السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بوابة العرب

اغتيال السفير الروسي أسقط سوريا

أندرية كارلوف السفير
أندرية كارلوف السفير الروسى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شغل حادث اغتيال أندريه كارلوف السفير الروسى لدى تركيا الإثنين الماضى، على يد شرطى تركى 22 عامًا ينتمى لجيش الفتح فى سوريا، خلال مشاركته فى معرض فنى بعنوان "روسيا فى عيون تركيا" فى أنقرة، فى مصادفة غريبة ربما تكون مقصودة، الوسائط الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعى بشكل مبالغ فيه ومستفز إلى أبعد حد، وذهب البعض إلى أن الحادث غير حقيقى وعبارة عن مسلسل تركى.
لاحظنا خلال متابعتنا على مدار الـ 48 ساعة الماضية، ردود أفعال وتفسيرات متضاربة ومغالطات تجعلنا نتوقف كثيرًا ونتمعن فيما تخضع له المنطقة من أحداث تعصف بتحالفات ومصالح دول متشابكة ومترامية الأطراف؛ فقد ظهر جليًا تحالف روسى ـ تركى ـ إيرانى يخطط لتقسم غنائم الشرق الأوسط، أمريكا ومن خلفها إسرائيل حاضران فى هذا المخطط ولهما أجندتهما الخاصة التى يسعيان لفرضها بالقوة، لا أريد الخوض أكثر فى فك طلاسم هذه المعضلة لأنها باختصار قائمة على المصالح الكبرى للدول ولا توقفها بحور الدماء أو ادعاءات من أى نوع.
مصر الدولة الوحيدة التى نجحت فى الإفلات من مخطط التقسيم والذى تبنته جماعة الإخوان الإرهابية فى عهد المخلوع محمد مرسى، لكن هب المصريون لنجدة وطنهم فى ملحمة تاريخية شهد لها العالم وهى 30 يونية المجيدة التى أزاحت جماعة سرقت مقاليد الحكم فى غفلة، لكن أعاد الشعب وطنه كاملًا، وسيظل المصريون مصدر الفخر للعرب والملهمين والمجاهدين بالحق وللحق دائما، سيظل العلم المصرى خفاقًا رغم كيد الكائدين ومكر الماكرين، ولن تثنينا أو توقفنا عملية إرهابية هنا أو هناك عن الدفاع بالدماء عن تراب هذا الوطن الغالى.
توقعت منذ مشاهدتى للحدث والذى بث على الهواء وتناقلته وسائل الإعلام باختلاف أنواعها بسرعة البرق، أن يمر الحادث مرور الكرام ولن يؤثر فى العلاقات التركية - الروسية؛ لأنه كان جليًا أنها عملية جاءت ردًا على المباحثات الثلاثية التى تمت بنجاح فى اليوم التالى للحادث وكان قد أعلن عنها مسبقًا تتعلق بالإبقاء على الأسد فى السلطة، لكن الفاعل ظل مجهولًا وبعيدًا عن التوقعات، ومع متابعتى لوسائل الإعلام وتحليلات الخبراء الدوليين وجدت نفسى أمام سيل من الاتهامات تقاذفتها جبهات ضد بعضها البعض ودول ضد أخرى، حتى أن الرئيس التركى تطرق فى حديثه عقب الحادث لاتهام مصر، الحادث أفقده صوابه وأذهب عقله وتناسى أن مصر لن ترعى أو تدعم الإرهاب يومًا.
قاتل السفير الروسى هتف بالعربية: "نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا".. وبالتركية: "لا تنسوا حلب لا تنسوا سوريا".. مؤكدا: لن تشعروا بالأمن ما لم يشعر به أهل سوريا.. وسيدفع الثمن كل من له يد في هذا الظلم.
كنت أحد الذين أمعنوا النظر ودققوا فى هذه الكلمات واستنتج عدة تفسيرات أن صاحبها "متشدد" ويرجح انتماؤه لجماعات ترفع شعار المبايعة والجهاد المسلح، ووجه رسالة بعدم ترك حلب ومعاقبة المتورطين فى إراقة الدماء فى إشارة منه لحكومات الدول المتورطة فى المذابح السورية ومنها تركيا وإيران وروسيا وأمريكا وإسرائيل فهل سيفاجئنا جيش الفتح تنفيذ عمليات داخل العمق الإسرائيلى.
وفاجأنا صباح اليوم الأربعاء، ما يسمى بـ"جيش فتح الشام" المؤلف من عدة فصائل تتبنى الجهاد المسلح منها "أحرار الشام" و"جبهة النصرة" والتى اجتمعت لإسقاط النظام السورى وإقامة دولة إسلامية، بتبنيه للهجوم المسلح الذى أودى بحياة السفير الروسى، ما يضعنا أمام تفسيرات جديدة وانتظار العديد من العمليات الإرهابية ضد الدول الداعمة والمساندة لنظام الأسد، عقابًا لها على الوقوف خلف بشار.
أتوقع أن تشهد بعض دول العالم عمليات إرهابية شديدة ستطال شخصيات كبيرة ودبلوماسيين داخل الدول الداعمة والمساندة لنظام الأسد، الأيام القليلة المقبلة ستكشف لنا النقاب عن الدول التى ترعى وتدعم التنظيمات الإرهابية التى تسعى لترويع الآمنين، لأنها بانتهاء الأزمة السورية سيطفو الجميع على السطح، فى تقديرى أن عملية اغتيال السفير الروسى لم توقع فقط جثة دبلوماسى لكنها أسقطت معها دولة سوريا، فالحادث أباد ما تبقى من أمل فى أن نوقف نزيف الدماء ونذهب إلى حل سياسى ينهى الصراع.