لعل ما يلفت انتباه الزائرين عند دخول البوابة الرئيسية لمتحف البحرين الوطني تلك الرسالة المنقوشة على لوحة كبيرة تؤكد ضرورة الاستثمار في الثقافة وفقا لرؤية صاحبتها المسؤولة الأولى عن هذا القطاع في البحرين.. الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة الثقافة والآثار.
وتقول الرسالة "للثقافة والوعي نتائج إيجابية تبدو معالمها في الشراكة القائمة بين القطاع الخاص والمؤسسات الرسمية الملتزمة بالشأن الثقافي، الأولى تعطي دعمها المالي والأدبي، والثانية تنفذ المشاريع الهادفة للحفاظ على التراث الوطني والهوية الثقافية، إلى جانب إقامة مشاريع جديدة من شأنها ترسيخ فكرة المعطيات الإيجابية والملموسة والناتجة عن الاستثمار في الثقافة".
وتأكيدا لهذه الرسالة يلي بهو دخول المتحف معرض لمشروعات ثقافية تسعى الشيخة مي لأن تتحول إلى حقيقة على أرض الواقع من خلال استراتيجية مستقبلية تقول إن "هناك أحلام تطاردنا لننقلها إلى خانة الواقع لتحقيق ما تصبو إليه البحرين من توظيف إرثها التاريخي لجذب سياحة نوعية تضيف رصيدا أساسيا" لهذه الإرث التاريخي.
ويقدم "معرض الاستثمار في الثقافة" عددا من التصاميم لمتاحف أخرى مخطط لها ومنها متحف الفن الحديث ومتحف الطفل ومتحف مستوطنة سار والمركز الإقليمي العربي للتراث العالمي ومتحف تلال عالي ومتحف موقع معابد باربار وجمعيها من أبرز المعالم الآثرية في البحرين.
وضع تصاميم هذه المشروعات مشاهير مثل تصميم متحف الفن الحديث للمهندسة العالمية الراحلة زهاء حديد، متحف مستوطنة سار للمصمم الياباني العالمي تادو أندو، ومتحف تلال عالي للمصمم آني هولتروب.
*بوابة الاستثمار في الثقافة
ولأنه بوابة الاستثمار في الثقافة، كان المتحف الوطني على موعد مجددا مع حدث أٌريد له أن يكون بجوار معرض الاستثمار.. ذلك الحدث كان تدشين كتاب "أعمدة الثقافة" الذي أصدرته هيئة البحرين للثقافة والآثار الذي يبلور خطط مشروعات الاستثمار في الثفاقة.
ولا عجب في اختيار المتحف لهذا الحدث بداخله يمتزج التاريخ بالمستقبل في تجانس وتسلسل فريد.
هذا التجانس وذلك التسلسل يختصر بصورة رائعة ذكراة البحرين الممتدة عبر أكثر من ستة آلاف سنة ويتجلى من خلال قاعات عدة هي: المدافن، دلمون، تايلوس والإسلام، العادات والتقاليد، المهن والحرف التقليدية، والوثائق والمخطوطات وجميعها موصولة عبر طرقات بقاعة معرض الاستثمار في الثقافة، فبعد رحلته عبر هذا التاريخ الممتد داخل هذه القاعات سيجد الزائر نفسه أمام مشروعات المستقبل التي حتما سيأتي يوما إلى البحرين ويجدها حقيقة على أرض الواقع.
والمتحف كغيره من الصروخ الثقافية في البحرين ذو تصميم فريد يجعله من أرقى المتاحف في منطقة الخليج.. وهو مجهز بأحدث أساليب وتقنيات العرض ووسائل الأمان للمعروضات والزائرين.. ويرجع افتتاح المتحف إلى عام 1988 على يد أمير البلاد الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة. والمتحف من تصميم مكتب "كرون وهارتفيج راسميوسن" الشهير.. وتفتخر البحرين بأنه أول متحف يقام في منطقة الخليج العربي.
* نواة عام 1957
وتقول هيئة الثقافية والآثار إن أول عرض عام للقطع الأثرية في البحرين أقيم بالتعاون مع بعثة دنماركية في معرض مؤقت في مدينة المحرق في عام 1957 حيث حقق المعرض الذي استمر لعدة أيام فقط نجاحا ملحوظا وأثار اهتماما دائما بالآثار بين الكثير من البحرينيين.
ومهد ذلك المعرض المؤقت السبيل لفكرة ظلت تتطور بانتظام على مدى الأعوام التالية، ثم جاءت الخطوة المنتظرة في اتجاه إنشاء متحف وطني في عام 1967 عندما وقعت حكومة البحرين اتفاقية ثقافية مع منظمة اليونسكو وفي هذه المرحلة كانت النهضة العمرانية في البحرين قد أدت إلى العديد من الحفريات العرضية واكتشاف بعض المواقع الأثرية.
وبدا الأمر وكأن البحرين كلها موقع أثري كبير وأن الحفر في أي جزء منها قد يؤدي إلى اكتشاف آثار تدل على ماضيها وتزامن هذا الوعي المتزايد بالآثار وأهميتها مع تنامي الحرص على ضرورة ألا تؤدي التنمية في البلاد إلى فقدان تراثها الغني هو جزء أساسي من الاستراتيجية المستقبلية التي تقول الشيخة مي إنها تبلور أحلام الهيئة ورؤى هيئة الثقافة المستقبلية التي تسعى للحفاظ على التراث التاريخي في مواقعه المختلفة داخل البحرين مع تقديم كل ما هو حديث ثقافيا مثل مسرح البحرين الوطني ومتحف الطفل.
وتخطط الهيئة لمشروع مستقبلي لتحويل منطقة تلال عالي الآثرية إلى متحف مفتوح يمكن الزائر من مشاهدة القبور التاريخية في المنطقة التي يعود تاريخها إلى ألفي سنة قبل الميلاد.. هذا علاوة على مشروع متحف موقع معابد باربار وهي أحد الشواهد التاريخية على حضارة دلمون العريقة.