السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة ستار

نص آخر حوار لـ"قطة السينما المصرية"

 الفنانة الكبيرة
الفنانة الكبيرة زبيدة ثروت
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى حوار أجرته معها جريدة «البوابة» قبل رحيلها بأيام قليلة، تحدثت الفنانة الكبيرة زبيدة ثروت عن أشياء كثيرة ومهمجة تخص حياتها الفنية وأعمالها التى قدمتها على مدار تاريخها الفنى، حوارها مع «البوابة» من الحوارات القليلة التى أدلت بها خلال السنوات الماضية، والذى كشفت من خلاله إصابتها بمرض السرطان اللعين الذى أصاب الرئة ومعاناتها معه، والذى كان يجعلها طريحه الفراش، إضافة إلى الحزن الذى لازمها بسبب رحيل ابنتها وأخيها فى عام واحد.
فى بداية الحوار تحدثت عن التكريم الأخير من المركز الكاثوليكى للسينما والذى حصلت من خلاله على جائزة الريادة السينمائية قائلة: إنه شرف كبير لى، لأنه جاء من المركز الكاثوليكى والأب بطرس دانيال، الذى اتصل بى، وأنا أحترمه جدًا لاهتمامه بالفنانين الذين يمتلكون تاريخًا كبيرًا ساهموا به فى إثراء السينما المصرية، وأكدت أن التكريم مطلوب لأى فنان لأنه دليل على حب الناس له، وأن التكريم جاء ليذكرها بأنها ما زالت موجودة فى عقول الناس، وما زالت أعمالها موجودة، مؤكدة أنها تضع نصب عينيها باستمرار حب الجمهور الذي يعوضها عن كنوز العالم بأجمعه، وهذا التكريم تحديدًا جعلنى أتذكر وأسترجع مشوارى الفنى مع جميع الفنانين الكبار الذين تعاونت معهم من خلال الأب بطرس دانيال وأود أن أشكره كثيرًا على لفتته الطيبة، وإننى أكن له كل الاحترام والتقدير.
وبسؤالها عن الفنانة التى تعجبها وترى نفسها فيها، أكدت أنها ترى الفنانة مى عزالدين هى الأقرب، فتقول: أنا أعشقها للغاية وأشعر أنها أقرب شخصية لى وأكثر فنانة تعجبنى من هذا الجيل. فهى إنسانة جميلة للغاية وتتسم بالرقى والذوق العالى، بجانب أنها مجتهدة وموهوبة للغاية وتعرف من أين تجنى الثمار وأتمنى لها كل التوفيق فى عملها وحياتها.
كما تحدثت عن ذكرياتها مع عبدالحليم وأحمد رمزى قائلة: هما عمالقة الفن المصرى وعموده الفقرى، ومحمود المليجى وعمر الشريف وكمال الشناوى وغيرهم كثيرون، ولا يمكن أن نجد بديلًا لهم الآن فى الوسط الفنى ومن الصعب تكرارهم مرة أخرى، فكانوا يتسمون بالأخلاق الطيبة والذوق العالى ويحبون عملهم ويخلصون له للغاية، وهذا السبب الرئيسى لنجاح كل فرد منا. فلا بد لكل إنسان فى مجال عمله أن يكون مخلصًا حتى يحقق نجاحًا كبيرًا ولا ينظر إلى المقابل المادي. 
وعن تقييمها للحركة الفنية فى مصر خلال السنوات الأخيرة، ومدى رضائها عنها أوضحت: إن هناك فرقًا كبيرًا بين ما كان يقدم زمان وما يقدم الآن. فالأعمال والمضمون أصبحا بلا قيمة فنية ورسالة هادفة والسينما والدراما يقدمان أعمالًا بها عنف ودم وضرب وقتل وأشياء صعبة للغاية، والقائمون على هذه الأعمال، لا ينظرون إلا لأنفسهم، ولا يرون أن هناك أطفالًا يرون هذه الأعمال وأنا على يقين كامل أن سبب وصولنا لهذه المرحلة أن الأخلاق اختفت تمامًا الآن، ولو أصبح لدينا ضمير وأخلاق وحب فى كل شيء نقدمه أو نقوم به، ستصبح مصر أجمل بلدان العالم لأن الحب يصنع المعجزات، فهو أجمل شيء فى الدنيا. لذلك يجب على الجميع دعم الفن وتقديم أعمال هادفة وتكون جيدة ومعبرة عن الجمهور. 
