يعيش المشهد الثقافي الجزائري على وقع التّحضير لإطلاق مقهى ثقافي في مدينة برج بوعريريج، 200 كيلومتر شرق الجزائر العاصمة، يوم الثاني أكتوبر المقبل، داخل المعلم التاريخيّ "برج المقراني" الذي يعود إلى النّصف الثّاني من القرن التّاسع عشر.
يشرف على المشروع "جمعية نوميديا الثقافية" ويدير جلساته الكاتب والإعلامي عبد الرزاق بوكبة، الذي كتب أنّ ولاية برج بوعريريج، والحديث قياس على الولايات السّبع والأربعين الأخرى، من فضاءات حميمة تلتقي فيها نخب الطبّ والتّعليم والتّجارة والرّياضة إلى باقي النّخب، للانخراط في أحاديثَ تُمليها الذّاكرة والهواجس المشتركة. وما يُؤسف له، حسب بوكبّة، أنّ الفراغ العامّ وغياب روح المبادرة، اللذين باتا ينخران الواقع الجزائريّ، حالا دون أن ترقى هذه الجلسات إلى أن تكون في شكل نوادٍ ذات بعد ثقافيّ وحضاريّ تشعّ على محيطها، فنجد نادي المعلّمين ونادي الأطبّاء ونادي رجال المال والأعمال ونادي التجّار، إلى آخر النّوادي.
على مستوى المنخرطين في الإنتاج الثقافي، يقول صاحب المجموعة القصصية "كفن للموت" المنشورة في دار العين المصرية عام 2015، لا يختلف وضعهم عن أوضاع النّخب المذكورة، بحيث بات فيسبوك ملجأهم، مع تسجيل سلبية واضحة في الحضور الافتراضيِّ نفسِه. رغم أنّهم أكثر الشّرائح مطالبةً بإفشاء روح المبادرة والاقتراح والتّوجيه واللّقاء والحوار وتبادل الأفكار والخبرات، في اتّجاه مقاربة اللحظة الوطنية، ومحاولة فهمها وتوجيهها.
من هنا، يضيف عبد الرزاق بوكبة، بادرت "جمعية نوميديا الثّقافية"، في برج بوعريريج، إلى بعث مشروع "المقهى الثّقافي"، الذي سيستضيف الوجوه الوازنة والمالكة لمشاريع ورؤى حقيقية في الأدب والتّشكيل والمسرح والسّينما والتّرجمة والفلسفة والعلوم الإنسانية من داخل الجزائر وخارجها، في جلسات مفتوحة مع نخب الولاية، مرفوقة بورشات تكوينية في مجالات تخصّصها، وإطلاق جوائزَ وطنيةٍ وازنةٍ في مختلف المجالات الإبداعية مثل النصّ المسرحي وسيناريو الفيلم القصير والأنفوغرافيا والتّرجمة.
لقد باتت ولاية برج بوعريريج، في نظر بوكبّة، قطبًا اقتصاديا وتجاريًا وتكنولوجيًا ورياضيًا، "ونريد لها أن تصبح قطبًا ثقافيًا، نحن المحسوبين على الفعل الثقافي، فذلك واجبنا الذي لا نريد أن يبقى معلّقًا أو معطّلًا أو مؤجّلًا، تحت طائلة الظروف، التي نحن مطالبون بتغييرها لا الخضوع لإكراهاتها".
من جهة أخرى، "لا يخلو المشهد الوطني من مبادرات شبيهة، ونحن نثمّن النّزيه والمحترف منها ونستلهم منه، ونحرص على أن تكون مبادرتنا خالية من الأمراض والتشوّهات والإقصاءات والشّلليات، التي باتت تشوب بعض مبادرات النّخبة المثقفة".
يستضيف العدد الأوّل من "المقهى الثّقافي" وجوه القائمة القصيرة لجائزة "الجزائر تقرأ" للإبداع الرّوائي وهم الرّوائيون محمد ساري وإسماعيل مهنانة ومبروك دريدي وآسيا رحاحلية وأحمد عبد الكريم، في جلسة مفتوحة تكون مرفوقة بفواصل موسيقية للفنّانين إبراهيم حدرباش نجم برنامج "عرب آيدل" وبشير كريّو، وفواصل مسرحية لفرقة نوميديا التي يشرف عليها المخرج المسرحي حليم زدّام وجلسة توقيع كتب لنخبة من كتّاب المدينة.
يضمّ "المقهى الثقافي" الذي تبنّى "حوار الجماليات" شعارا له هيئة استشارية تتكوّن من الشاعر والأكاديمي ياسين بن عبيد والباحث الفلسفي بشير ربوح والمسرحي حليم زدام وشاعر المحكية رشيد بلمومن والتشكيلي بشير خلفاوي والموسيقي بشير كريّو.
