قال الكاتب الأمريكي جون ستيل جوردون إن الانتخابات الرئاسية الأمريكية رغم صخبها وسيطرتها على الأخبار، إلا أنها في العادة لا تغير البلاد على هذا النحو.
وأكد جوردون – في مقال بـ وول ستريت جورنال- أن هذا ليس شيئا سيئا وإنما هو دليل على قوة الديمقراطية الأمريكية التي نادرا ما تنحرف بعيدا عن الوسط حيث تكمن السياسة الناجحة؛ لكن في حالات نادرة تجتمع أحداث تاريخية هامة مع مواهب سياسية استثنائية فيفرزان نظاما جديدا بالكامل... وهذا ما حدث في الانتخابات الرئاسية في أعوام 1828 و1860 و1896 و1932، وإلى حد كبير في 2016.
وعاد الكاتب بالأذهان إلى عام 1828 حين أحرز أندرو جاكسون فوزًا ساحقا في الانتخابات الأمريكية ليكون أول رئيس من خارج فيرجينيا وماساتشوستس، وأول رئيس فقير النشأة عصاميّ صعد السلم الاجتماعي معتمدا على مجهوده الشخصي... وقد بدا واضحا في ذلك الحين أن البلاد قد دخلت عهدا سياسيا جديدا "ديمقراطية جاكسون" محركا بذلك مكان القوة إلى "أسفل الميزان الاجتماعي–الاقتصادي".
وقد أسس جاكسون الحزب الديمقراطي الحديث، والذي تجمعت المعارضة المكثفة لسياساته متمثلة في حزب اليمين وبذلك تأسس نظام الحزبين السائد اليوم ... ولا عجب في أن يعتبر المؤرخون جاكسون بمثابة آخر الآباء المؤسسين.
ورأى الكاتب أن ثاني أكبر تحوّل شهده النظام السياسي الأمريكي جاء على يد أبراهام لنكولن الذي تزامن فوزه بانتخابات رئاسة 1860 مع انقسام الاتحاد الأمريكي إلا أن لنكولن استطاع في أربع سنوات فقط توحيد البلاد من جديد وإنهاء حرب أهلية كان من الممكن أن تكون الأكبر في تاريخ البلاد... وبانتهاء الحرب الأهلية تحولت الأمة الأمريكية.
ثم كان فوز وليام ماكينلي بالرئاسة 1896 إيذانا بعصر يمسك فيه الجمهوريون بزمام الأمور على مدى أكثر من جيل. ورغم اغتياله عام 1901 إلا أن سياسات ماكينلي استطاعت الاستمرار حتى عام 1932 حيث سيطر الجمهوريون على مجلس الشيوخ حتى هذا العام منذ توليه الرئاسة فيما عدا ستة أعوام فقط وعلى مجلس النواب طوال الفترة نفسها ما عدا عشر سنوات فقط؛ حيث لم يغادر الجمهوريون البيت الأبيض إلا عندما قسم ثيودور روزفلت الحزب عام 1912 مانحًا وودرو ويلسون فوزا بـنسبة 8ر41 % فقط من الاقتراع العام.
ثم استعاد الديمقراطيون زمام السيادة السياسية بفضل الكساد العظيم والحنكة السياسية لـفرانكلين روزفلت... ولم يستطع الجمهوريون في الفترة بين 1932 و1980 السيطرة على مجلسَي الكونجرس غير أربعة أعوام فقط.
وانتقل صاحب المقال إلى الانتخابات الرئاسية 2008 الوحيدة في التاريخ التي جرت وسط حالة من الذعر المالي ، وفيها خسر مرشح جمهوري رآه البعض غير مستقر لصالح مرشح ديمقراطي شاب يتمتع بـكاريزما هو باراك أوباما الذي تولى المنصب بأغلبية ديمقراطية قوية في كلا مجلسَي الكونجرس.
واندفع أوباما عبر أجندة شديدة الليبرالية وشديدة البُعد عن الشعبية؛ وقد تمخضت سنوات أوباما عن كارثة للديمقراطيين إذْ خسروا مجلس النواب عام 2010 ومجلس الشيوخ عام 2014.
وأشار الكاتب جون ستيل جوردون إلى أن الجمهوريين الآن يسيطرون على معظم مناصب المحافظين والهيئات التشريعية بالولايات... وعليه، تساءل الكاتب، "هل يمثل انتخاب دونالد ترامب على هذا النحو المذهل إيذانا بتحوّل يستمر طويلا على غرار التحولات التي أعقبت انتخاب كل من جاكسون ولنكولن وماكينلي وروزفلت؟ إنه رهانٌ وجيه لا سيما في ظل ما أحرزه الجمهوريون مؤخرا من مكاسب."
ورأى الكاتب أن المستر ترامب لكي يجلب تغييرا دائما فهو يحتاج إلى سياسات تنجح عمليا وليس فقط نظريا؛ إن سرعة النمو وزيادة الدخول عادة ما تؤتي ثمارها في صندوق الاقتراع.