بشكل مبهر ولائق ومتحضر ومنظم خرج منتدى شباب العالم الذى تقيمه مصر للمرة الأولى، للحدث أوجه كثيرة ومهمة، ولعل أبرزها ما خرج المنتدى به من توصيات والتي أعلنها الرئيس عبدالفتاح السيسي، توصيات منتدى شباب العالم، لتؤكد من جديد انحيازه التام للشباب وهو الأمر الذي ظهر جليا من خلال تكليفه لكل دوائر الدولة لتنفيذها؛ حيث قرر الرئيس تكليف اللجنة المنظمة للمنتدى لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتحويله إلى مركز دولي معنيٍّ بالحوار بين شباب العالم، وتكليف وزارة الخارجية بالتنسيق مع المنظمات الدولية لتبني قرارات نموذج محاكاة مجلس الأمن الدولي والتوسع في تنفيذه في المنتديات القادمة، وتكليف اللجنة المنظمة للمنتدى للتنسيق مع أجهزة ومؤسسات الدولة بانعقاد المنتدى سنويًا خلال شهر نوفمبر من كل عام في مدينة شرم الشيخ مع تكليف الوزارات المعنية من الحكومة لإنشاء مركز للتواصل الحضاري بين شباب مصر والعالم، كما تم تكليف اللجنة المنظمة بإنشاء المركز الإفريقي لشباب القارة الإفريقية، وتكليف مجلس أمناء الأكاديمية الوطنية لتأهيل الشباب لتخصيص مقاعد كمنح دراسية للشباب من آسيا وإفريقيا، وتكليف اللجنة المنظمة لوضع استراتيجية لمواجهة التطرف والإرهاب والأمية بداية من ٢٠١٨.
كما قرر الرئيس إنشاء مركز إقليمي لدعم النابغين من الدول العربية والأوروبية، وتكليف اللجنة المنظمة لعقد ورش عمل وتفعيل آليات التعارف والحوار بين شباب العالم، وتكليف مجلس الوزراء بالتوسع في تمويل المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، وتكليف وزارات الثقافة والآثار والتعليم العالي والبحث العلمي والتخطيط لإنشاء مركز للابتكار الحضاري والثقافي لتفعيل آليات التعارف بين شباب العالم، وتكليف مجلس أمناء الأكاديمية الوطنية للشباب لتنفيذ خطة للتبادل الثقافي مع كل المراكز المماثلة لها لتوفير منح دراسية.
توصيات وقرارات مهمة تعيد التأكيد على أن جمهورية مصر العربية مازالت قادرة على لعب دور ريادى عالمى، كما أنها تبعث برسائل عدة بما يفيد إصرار الدولة المصرية على العمل من أجل أن تنعم المنطقة بالاستقرار والتناغم، لكن يظل الوجه الأهم والأكثر إشراقًا للمنتدى هو تأكيده على تبنى الدولة المصرية لمفاهيم عالمية جديدة.
جوهر هذا الملتقى العالمي هو رسالة تقدمها الدولة لشبابها بأنها تقف خلف التفكير الخلاق القادر على تجاوز عقبات الواقع، وأنها تضع رهانها كاملا عليهم وهم يمثلون حوالي 70% من سكانها، وتعول عليهم فى إعادة بناء الدولة في ظل التحديات العالمية التى تواجه الدولة المصرية بشكل خاص والمنطقة العربية بشكل عام.
الحقيقة أن المنتدى وفر فرصة عظيمة للشباب المصرى أن تضاف إليه خبرات تثقل من الفكر والإبداع من خلال محاكاة نماذج مشرفة للتفكير الخلاق على مستوى العالم، إذ قدم على منصاته شبابًا مروا بظروف صعبة والتي عادة تمر بها كل البلدان النامية، وبعضهم عانى ويلات الحروب، لكنهم استطاعوا أن يكونوا نماذج مشرفة ليقدموا حلولًا عملية لأزمات ليس لبيئتهم المحيطة فقط بل للإنسانية.
وبهذا تحول المنتدى إلى فرصة عظيمة لتبادل الخبرات الملهمة، ولقد وضعت كل بلدان العالم المتقدمة هدف تحفيز التفكير الخلاق لدى الشباب منذ سنوات، أتمنى أن يكون المنتدى شرارة أولى لتنمية الإبداع والابتكار، حتى داخل أجهزة وأوصال الدولة، إذ يجب أن تكون الحكومة أول من يضرب بنفسه مثلا أعلى للشباب، وأن تكون نموذجًا يحتذى به لتقدير الأفكار والانحياز للمثمر منها، وهذه بالتأكيد رسالة كفيلة بجذب كل حالم ومبتكر، وتشجيعه على تطوير نفسه.
صحيح أن الدولة فى هذه اللحظة لا تملك الكثير لتقدمه لأبنائها من الشباب المبدعين من الدعم المالى، لكن على الأقل هى قادرة على عدم عرقلتهم باللوائح والقوانين، وقادرة على تبنى ثمار أفكارهم بدلًا من الهجوم عليها.
أتمنى أن تدرك الدولة والحكومة وشبابنا ومجتمعنا كله اليوم ونحن نشاهد شبابا تخطو الصعاب أننا نحتاج فقط للحالمين، القادرين على دفع عجلات التنمية بأفكار مبدعة وبسطية وقادرة على توفير الوقت والجهد والمال.