بعد أيام قليلة من حجب بعض المواقع فى جمهورية مصر العربية، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، أصدرت نقابة الصحفيين بيانا مهنيا عقلانيا عن هذه الواقعة، أعلنت فى بيانها ثلاثة حقائق، أهمها إعلان النقابة أنها ليست ضد حجب أي مواقع أجنبية تنشر مواد تهدد الأمن القومي المصري، وما دامت هناك ضرورة فليس هناك من مشكلة فى قرار الحجب ما دام للمصلحة الوطنية.
وكانت النقابة شديدة المهنية والذكاء فى تناولها قضية حجب المواقع التى تصدر من داخل أراضي الدولة المصرية، فلم تورط النقابة نفسها فى معركة سياسية، أو تتورط فى الدفاع عن مواقع هناك شبهات حول تمويلها واتجاهاتها السياسية ومدى تعارضها مع مصلحة الوطن العليا، مع ذلك لم تغفل دورها في الدفاع عن حقوق الصحفيين العاملين فى هذه المواقع، وأكدت على وقوفها إلى جانب الصحفيين لتوفيق أوضاعهم ماديا ومهنيا، وقالت إن ذلك يتم من خلال تشاور بين نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المسئول عن تنظيم عمل المواقع فى جمهورية مصر العربية.
هذا الموقف يستحق احتراما وتقديرا لنقابة الصحفيين وخروجها بشكل مشرف إذ تحافظ على حقوق أعضائها دون الدخول فى معارك سياسية تفتح الباب لمزيد من المزايدات التي يتم التلاعب بها دون النظر لجوهر القضية.
وأفلح بيان النقابة في وصفه لهذه المعارك بـ"الواهية" فهي لا تساعد على الحل ولكن تسهم فى تعقيد الأمور التي لن يدفع ثمنها إلا أعضاء النقابة العاملين فى هذه المواقع.
على الجانب الآخر أرى أن قرار حجب بعض المواقع المصرية كان سببًا فى إعطاء هذه المواقع فرصة للحديث عن نفسها والحصول على زوار أكثر من باب الفضول، بعض هذه المواقع بلا أي مبالغة لم يكن يزورها من داخل جمهورية مصر العربية سوى أصدقاء الصحفيين العاملين بهذه المواقع، ولم يتوقع أصحابها يوما أن يحصلوا على هذا الصيت الذي حصلوا عليه بعد صدور قرار الحجب.
وطبقا لمشروع قانون تنظيم الإعلام الجديد فإن جميع المواقع سيتم تقنين أوضاعها لتكون فى إطار قانون يسهل معه ضبط فوضى المجال الإعلامى، وأن يكون هناك ميثاق للعمل الإعلامى ينظم المناخ الإعلامى عامة ويضع له ضوابط، تسمح بمعاقبة من يتجاوز فى حق الوطن أو يتجاوز فى حق المسئولين أو الأفراد، أو يهدد فئة من المجتمع بمادة تتضمن تحريضا أو إساءة.
ونظرا لأن بعض القائمين على هذه المواقع استغلوا القرار سياسيا في تصدير أنفسهم باعتبارهم مضطهدين ويكررون خطب المظلومية مثلما كان يستغل الإخوان دماء قتلاهم للترويج السياسي للتنظيم وكسب التعاطف من خلال تعمد ترويج حقائق ملتبسة، فقد كنت أتمنى أن يصدر قرار حجب المواقع متلازما مع إصدار بيان صحفي يخاطب به المجتمع المصري والدولي يستند إلى نشر الحقائق، وكشف تلك المواقع وما تقوم به لتهديد الأمن القومي المصري وترويع المواطنين حتى نقطع الطريق على كل هؤلاء المدلسين الذين اتخذوا من قرار الحجب فرصة للترويج السياسي لهم، وكسب تعاطف معهم، دون أن يعلم الرأى العام ما هى مشكلة هذه المواقع وما تمثله من تهديد لكى يتم حجبها، وأن الحجب لم يكن عشوائيا أو غير قانونى.