الأحد 29 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الأخبار

دراسة اقتصادية تحذر من التوسع في نشاط "التخصيم"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حذر المركز الدولي للدراسات والأبحاث، في دراسة اقتصادية حديثة، من عواقب توسع الحكومة والبرلمان في منح تسهيلات تشريعية جديدة لشركات التخصيم، والتي تبيع فيها الشركة ديونها المستحقة (فاتورة) لطرف ثالث بسعر مخفض، مقابل الحصول على أموال فورية لتقوم بأعمالها.
يأتي هذا التوسيع "الشمول المالي" غير المدروس، ليضر الاقتصاد المصري أكثر مما يفيد، خاصة أن معظم شركات التخصيم الموجودة حاليًّا مملوكة لشركات وبنوك أجنبية.
وأكدت الدراسة المكوَّنة من 25 ورقة أعدَّها الباحثون في المركز، أن الهيئة العامة للرقابة المالية أعلنت عن طرح مشروع قانون جديد للتأجير التمويلي والتخصيم، والذي يتضمن استحداث التأجير التمويلى متناهي الصغر، بعد مرور عشرين عامًا على إصدار أول قانون للتأجير التمويلي في مصر.
ويأتي ذلك مع ارتفاع عدد الشركات العاملة في مجال التخصيم لتصل إلى 7، وهي: (NSGB)، المصرية للتخصيم، درايف للتخصيم، تمويل للتمويل العقاري، المصرية لضمان الصادرات، القاهرة للتخصيم، والمصريين للتخصيم.
ويقدر إجمالى رءوس أموال تلك الشركات، بأكثر من نصف مليار جنيه، مقارنة بشركة واحدة فقط بنهاية عام 2010.
وارتفع عدد عملاء نشاط التخصيم من 182 عام 2014، إلى 220 عام 2015، إلى 300 في 2017 بمعدل زيادة 21%. ومن المنتظر صدور الموافقة على تأسيس شركتين جديدتين خلال العام الحالى.
ويتميز التخصيم بضمان التدفق النقدى والتمويل الذي يحتاجه المشروع التجارى دون الحاجة للانتظار حتى تاريخ استحقاق الفواتير لتحصيل القيمة بنسبة سيولة تصل إلى 80% من قيمة الحقوق المالية للبائع وانخفاض مخاطر الديون المعدومة والخسائر المؤثرة على صافى أرباح المشروع التجارى، في الوقت الذي انخفضت فيه عدد الشركات المستفيدة من التخصيم عن 300 شركة.
وأكدت الدراسة- نُشرت اليوم الأحد- أن الأزمة المالية العالمية بدأت عندما انخفضت أسعار العقارات بشكل حاد في النصف الأول من عام 2007، وتعثر المقترضون وامتناعهم عن السداد، ما أدى ذلك إلى نقص حاد في السيولة المصرفية لدى البنوك وزيادة طلب سحب الودائع من قبل المودعين بسبب التخوف من حدوث أزمة سيولة وفعلًا حدث ما كان متوقعًا، إذ امتدت الأزمة إلى أسواق المال والبورصة الأمريكية بصورة سريعة.
ولكن السبب الحقيقي في تفاقم الأزمة هو طريقة بيع الدين أو ما يسمى (التوريق) من خلال مراحلها، بصيغة سندات رهون عقارية بفوائد وبيعها في الأسواق المالية العالمية لذلك امتدت الأزمة إلى الأسواق المالية العالمية. 
وجاءت خطط الإنقاذ الأمريكية التي تضمنت أساسيات مهمة وهي (الإقراض، التأمين، الدمج) للبنوك والمؤسسات المتعثرة بهدف إنقاذ هذه المؤسسات وإنقاذ الاقتصاد والحيلولة دون انهيار القطاع المالي والمصرفي ومن ثم انهيار الاقتصاد الكلي، وهذه الخطط قررتها العديد من الدول بهدف الحد من الأزمة وليس الحل النهائي لمعالجة الأزمة.
