العنوان يلخص اختيار جماعة «عصابة البنا» وهى تهرول فى طريقها نحو الانتحار رغم البكائيات التى تتفنن فى إظهارها منذ يوم الجمعة الماضى.. هل أصبح البديل المجنون أمام الجماعة ذبح ١٠٠ مليون مصرى ممن لعنوا حكمها وأزاحوه إلى غير عودة حتى لو دفعتهم حالة (السعار) إلى قتل كل عربى - وليس مصرى فقط - يبقى السؤال الأهم، هل هناك بارقة أمل أمام الجماعة مهما أسالت تنظيماتها الإرهابية، على اختلاف مسمياتها، دماء البسطاء؟، حتى الذين أعطوا أصواتهم فى غفلة من الزمن والوعى إلى (دمية) الإخوان محمد مرسي وعشيرته بعدما صدقوا أكاذيب روجتها الجماعة عبر عقود عن كونهم (جماعة سلمية ترفع لواء الإسلام!!).. هم فعلا رفعوا أسلحتهم (الشجاعة!) لكن أين؟ إلى ظهور مدنيين أبرياء قصدوا بيت الله لأداء الصلاة! بعدما اكتشفت هذه الكتلة البسيطة غير المسيسة أن (ماكياج) الإخوان يخفى جماعة دموية لا تتوانى حتى عن قتل أفرادها وإلصاق التهمة بمعارضيها.
رغم الاتفاق العام حول طبيعة الرسائل التى تحيط بالعملية الخسيسة التى استهدفت مسجد الروضة.. المؤكد أنها تستدعى التوقف أمام تداعياتها بدقة.. الجماعة نقلت حربها (المقدسة!!) إلى المدنيين.. توجه تفجيراتها فى رد فعل وحشى لتعاقب شعبا لفظها.. والأكثر إثارة للدهشة أن العملية الجبانة تحمل، مع قسوة الألم على ضحاياها، تأكيدًا لهذا الرفض الشعبى.. فلو كانت (عصابة البنا) تثق يقينا بوجود أى ظهير شعبى لها فى الشارع المصرى، ما الذي يدفعها نحو خلق عداءات مع المدنيين العزل؟. صدمة الإخوان مع إدراكهم حقيقة استمرار رفض الشارع لهم منذ يوليو ٢٠١٣ وعدم وجود أى تعاطف شعبى يفتح ثغرة لوجودهم مجددا، يقينا لا يقرأ بمعزل عن ضرب أكذوبة التعاطف الشعبى الذى يستجدونه عرض الحائط، رسالة الإخوان وتنظيماتهم الإرهابية وصلت.. هم - بدون مواراة ولا أقنعة - يريدون هدم وطن بأكمله وليس شريحة أو فئة أو ديانة محددة، قياس العنصر الدينى على حوادث سابقة فى العراق وسوريا من تفجير للمساجد، والتى قامت جميعها على أساس مذهبى، فى حالة جريمة مسجد الروضة، فإن الصوفية -رغم عداء تنظيم داعش لها واستهدافهم مشايخها- هى طريقة وليست مذهبًا، مما يضعف ترجيح العامل الدينى إلا أن يكون العطش إلى الدماء بلغ بهم درجة عدم التفريق بين المذهب والطريقة، الرسالة الثالثة إلى فئة مازالت تحيطها شكوك حول الاعتراف أن مصر فى حالة حرب فعلية لمجرد أنها تمارس طقوس حياتها اليومية بشكل طبيعى.. هذا النزيف من الدماء، الذى بلغ أكبر عدد من الضحايا لعملية إرهابية، لا بد أنه كفيل بإجبارهم على رؤية هذه الحقيقة ليصبح الشعب كله شريكا فى الحرب، الرسالة الرابعة إلى العالم الذى اختار غض بصره وبصيرته عن فيديو (المساومة) الشهير لمحمد البلتاجى بكل ما ورد فيه من ربط موثق ومباشر بين عودة (دميتهم) مرسى وتوقف العنف فى سيناء، كما أهمل انتماء معظم قادة التنظيمات الإرهابية إلى الجماعة علنا، وبعد أن مست النار أغلب عواصمهم.. هل ستظل مواقفهم قاصرة على التعاطف والإدانة والشجب؟ أم ستدفع بشاعة الجريمة بعض الأصوات فى المحافل الدولية المختلفة، التى تعتبر الإخوان فصيلا سياسيا معارضا، إلى مراجعة أنفسها والرجوع إلى الدلائل التي تربط الجماعة بالتنظيمات الإرهابية بنظرة أكثر جدية؟.
عنصر التخطيط وإن كان يؤكد وجود رصد مسبق، إلا أنه لم يحمل (تكتيكا) عسكريا معقدا.. انقسم إلى مجموعتين.. قنابل للتغطية، إطلاق نار عشوائى الذى يذكرنا كثيرا بما حدث فى عدة مدن أوروبية أو أمريكية سواء فى جامعاتها أو مدارسها أو الحفلات الموسيقية.. إلا أن المخطط اتجه هذه المرة بعيدا عن مناطق عملياتهم السابقة، إلى مدينة نائية بعيدا عن التضييق الأمنى، القراءات المختلفة لهدف الجريمة تتجه كلها ضد تحقيق أى مكسب للتنظيمات الإرهابية.. لو كان القتل الجماعى موجه إلى ظهير مدنى متهم بالتعاون مع الجيش وأجهزة الأمن، فإنها صبت المزيد من الوقود على نار عداء هذا الظهير لها.. إذ لم يعرف عن الطبيعة البدوية رضوخها للتهديد أو التخويف، خصوصا بعد تزايد قائمة الثأر لأبنائهم من هذه التنظيمات، أما فى حالة استهداف شريحة مدنية محايدة لم يعرف لها توجه سياسى مسبق -حتى لو كانوا أتباع طريقة صوفية- فقد أضافت التنظيمات الإرهابية إلى قائمة أعدائها شريحة جديدة من المحتمل أنها لم تفكر مسبقا فى التعاون مع الأجهزة الأمنية أو الإرشاد عن أفراد هذه التنظيمات.
بهذا تكون الجماعة قد استكملت مشروعها الانتحارى بعدما خلع الإخوان آخر (ورقة توت) تستر دمويتهم.. وفجروا مواطنين بسطاء كل جريمتهم هى الفطرة الدينية التى دفعتهم لأداء صلاة الجمعة فى مسجد الروضة.