إطلالة دراما شهر رمضان هذا العام تحمل ملامح بدأت خطوطها العامة فى الظهور، أبرز هذه الملاحظات قناعة «الزعيم» عادل إمام أن «الكيمياء» التى جمعته طوال الأعوام الماضية مع المؤلف يوسف معاطى قد استهلِكت إلى درجة مرحلة التشبع الفني، عادل إمام حالة فنية وشعبية منفردة.. موهبة خاصة تتجاوز مساحاتها الممتدة احتكار الثنائيات، نجاح هذه التجربة فى مجموعة أعمال سينمائية مع الكاتب وحيد حامد لا يجعل مقوماتها تنطبق على الدراما التليفزيونية، وهو ما دفع عادل إمام إلى التمرد على تردده تجاه أى «مغامرة» فنية ليتعاون هذا العام فى مسلسل «عوالم خفية» مع ورشة تأليف تتضمن الكتاب الشباب أمين جمال، محمد محرز، محمود حمدان.. ما أتاح للمشاهد اكتشاف «عوالم خفية» جديدة من عطاء «الزعيم» التى تذكرنا بأسطورة طبيعة طائر العنقاء وقدرته على التجديد من نفسه إلى ما لا نهاية.
من المسلسلات المأخوذة عن أعمال أدبية مهمة (أبو عمر المصري)، الروائى عز الدين شكرى فشير والسيناريست مريم نعوم بالتأكيد أسماء تستحق التوقف أمام رؤيتهما تحديدًا عند دخول دهاليز صناعة الإرهاب الذى يشكل الهاجس الأول بالنسبة للعالم. توقيت مشاركة الإنتاج المصرى فى هذا الملف دراميًا، وليس مجرد عبر الاستعراض العابر فى سياق الأحداث العامة للعمل الدرامي، لم يكن يحتمل التأجيل خصوصًا بعدما قدم الإنتاج العربى على مدى الأعوام الماضية دراما عالجت بواقعية وجرأة ملف صناعة الإرهاب فى مسلسلات مثل «سمرقند» و«الغرابيب السود».
محمد هنيدى يواجه هذا العام تحديًا كبيرًا مع رواية الأديب يوسف السباعى «أرض النفاق». الفيلم السينمائى الذى أنتج عام 1968 يُعتبر ضمن أهم كلاسيكيات السينما المصرية بكل روعة أداء نجومه وسيناريو سعد الدين وهبة وإخراج فطين عبدالوهاب. تاريخ المقارنات عند تكرار إنتاج الأعمال الكلاسيكية - تحديدًا فى الدراما- لم يكن غالبًا فى صالح النسخ الجديدة، لعل أقرب هذه الأمثلة حين عرضت فى رمضان الماضى نسخة باهتة وهزيلة من رواية الأديب إحسان عبدالقدوس «لا تطفئ الشمس» ومحاولة إحياء رائعة أسامة أنور عكاشة واسماعيل عبدالحافظ «ليالى الحلمية»، وهو ما يشكل تحديًا أمام الكاتب أحمد عبدالله والمخرج سامح عبدالعزيز، بالإضافة إلى مقارنة حتمية تفرض على محمد هنيدى منطقة أداء تأخذ المشاهد بعيدًا عن إبداع فؤاد المهندس فى الفيلم.
الإعلانات أو «البقرة المقدسة» - كما وصفها المبدع أسامة أنور عكاشة - لم تعد أمرًا واقعًا يفرض أولوياته، تحديدًا على القنوات الخاصة، لكن ازدياد مساحتها على مدى الأعوام الماضية إلى درجة التأثير سلبًا على المتابعة لتتحول متعة المشاهِد إلى عذاب مع سيل إعلانات التبرع، وكأن الخير ارتبط فقط بشهر رمضان.. دفع نسبة مشاهدين كبيرة إلى القنوات العربية لمتابعة مسلسلاتهم المفضلة.