لا يزال البعض يشكك فى جدية المعركة التى تخوضها جمهورية مصر العربية مع تحالف الدول الخليجية الثلاث لإعادة تعديل سلوك قطر والقضاء على الدور الذى تلعبه ضد أشقائها العرب، ودعمها المباشر للإرهاب فى المنطقة بشكل عام، هى المعركة الدبلوماسية التى بدأت تتحرك فيها القاهرة بالتوازي مع المجهود الذى تبذله المؤسسات الأمنية داخليا وخارجيا للسيطرة على العناصر الإرهابية وتمويلهم وتسليحهم.
هى إذا مجهودات ضخمة استطاعت أن تنجح فى خفض عدد العمليات الإرهابية التى تعرضت لها جمهورية مصر العربية خلال الفترة الماضية، وعلى الرغم من العمليات الجبانة التي تقوم بها تلك الجماعات بين الحين والآخر والتي كان أخرها بالأمس والتي أسفرت عن استشهاد 18 ضابطا ومجندا من أبطال الشرطة المدنية المكلفين بتأمين طريق القنطرة العريش، وعلى الرغم من قسوة وفداحة سقوط أحد أبطالنا دفاعا عن الوطن، إلا أننا نؤمن بقدسية الحرب ضد الإرهاب التي تخوضها الدولة المصرية والتي لا بديل عنها.
الانخفاض فى عدد ونوعية العمليات الإرهابية هو أول مؤشر على نجاح خطط الدولة المصرية الأمنية والدبلوماسية والاقتصادية وقدرتها على التأثير، والسيطرة على تحركات الجماعات الإرهابية ليس داخل حدود جمهورية مصر العربية فقط ولكن فى كل نطاقات الأمن القومي المصري في ليبيا وسوريا والعراق واليمن، من أجل السيطرة على منابع التمويل والدعم اللوجيستي.
لسنا فى حاجة إلى التذكير بأن الاتفاقيات الاقتصادية التى وقعتها جمهورية مصر العربية مؤخرا مع العديد من الكيانات الاقتصادية الكبرى تعد أكبر دليل على أن هذه الكيانات أصبحت مطمئنة للخطوات التى تتخذها الدولة المصرية سواء على المستوى الأمني أو الدبلوماسي أو الإقتصادي، لذلك تحرص على ضخ المزيد من استثماراتها دون قلق على مستقبل هذه المشروعات.
إن ما تجنيه الدولة المصرية حاليا من اتفاقيات اقتصادية وفتح آفق جديدة ومختلفة من التعاون المشترك لمواجهة الإرهاب عالميا، يعد هو الآخر مؤشرا إضافيا على الاستقرار السياسي وان كل الدول التى توقع اتفاقاتها مع الدولة المصرية تعي جيدا أن هناك ضمانات داخلية تضمن الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني، ذلك على الرغم من أنه لازالت الفضائيات الإخوانية والمواقع المشبوهة تصر على لّي الحقائق والتشكيك في كل خطوة تتخذها الدولة المصرية نحو إعادة الإنضباط من جديد والإصلاح الاقتصادي وتحقيق الإستقرار السياسي، فلا يزال للأسف بعض المصريين يرددون عبارات تقلل من الدور الذى لعبته جمهورية مصر العربية للضغط على القطر بالأدلة والبراهين للتوقف عن دعم التنظيمات الإرهابية في المنطقة.
واعلم جيدا أن الثمن الذى ندفعه نتيجة تأخر الإصلاحات الاقتصادية شديد وقاسي ويزداد قسوة لتزامنه مع تكلفة الحرب على الإرهاب وإعادة بناء الدولة وأيضا مشروعاتها المستقبلية، وحتى لا يبالغ البعض في تفسير راي على أنه مزايدة على الطبقات الأولى بالرعاية في هذا الوطن ولكن أظن أن المواطن المصري من تلك الطبقات قد عانى بما فيه الكفاية من عدم الإستقرار الأمني، وأنه يتحملون الآثار التضخمية المرحلية للإصلاحات الاقتصادية لأن لديه ثقة في قيادته السياسية وينتظر أن يجنى ثمار هذه الإصلاحات.