تستمر المحاولات الخسيسة والمكشوفة للنيل من جمهورية مصر العربية، والتي كان آخرها الحادث الذي شهدته مدينة الغردقة بمحافظة البحر الأحمر بعد أن قام أحد الأشخاص بمهاجمة السائحين مستخدمًا آلة حادة.
ولا شك أن الحادث شأنه شأن العديد من الحوادث التي وقعت فى المناطق السياحية فى العديد من دول العالم، إلا أن هذه النوعية من الحوادث عندما تحدث في جمهورية مصر العربية فإننا نجد تسليطًا للأضواء مبالغ فيه لا تهدف إلا لافتعال أزمة وإثارة شوشرة ونشر الفزع، وتصدير صورة سلبية عن الدولة المصرية وهى جميعها من قبيل الحروب الاقتصادية التي تهدف لضرب قطاع السياحة بعد أن بدت المؤشرات تظهر حالة من الحراك من جديد، وفي اعتقادي أن الحادثة الإرهابية من نوعية عمليات الذئاب المنفردة، والتي تعد من الحوادث الإرهابية التي يصعب استباقها ومنعها، وتعانى منها كل دول العالم.
إلا أن الغريب في الأمر هو حالة التضارب المعلوماتي الذي انتاب كل وسائل الإعلام المصرية في التعقيب على الحادث والذي ظهر جليًا في حالة التردد فى استخدام مصطلح "إرهاب" فى وصف الواقعة، فماذا تكون إن لم يكن الدافع وراءها إرهابيًا، وما يكون الإرهاب إلا ترويع الآمنين.
من المعروف أن جمهورية مصر العربية كانت تعتمد بشكل أساسى على قطاع السياحة الذى وصل دخله فى العام 2010 إلى حوالي 12 مليار دولار، حيث ارتفع إجمالى عدد السائحين القادمين من جميع أنحاء العالم لتبلغ 14.731 سائح، واستمر نمو قطاع السياحة من حيث قدرته على استيعاب العمالة حتى بلغ ذروته بمعدل وصل لـ 12.6% من مجموع القوى العاملة خاصة فى عام 2010.
إلا أن الأحداث التي مرت بها منطقة الشرق الأوسط بشكل عام وجمهورية مصر العربية بشكل خاص بدءا من العام 2011 قد أصابت قطاع السياحة مباشرة لتصل ذروة خسائره بالعام 2013، ولكن مع بداية عودة الاستقرار واستعادة الأمن وبناء البنية التحتية من جديد بدأت مؤشرات عودة السياحة ترتفع من جديد خاصة بمحافظات البحر الأحمر، وبالتالى لا يمكن اختزال حادث الهجوم الأخير في كونه هجومًا فرديًا غير مخطط.
إن تعطيل استعادة الدولة المصرية لأحد أهم موردها هدف مباشر لكل قوى الشر والظلام في إطار حربها الاقتصادية والتي من المتوقع أن تزيد خلال الفترة القادمة.
ولا شك أن الحادثة تستهدف بالمقام الأول تأجيل رفع حظر الطيران إلى مصر من دول روسيا وبريطانيا، وأن تعيد السياحة إلى دائرة التحذيرات والتخويف التى كانت عدد من الدول الأوروبية بدأت تتراجع عنها خلال الفترة الماضية بعد ما حققته الدولة المصرية من إنتصارات فى مجال مكافحة الإرهاب.
مع ذلك، فإن هذه الواقعة تثبت عدة نقاط أولها أن الجماعة الإرهابية تعانى تضييقًا حقيقيًا على مصادر السلاح، وتنهار فى أرض المعركة التى تخوضها القوات المسلحة المصرية والشرطة المدنية ببسالة.
فمحاولات ضرب السياحة هى أحد أوجه الحروب الاقتصادية على الدولة المصرية، وهو الثمن الذى ندفعه في إطار مواجهة الإرهاب فى المنطقة.
فى ظنى أن هناك خطة ممنهجة لاستهداف السياحة بدأت أولا بضرب السياحة الروسية فى مصر وهى الأكبر حجما، ويليها السياحة الايطالية التى لم تعود حتى الأن، ثم اخيرا السياحة الالمانية والتى أصبحت مهددة الأن بعد حادث الغردقة الأخير.
إن المسئولين عن قطاع السياحة المصري عليهم أن يمضوا قدما، فى برامج تحفيز السياحة وعلينا نحن أولا أن نساعد العاملين فى مجال السياحة ليعملوا ويزيدوا من دوائر استهداف الأسواق السياحية حتى تعود جمهورية مصر العربية من جديد إلى مكانتها الطبيعية كمقصد سياحي مهم وفريد.