وعن عملها مع كبار المخرجين والكتاب وكيف أثروا فى حياتها وتكوين شخصيتها الفنية والإنسانية، أشارت إلى أن أهم شيء فى الحياة هى الأخلاق وجميع الذين تعاونت معهم كانوا يتصفون بالأخلاق الرفيعة والأدب الجم.
وعن الدور الذى تتذكره دائمًا ويطاردها باستمرار عندما تجلس بينها وبين نفسها قالت: دورى فى الحياة هو أكبر دور حصلت عليه سواء مع زوجى أو بناتى وأحفادى، ومع كل شخص فى حياتى لى دور معه، فالدنيا مليئة بالتجارب والمواقف السعيدة والحزينة والمشاعر التى نمر بها وتؤثر فينا فالحياة فيلم سينمائى كبير ليس له نهاية، كما قال العملاق الراحل يوسف وهبى «إن الدنيا مسرح كبير»، وكل موقف وتجربة فى حياتى أعتبرها بمثابة عمل من أعمالى. 
وعن بعدها عن الأضواء وعدم الظهور لجمهورها أوضحت أن ظروف حياتها حكمت عليها بذلك، فقد تزوجت وأنجبت مبكرا وأصبحت جدة وهى فى الـ«٤٠» من عمرها، ووضعت كل تركيزها واهتمامها فى بناتها وأحفادها، قائلة: اخترت الهروب من الشهرة والنجاح حتى أحصد نجاحًا أكبر لى، وهو الحب والأمومة وهما أجمل هدية منحهما الله لى وعلاقتى بهما تؤكد الحكمة الخالدة التى تقول أعز من الولد ولد الولد وحقيقة هم يستحقون ذلك، لأننى ببساطة أجد سعادتى معهم.
وعن تاريخها الطويل ومعاصرتها لأحداث وعصور كثيرة بدأت من الملك وحتى الرئيس الحالى عبدالفتاح السيسى، ورفضها كتابة مذكراتها قالت: لا أرفض كتابة مذكراتى، وإذا فكرت فى الكتابة فلا بد أن أكتب أشياء يستفيد منها الناس سواء من مواقف مررت بها أو تجارب خضتها. وأقول لكل فرد يجب أن تحب عملك وتخلص له حتى تصبح البلد من أعظم بلاد العالم، لأن عملك هو الذى يمثل بلدك الذي تعيش فيه، فالشعوب تعرف بفنها وثقافتها. 
الفنانة القديرة كانت حريصة قبل رحيلها على متابعة الأحداث السياسية التى تمر بها مصر، وقامت بتوجيه رسالة من خلال الحوار لمن يحاول الإضرار بمصر قائلة: أقول لهم أحبوا بلدكم وأخلصوا لعملكم أكثر من ذلك، ولا بد على الجميع احترام بعضهم البعض، لأن فى الفترة الأخيرة وجدت بعض الظواهر والأشياء التى لا تمت بصلة للإنسان المصرى والأسرة المصرية، وظهرت صفات غريبة على المجتمع فى أخلاقياته، فأصبح المجتمع يسير بقانون الغابة القوى يأكل الضعيف. فأنا لا أريد أن أرى مصر العظيمة والعريقة أسوأ من ذلك، فأدعو الله أن يحمى مصر بلد الأمن والأمان، وأوصت خلال الحوار أن تدفن بجوار عبدالحليم حافظ، وأكدت أن عبدالحليم حافظ أحبنى بجنون، فكان من أهم سماته أنه يتسم بالدم الخفيف والرومانسية، وكان يخلق جوًا من السعادة والمرح لكل من حوله، وكان الجميع يحبونه، وكان إنسانًا متواضعًا إلى أقصى درجة ويمتاز بالكرم، ومهما تحدثت عنه فكلامى لن ينتهى، وأعتبره لم يمت فهو باقٍ بأعماله الخالدة وما قدمه للسينما المصرية والفن العربى، وأدعو له دائماً بالرحمة وأن يجعل مثواه الجنة.