وهنا نشطت فكرة شركات التخصيم، ولا شك أن هذه المؤسسات المالية تلعب دورًا مهمًّا وخطيرًا في اقتصاد أي دولة، فهي بمثابة القلب بالنسبة لجسم الإنسان، حيث تتلقى الأموال وتعيد توظيفها. 
وأضافت الدراسة، أنه حال تعرض أحد أنشطة القطاع المالي (بنوك، شركات تأمين، تمويل عقاري، سوق المال، التوريق، التخصيم) لأزمة معينة، فإن هذه الأزمة تنتقل سريعًا إلى بقية أنشطة القطاع المالي.
ومما زاد الأمر سوءًا تعدد الأجهزة الرقابية على أنشطة القطاع المالي ومن ثم عدم وجود تنسيق بينها، مما جعل الرقابة غير كافية. 
ولذلك فحينما بدأت أزمة التمويل العقاري في الولايات المتحدة، سرعان ما انتقلت إلى باقي أنشطة القطاع المالي.
ورغم وجود أشكال متعددة للتخصيم فإن النموذج المتاح في مصر حاليًّا هو التخصيم دون حق الرجوع، حيث تتحمل شركة التخصيم المسئولية الشاملة عن الالتزامات المالية للمشترى، فإذا أصبح المشترى غير قادر على الدفع خلال وقت زمنى محدد يتعين على شركة التخصيم سداد القيمة الاسمية للفاتورة.
وتحقق شركات التخصيم أرباحها بطريقتين، الأولى عن طريق فرض عمولة على إدارة عملية التحصيل وهي تتراوح بين 1.25 و2% من قيمة الشحنة، والطريقة الثانية عن طريق تحميل فائدة قدرها 2- 4% في الشهر على أى مبالغ نقدية تُدفع مقدمًا، ويتم تحميل الفائدة من وقت تسليم البضائع وحتى سداد المستورد كامل قيمة الشحنة.
ونظرًا لظروف الاقتصاد المصري أصبح لشركات التخصيم دور مميز في التعاملات بالأسواق، وهنا تكمن الخطورة، فالبيئة التشريعية التي تتبناها الهيئة العامة للرقابة المالية لصالح شركات التخصيم تقدم تسهيلات كبيرة ليست بمقدار ما قدموه لعدم وجود أي دراسات حكومية عن مخاطر توسع هذا النشاط وهو ما يثير القلق في الأسواق الناشئة كالسوق المصرية.
وكانت القاعدة القانونية لإنشاء الشركة، هي قرار رئيس الوزراء رقم 1446 لسنة 2003 الذي يسمح بتوفير خدمات التخصيم في مصر ثم تبعه قرار الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء وقتها، وحمل رقم 162 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997 وذلك لتنظيم نشاط شركات التخصيم وإمكانية تعديل رأسمال الشركات، وبعدها قرارًا وزاريًّا لعمرو الجارحي، وزير المالية الحالي، في مارس 2016 بإضافة نشاط «التخصيم» ضمن أنشطة التمويل المسموح للشركات التعامل فيها، أسوة بنشاط «التوريق»، و«التأجير التمويلي».
وطالبت الدراسة مجلس النواب بالتأني في سن أي قوانين جديدة للتخصيم، بجانب مراجعة آليات عمل الشركات وتجاوزاتهم خلال الفترة الماضية حتى لا تتعرض السوق المصرية، وخاصة صغار المستثمرين، لضربات جديدة موجعة، خاصة أن المحاكم تشهد منازعات قضائية كثيرة بسبب تلك الشركات، كما طالبت الدراسة مجلس النواب بعدم النظر لأوضاع الأقتصاد والقوانين بالبلدان الكبري بل بدراسة السوق المصري في ظل عدم وجود مقومات نظام جيد للتمويل في مصر مثل عدم وجود سوق أولية وأخرى ثانوية منظمة لها قواعد تحكمها وجهات تتولى رقابتها، ومن ثم أن نبدأ أولًا بتطوير سياسات الإصلاح المؤسسي لسوق التمويل والذي يعد أحد عناصر الإصلاح المالي الشامل.