السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سيمفونية أوتار القصة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إن عالم القصة القصيرة متفرد وشديد الخصوصية كوتر يشد بعضه بعضا، حيث تمتلئ القصة بالمشاعر والأحاسيس ولها ما يميزها عن الشعر الذي يعد قالبا واحدا به نفس الأحاسيس إلا أنه لا يتحرك حركة القصة التي يمكن لها أن تتحول إلى رواية أو إلى فيلم سينمائي، فغالبا ما يكون يغير الشاعر في قصيدته، أما القاص يغير ويطوف بعوالمه بين الجمل حيث شاء يضرب على أوتار مختلفة، وقد رأيت عن قرب، وسمعت بأذني أجمل القصص بملتقى أوتار القصة تلك المجموعة التي تضم نخبة من كاتبي القصة ومبدعيها، تجمعوا من كل حدب وصوب حملوا فوق أكتافهم مشاعرهم وقد نحتوها في كلمات عذبة فكانت غذاء للروح، إنه ملتقى أوتار القصة الذي يقام بمكتبة الزاوية الحمراء وتشرف عليه الكاتبة المتميزة سعاد الزامك التي جمعت المبدعين من مختلف المحافظات رغم تباعدها إلا أنهم تناغموا في قرب عائلي ينسجون لحنا واحدا يشد وتر القصة يتخلله شعر الرائعة ابتسام عبد الصبور والشاعر وليد مليجي والقاص المبدع محمود حمدون. 
إنهم فتية آمنوا بوجودهم، ووحدتهم، ووطنهم، فتجمعوا تحت سقف واحد في منطقة شهدت أحداثا دامية منذ سنوات، فتحولت لمركز ومنارة للثقافة، تشع نورا يضيء سماء مصر قاطبة ينفقون على ندوتهم من أموالهم.
إن مصر دائمة العطاء تلك الجينات التي وهبها الله فيها، فنيلها لم ولن يجف عطاؤه ويسقي الأرض، فتخرج نباتا طيبا ،هم أولاد مصر يغرسون،مرتبطون، مرابطون على حماية أرضها وفكرها، وأصالتها، فقد سمعت قصصا من مختلف المحافظات ، ضربت في جذور مصر منها من جال في الخيال، وعمق التصوير.
إن نجيب محفوظ ولا يحيى حقي ولا يوسف إدريس وغيرهم، لم يرحلوا، عن عالمنا فقد رأيت في تلك المجموعة ما زرعوه في نفوس المصريين، هكذا مصر يسلم مفكروها المصباح لمن بعدهم فيعد نبراسا يُهتدي به آن وجد في شتى ربوع مصر، رأيت عالمهم فعرفت أن بمصر بها الخير الكثير، رأيت مدحت وهيام ،وسيدة ،ونوال ، ومحمد مندور، وحياة عبد الوهاب، وأمل الجمال وأحمد أبو العز وزين ممدوح وغيرهم، أشجتنا رباعيات ابتسام، إنها ملحمة، وسيمفونية، أوتارها شدت على وتر واحد لا تعرف النشاز ولا تخرج عن قواعد اللحن، جلسوا جميعا ليعزفوا لحنا أدبيا خالصا، طافوا بمصر أربعا وصلوا صلاة العاشقين بها، في محراب الكلمة يتحسسون للمعاني يشدون بأحسنها، ألطفها، أجودها، لم يكف عطاء أوتار عند لقاء فقط بل ينظمون ندوة موسعة تضم شعراء مصر الكبار، إنها نبتة آتت أكلها، وأينعت، وأثمرت، إنها عنوان مصر، وشبابها الواعد ، فمهما قست الظروف عليهم تحولوا إلى قطعة سكر تضيف مذاقا وعذوبة للكلمة والحكاية، والشعر، أنهم جميعا أوتار شدت على نيل مصر الحبيبة.