر من كل العقبات، التى تمثلت فى انخفاض موارد الدولة، ودخول السياحة إلى غياهب النسيان، وهروب الاستثمار الأجنبى المباشر، وعجز الموازنة وارتفاع الديون ووقوع الكثير من الحوادث بأيادى المخربين، ثم حوادث الطائرات.. كل ذلك كان فى «كفة» وقرار الرئيس السيسى الأجرأ فى كفة: «سنبدأ برنامج الإصلاح الاقتصادى مهما كانت العقبات»، أخذ «عامر» إشارة البدء ومنذ اليوم الأول كان حريصا على وضع وتطبيق الخطوط العريضة ببرنامج الإصلاح، وإيضاح الاستراتيجية التى يتبناها فى إدارة المرحلة المقبلة، ووضع الإجراءات التنفيذية لمراحلها الثلاث قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل.
لكنه لطالما وضعت خطط ورٌسمت استراتيجيات لكن لم يكن أحد لديه القدرة على مواجهة الواقع، لم يكن هناك من يتحلى بجرأة التنفيذ حتى يضع لبنات تغيير شامل لسياسات اقتصادية، راهن الكثير على فشلها وبدأت حملات التنكيل به حتى أنها طالته شخصيا، وكجندى مخلص فى معركة هى الأهم فى تاريخ الوطن لم يلتفت إلى تلك الأسهم الطائشة، لم ينجرف بعيدا عن بوصلته، لم تنثنى عزيمته ولم يصبه التردد فى قراره، فحقق العديد من الإنجازات فى الإصلاح الاقتصادى، وأعاد للبنك المركزى هندامه ووضعيته، فاستحق بجدارة لقب «مايسترو» الإصلاح الاقتصادى، بعد معركته الشرسة فى تحرير سعر الصرف فى البلاد، ليلعب دورا محوريا فى وضع الاقتصاد على مسار مستدام، ويستعيد ثقة المستثمرين الدوليين، ويعزز من شأن مصر بالتزامه بالسياسة النقدية مع أهداف التضخم المعلنة بوضوح، والاتصالات مع السوق فى الوقت المناسب، لقد كانت معركة من أجل البقاء، ومن أجل تأمين الدولة بشريان الحياة متمثلا فى جذب تدفقات النقد الأجنبى واستعادة قدرات الاقتصاد الإنتاجية، وفتح الاسواق الخارجية أمام الإنتاج المصرى وإنهاء احتكار الواردات، معركة تحتاج مجلدات نختصرها فى سطور فقط للإشارة والتنويه والاحتفاء والاحتفاء بصاحب القامة العالية فى الاقتصاد، المحارب الذى قاتل لـ٣ سنوات متواصلة وما زال مستمرا فى القتال من أجل أن يثبت للعالم أجمع أن المصرى إذا أراد امتطاء المستحيل فعل.
لذا هنا وبعد مرور ٣ سنوات على تولية حقيبة البنك المركزى وجب أن نعلنها بقوة وصراحة لكل المشككين.. لكل المتربصين.. لكل المتكاسلين.. لأصحاب الخطط فى الأدراج وأصحاب الخبرات المنطوقة.. الوطن سئم من الثرثرة.. سئم من الأقوال.. هو فى حاجة إلى من يفعل.. من يتحمل المسئولية.. من لديه الجرأة على اتخاذ القرار.. هو فى حاجة إلى مايسترو كـ«عامر» فى كل مكان.. حتى تكتمل صورة الإصلاح الاقتصادى فإلى الآن هناك قطاعات ما زالت تعانى عثرات نقطة الانطلاق، نتمنى أن تلحق بالركب وتتخذ خطوات سريعة نحو الأمام.