لم أتعجب من هرتلات الصبي الذي يحكم دويلة قطر، فهو، بالنسبة لى، لا يؤاخذ على تطاول ولا يلام على فعل، بالضبط، مثل «عبيط القرية»، الذى يصرخ ليل نهار أمام «مجالس» الوجهاء وبيوت علية القوم، يسبهم بأقذع الألفاظ، أو يرميهم بالطوب، ثم ينصرف متبلدا، مثل خنزير مترهل، لا يقوى على الهرب من صيحات الصبية والأطفال.. لكن ما فعله مؤخرا تميم ابن موزة، حفزنى، بل حفز غالبية المصريين على الغضب، ليس منه، فكلنا يعلم أنه، معتوه، سفيه، إنما الغضب من الصمت الرسمى، تجاه التطاول على الجيش والتحريض على إثارة الفتنة، وعدم اتخاذ موقف حاسم، رادع، يضعه فى حجمه الحقيقي.
القصة مفادها، أن قناة الجزيرة أنتجت على حساب ثروات الشعب القطرى المغلوب على أمره، فيلما هزليا، زعمت أنه وثائقى، للنيل من الجيش المصرى والإساءة لسمعته، ورغم أن الفيلم لا يرقى لمستوى الأفلام التسجيلية أو الوثائقية من الناحية المهنية، إلا أن مشاهد «البرومو» العبثية، التى بثتها «الجزيرة»، تركت فى النفوس غضبا غير مسبوق، لما تضمنته تلك المشاهد، من تجاوز لكل الخطوط الحمراء، فالجيش المصرى، إن كان عبيط قرية قطر لا يعلم، تاج عزة المصريين وشرفهم الذى يتفاخرون به جيل وراء جيل، حيث احتوت المشاهد على مزاعم بأن التجنيد الإجبارى مهانة وحياة شاقة ومعاناة للمجندين.
أما الفيلم الذي حرصت الأسرة الحاكمة فى قطر على بثه، بالتزامن مع الضربات التى يوجهها الجيش ضد الإرهابيين فى سيناء، هو مجرد محاولة يائسة لتحريض الرأى العام ضده، فى إطار السعى الدءوب لتنفيذ مخططات الصهيونية العالمية، بدون إدراك من جانب القائمين على قناة الجزيرة، بحقيقة راسخة تشكلت عبر قرون طويلة، تؤكد أن الجيش المصرى يمتلك فى نفوس المصريين سلطة عاطفية، اكتسبها بفعل التضحيات ودماء الشهداء، التى سالت فى الدفاع عن الوطن وحماية الشعب، هو جيش وطنى خالص، يضم فى صفوفه شباب ارتوى من مياه النيل.
استعان مخرج الفيلم بكومبارس مأجورين، يرتدون الزى العسكرى، راحوا يتحدثون عن الأشغال الشاقة والمأكل والتدريب والقسوة فى المعاملة.
هذه الأفعال ليس لها ترجمة سوى، أن فاقد الشىء لا يعطيه، فحكام الدويلة الصغيرة لا يعرفون معنى الجندية والوطنية، لأنهم يعيشون تحت حماية ورحمة القواعد الأمريكية، وينفذون التعليمات الأمريكية، لذا لا يعرفون أن التجنيد الإجباري، فريضة وطنية وتعبير حقيقي عن تحضر ورقى الدولة المصرية الضاربة بجزورها فى عمق التاريخ الإنسانى، فالتجنيد الإجبارى يرسخ لمبدأ المساواة بين أبناء الوطن، لا فرق بين غنى وفقير، إنسان بسيط أو منتم لطبقة الأثرياء، متعلم أو أمى، مشهور أو مغمور، يعيش فى القبور أو يعيش فى القصور، فالتجنيد يعنى لدى المصريين «ضريبة الدم»، يدفعونها التزاما وطنيا فى المقام الأول وإلزاما قانونيا فى المرتبة الثانية، لأن جينات المصريين تفرز النخوة والنخوة صون للشرف «الأرض والعرض».
