نقلت وكالة "رويترز" عن مجموعة تسمى نفسها مؤسسى البيتكوين المصرى أنهم سيبدأون التداول على عملة البيتكوين نهاية الشهر، وهو الأمر الذى سارع البنك المركزى المصرى إلى نفيه.
لمن لا يعرفه الـ "بيتكوين" هي عملة رقمية افتراضية لا غطاء لها يمكن مقارنتها بالعملات الأخرى مثل الدولار أو اليورو، إلا أنها لا تخضع لأى رقابة عالمية، فهي عملة إلكترونية بشكل كامل تتداول عبر الإنترنت فقط كما أنها تختلف عن العملات التقليدية بعدم وجود هيئة تنظيمية مركزية تقف خلفها، لكن يمكن استخدامها كأي عملة أخرى للشراء عبر الإنترنت أو في متاجر تدعم الدفع باستخدام بطاقات بيتكوين أو حتى تحويلها إلى العملات التقليدية.
حتى الآن لم تقنن أوضاعها إلا دولة واحدة هى ألمانيا، ويجرى تداولها عبر شبكة الإنترنت منذ العام 2008، اخترعها شخص غير معروف أطلق على نفسه اسم "ساتوشي ناكاموتو" وكما اشتهر الاسم بشكل سريع في العام 2008 اختفى صاحب هذا الاسم من ساحة تطوير عملة الـ "بيتكوين" بشكل سريع في أواسط العام 2010 بعد أن قام بتسليم جميع مهامه المتعلقة بتطوير العملة وموقع الإنترنت الخاص بها إلى أنشط المتطوعين في مجتمع الـ "بيتكوين".
"البيتكوين" لا يصدرها أي بنك مركزي، ولا تخضع لإشراف أي جهة رقابية، ولا تتحكم فيها أي سلطة مركزية، إذ تعتمد العملة بدلًا من ذلك على الآلاف من أجهزة الكمبيوتر في أنحاء العالم التي تتحقق من صحة المعاملات وتضيف المزيد من عملات الـ "بيتكوين" إلى النظام.
لذا لا يجب أن نستهين بهذه العملة إذ تجاوز سعر الواحدة منها أوقية الذهب فى مارس الماضى، بسبب عدد من الأحداث السياسية العالمية التى جعلت من العملة الافتراضية ملاذ آمن، منها على سبيل المثال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، ويحتج مؤسسو الـ"بيتكوين" المصري بأن الأصول المشفرة مثل الـ"بيتكوين" تعد أمرًا واقعًا سواء شاركت به الحكومة المصرية أم لا، وأشاروا إلى أن عدم مشاركة الحكومة المصرية في هذا الأمر يخسرها سوقًا كبيرة للغاية حيث يقدر حجم الـ"بيتكوين" المتداول حاليًا نحو 70 مليار دولار كقيمة سوقية، ويقدر سعرها اليوم بحوالي 4563 دولارًا حسب تصريحات لـ"رويترز".
وفي هذا الإطار فإن من الجدير بالذكر أن نشير إلى أن النظام المالى العالمى يحارب هذه العملة الجديدة، بسبب تخوفات من استخدامها بشكل غير قانونى فى العديد من أشكال التجارة غير المشروعة. إذ يمكن الحصول على الـ"بيتكوين" وتداوله عبر تطبيق على الهاتف الذكي أو برنامج كمبيوتر يقوم بتوفير محفظة "بيتكوين" شخصية ويسمح للمستخدم بإرسال واستقبال عملات الـ"بيتكوين" منها، كما أن هناك مخاوف عدة في بعض البلاد التي انتشرت فيها استخدام الـ"بيتكوين" بشكل واسع مثل الصين واليابان وأمريكا، بسبب صعوبة تتبعها، حيث إنها عملة مشفرة لا يمكن التعرف على صاحبها، وليس لها أرقام مسلسلة. كما أنها لا تلتزم بأى قيود أو رسوم حين تداولها.
الـ"بيتكوين" عملة يحاربها النظام المصرفى العالمى بكل ما أوتى من قوة، ويتخوف من آثار اعتمادها والنتيجة تصب فى صالحها، إذ تحولت إلى بورصة مستقلة بذاتها على الإنترنت، مفتوحة لكل أنواع التجارة سواء المشروع منها أو غير المشروع، حيث لا تحدها قوانين أو محرمات دولية.
صحيح أن هذا النوع من الصراعات عادة ما تحسم لصالح المستقبل، أو الاختراع الجديد، مثلما حسم العالم صراع النقد ليكون بديلا عن نظام المقايضة، وكروت الائتمان فى مقابل العملات النقدية، ومن ثم فغالبا ما سينحاز المستقبل لـ"بيتكوين" لتكون بديلا عن النظام المصرفي المتعارف عليه منذ قرون.
لكن التسرع بمثل هذه الخطوة واستعجال وجود بورصة مماثلة فى جمهورية مصر العربية في الوقت الحالي قد يمكن أن يسبب العديد من المشكلات التي لا يمكن تداركها مستقبلا بداية من سهولة القرصنة والاحتيال والنصب، وحتى استخدامها فى دعم أنشطة غير مشروعة وإجرامية وإرهابية دون ضمانات حقيقية أو رقابة.
لننتظر ونتابع ما ستسفر عنها الأيام القادمة.