يعيش أهالي حلب لحظات صعبة ومؤلمة بين من قُتل، ومن أصيب، ومن رحل ومن سيرحل،
دقائق وربما سويعات قليلة تحملهم إلى مكان آخر، بعيدا عن موطنهم، هنا عشنا، وكبرنا
هنا كانت طفلولتنا، شبابنا، فرحنا، وحزننا، ربما سنرحل ولكن ستبقى أرواحنا عالقة بحلب
الأرض الطاهرة التي احتضنت دماء الأبرياء الذين دفعوا ثمن حياتهم لصراعات سواء
كانت داخلية أو خارجية جاءت تتحارب هنا، لكن المؤكد أننا راحلون، إما إلى مكان أفضل
من الأرض التي ضاقت بنا وإما إلى مكان آخر في غربة كتبها القدر.
هذا هو الحال الشباب والنساء والشيوخ والصغار، المشهد حقا مؤلم
والوجوه عابسة، والدموع منها ما زال يتساقط، ومنها ما جف من كثرته دون جدوى، القلوب
تودع حلب بكل الماضي السعيد والحزين.
يقول العجوز المنصوري محمد: سنرحل ونترك ألما لم يقابله ألم وحزنًا باقيا بداخلنا على بلدتنا التي كبرنا وعشنا بها أجمل سنوات العمر ولا نعرف هل سنعود
أم أنه رحيل بلا عودة.
أما سناء على، برفقة زوجها وصغارها المتبقي 3 منهم ستحملهم معها
والأربعة سيبقون بعد رحيل أرواحهم الطاهرة: حسبي الله ونعم الوكيل، دماء حلب في
رقبة كل العرب، ويودع ناصر خالد حلب بالدموع على أشقائه الخمسة وأمه، مؤكدا: حتما
سنعود.
وقد بعث شاب سوري من أحياء حلب المحاصرة رسالة عبر وسائل التواصل الاجتماعي
بصوت حزين يظهر مدى الأسى الذي يعتريه، لأنه سيغادر الحي الذي تربى فيه قسرا إلى
مناطق سيطرة المعارضة في ريف حلب دون عودة قائلًا: "الطقس ممطر الآن، والقصف
هدأ بعض الشيء، ميليشيات الأسد تبعد ربما 300 متر من هنا، لا مكان آخر للجوء، هذه
هي الأيام الأخيرة أتمنى التواصل معكم مرة أخر عبر "البيرسكوب"، أعتقد
أننا تقاسمنا لحظات كثيرة داخل حلب.
حقا أنا لا أعرف ماذا أقول، ولكن آمل، حقا آمل أن تتمكنوا من
فعل شيء ما لأهالي حلب، لابنتي، ولأطفال آخرين.
لا تؤمنوا بعد الآن بالأمم المتحدة، ولا بالمجتمع الدولي، لا
تعتقدوا أنهم غير راضين بما يحصل، بل هم راضون بأننا نقتل، وبأننا نمر بواحدة من
أروع المجازر في التاريخ الحديث، روسيا لا ترغب أن نخرج من هنا أحياء، روسيا لا
ترغب بخروجنا من هنا أحياء، تريدنا أموات، كذلك الأسد.
بالأمس كانت هنالك احتفالات في الجانب الآخر من حلب يحتفلون على
أجسادنا، ولكن على الأقل نحن نعرف أننا كنا شعبا حرا أردنا الحرية، لم نكن نريد أي
شيء آخر غير الحرية.
وتقول صباح سيد: لن يكون هناك صراع بين الحق والباطل إلا انتصر
الحق فى النهاية، وحتى وإن واجه الحق انتكاسات مميتة فلا بد من انتصار الحق؛ ﻷن انتصار الباطل وعلوه على الحق إنما هذا العلو وانتصار يأتى كون الباطل هو جند من
جنود الحق؛ ﻷن انتصار الباطل سوف يذف الإسلام والمسلمين المعتدلين الذين ذاقوا مرارة
الباطل بالتمسك بالحق بنواجذهم وأيديهم؛ ﻷن الحق دائما منتصر، وأن على عليه الباطل
فى بعض اﻷحيان وذلك ﻷن الباطل زهوق، فيا إخوانى فى المقاومة المعتدلة فى مدينة حلب
لا تحسبوا انتصار الباطل مثل فى نظام الطاغية اﻷسد واتباعه الروس والميليشيات
الشيعية اﻹيرانية والحزب الشيطانية قد انتصر ﻷن الحق سيعود، وهو أكثر قوة وانتصارا، وأن مدينة حلب التى أخذتموها على جثث اﻷطفال والنساء والشيوخ سوف تسترد منكم عما
قريب ولكم مثال على ذلك "من الذى على مدينة تدمر اﻷثرية اﻵن"، هذا لا
يعنى أننى أقول: إن تنظيم الدولة على حق بل هو على باطل، يقول الله عز وجل:
{وتلك اﻷيام نداولها بين الناس} صدق الله العظيم.
ربما تكون هي كلمات دونها بشر يائسون كتب عليهم القتال، ثم
الحصار والدمار ثم الرحيل، وكانت بعض الكلمات والعبارات هي آخر ما تركوه بمدينتهم.