الفيلم العبثى أراد منتجوه أن يجعلوا من مميزات التجنيد الإجبارى مساوئ. بما يثير السخرية من العته المتوطن فى قصور حكم الدويلة الصغيرة، هى لديها ٨ آلاف مرتزقة من الجنسيات المختلفة تطلق عليهم الجيش القطرى، ولديها ٣ آلاف مواطن قطرى تم إلحاقهم كضباط، يحملون الرتب العسكرية، ليكونوا مرؤسين لأفراد ينتمون للأسرة الحاكمة وأصهارهم، منحهم رتبًا عليا لترضية عائلاتهم من ناحية ولكى يدينوا له بالولاء فى مواجهة الشعب من ناحية أخرى، ولأن غلام قطر، يشعر بالدونية تجاه الدول الكبيرة والجيوش العريقة، لجأ فى الآونة الأخيرة لتطبيق نظام التجنيد الإجبارى على مواطنى الدولة وغيرهم من أبناء الأجانب الذين منحهم الجنسية القطرية، ومع ذلك راح يمول من خزائن شعبه إنتاج فيلم هزلى، يصف التجنيد الإجبارى بالقسوة والتجبر وإهانة الجنود، لبث الفتنة بين المصريين فى إطار المشروع الأمريكى التركى القطرى، الرامى لتمكين الإخوان، ومهاجمة الدولة المصرية، فى محاولة بائسة لإهانة الجيش وتحريض الشباب على رفض الالتحاق بصفوف القوات المسلحة.
«الجزيرة» تعتمد على مقولات وفيديوهات كاذبة ومزيفة، ظنا أنها تستطيع هز ثقة الشعب المصري فى جيشه، بما يؤكد أن الغباء والجهل بلغ حدا غير مسبوق فى دويلة لا يعرف حكامها معنى الجندية ومكانة وقيمة الجيوش الوطنية، فقط يعرفون التطاول وابتكار الأكاذيب، لزعزعة الاستقرار وإثارة الفتن بالوكالة، من العراق إلى سوريا مرورا باليمن وليبيا، أما الشواهد على أكاذيبهم ضد الدولة المصرية فهى كثيرة، فى مقدمتها الاتهامات التي ساقتها قناة الجزيرة بعد ثورة الشعب ضد حكم الإخوان، فضلا عن احتضانها فئة مارقة عن الصف الوطنى، دأب أفرادها على إثارة الرأي العام العالمي ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، بابتكار الادعاءات وإرسالها فى تقارير لتشويه صورة نظام الحكم.
يقينًا مشاهد الفيلم، مفبركة ولا تمت للحقيقة بصلة، هى مجرد لقطات زائفة، فمن الصعب جدا إن لم يكن مستحيلا جدا جدا جدا، التمكن من تصوير فيديوهات تحوى مشاهد خاصة بتدريبات المجندين وإجراء حوارات معهم داخل الوحدات العسكرية، خاصة إذا علمنا أن التصوير، لا يتم إلا بإذن من القيادات العليا وفى وجود مرافقين، فمن أين جاءوا بالمشاهد والحوارات التي ظهرت فى برومو الفيلم.
مخرج الفيلم اسمه عماد الدين السيد، احترف التزييف وله سوابق فى هذا المجال، استعان فيها بمأجورين يرفعون لافتة الثورية، لتصوير مشاهد خناقات وبلطجة وأخرج فيلما، زعم أنه وثائقى بعنوان «المندس»، وهو الفيلم الذي ساهم بصورة واضحة فى التحريض ضد الشرطة، مدعيا أن الداخلية تؤجرالبلطجية للاعتداء على المواطنين المصريين.
لا يستطيع أحد مهما كان مجافيا للواقع، إنكار أن قناة الجزيرة القطرية نجحت لفترة فى جذب الكثيرين من المصريين، ليس من باب الحرفية، إنما بسبب الترويج الزائف من النخبة المصرية التى كان أفرادها من مرتدى ثياب المعارضة، يحصلون على المعلوم مقابل الظهور، فالترويج كان من أجل المصالح وليس للصالح، لذا جرى وصفها بأنها إعلام مهنى احترافى يتيح الفرصة للنقاش والجدل، فوجدت أرضا خصبة لترويج الأكاذيب، فى ظل غياب للإعلام المصري، الذي كان يبث صورا لواقع مغاير للحقيقة المرئية والملموسة على الأرض.
هذا الفيلم لا يمكن إقصاؤه بعيدا عن المخططات الموجهة ضد الجيش المصري، فى محاولة لكسره، لأنه الساهر على حماية الأرض والعرض والضامن لاستقرار الدولة المصرية، فهو القوة الصلبة التى وقفت حائطا منيعا ضد مخططات تفتيت المنطقة بأكملها وتحويلها دويلات صغيرة يلا تقوى على حماية أراضيها.
فى النهاية لا بد من التأكيد على أن جيش مصر، خط أحمر، ويجب أن تكون هناك وقفة أخيرة تجاه ممارسات هذه الدويلة وحاكمها، ولابد أن يكون هناك رد فعل قوي لوقف الشائعات، الرامية لإحداث الفتن وإثارة القلاقل.