تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
الصورة الأولى
"أنتو ازاي عايشين كدة" .. "أنتو هتفضلوا ساكتين لحد امتى" .. "قوموا اتحركوا دي الدنيا خلاص خربت ولا انتم مش حاسين" .. "اخرجوا يوم 11 نوفمبر واعملوا اي حاجة في رغيف" .. كانت هذه عينة من بعض الدعوات التي اكتظت بها ساحات مواقع التواصل الاجتماعي لحث الشعب المصري على "الخروج ـ الثورة ـ الانتفاضة" أياً ما كان ما يدعون إليه .
عند هذا الحد .. والأمر ربما يبدو عادياً .. لكن الذي لا يمكن أن أتعبره عادياً ، ولا حتى يخش ذمتي بتلات تعريفة زي ما كنا بنقول زمان أيام العيشة ما كانت رخيصة ، أن تنهال علينا هذه الدعوات من أشخاص يرفلون في نعيم المكاتب المكيفة ويقبضون الدولارات واليوروهات والريالات ، وعلى كل لون يا ثورجية ، ويتفننون فقط في تكدير حياتنا ويمارسون رذيلة "تسويد" الصورة على طريقة "قاعدين ليه ما تقوموا تنتحروا" دون أن يبذلوا نصف أو حتى عشر هذا الجهد في تقديم العون أو محاولة تحسين الأوضاع التي يصدعون رؤوسنا ليل نهار بأنها ستنفجر ستنفجر ستنفجر .
كما يحز في "نفسيتي" ويؤلمني انتظار هؤلاء ، الذين من المفترض أنهم مصريين شربوا من نيلها ، انهيار الأوضاع وخراب البيوت حتى نتحقق من صدق نبوءاتهم ، تماما مثل غراب البين ، بل ويظهرون سعادتهم البالغة لمعاناة المصريين الصابرين ولا يتورعون عن
الصورة الثانية
"يا ترى إيه اللي هيحصل يوم 11 نوفمبر" .. "تنصحنا نخرج ولا ما تنصحناش" .. "تفتكر الحكومة حاسة بينا ولا لازم ننزل علشان صوتنا يوصل لها وتتقي ربنا فينا" .. كانت هذه عينة من الأسئلة التي تلقيتها هي وغيرها خلال الأيام الماضية .. وبطبيعة الحال لم يخف أصحاب التساؤل قلقهم ليس فقط الشخصي وإنما أيضاً خوفاً على وطنهم الغالي مصر الذي يعيشون فوق أرضه ويتحملون من أجله كل صعب .
كما لم يخف هؤلاء المتسائلون ضيقهم واختناقهم من اشتعال الأسعار وعدم وجود ضوء في نهاية النفق خصوصاً أن أياً من الوزراء أو الحكماء لم يخرج علينا لشرح أبعاد الرؤية إيه وهل بعد كل ما نتحمله سيكون حالنا افضل أم أننا سنكون بانتظار مزيد من الإجراءات المؤلمة التي تتخذها الحكومة اللي "ما بتخافشي" .. وهل صحيح ما يتردد أنه بمجرد مرور 11 نوفمبر بخير وسلامة سنستيقظ على واقع أكثر قسوة ومشهد اكثر ارتباكاً .
ولكم أن تتصوروا حجم الحيرة التي واجهتني وأنا أفكر في الإجابة على كل هذه التساؤلات ، غير المفاجئة بصراحة ، خصوصاً عندما وصلت إلى مرحلة من وراء هذه الدعوات .. إلا أنني قفزت على هذه الحالة ووجدتني أرد على تساؤلهم بسؤال : ماذا لو خرج الآلاف للتعبير عن معاناتهم من ارتفاع الأسعار أو غضبهم من بعض أو كثير من الأحوال التي يلمسها كل من يعيش في مصر واندس بينهم بلطجية أو قتلة وقاموا بإسالة دماء سواء في صفوف المتظاهرين أو حتى في قوات الأمن التي ستخرج بكل تأكيد للسيطرة على هذه التجمعات .
كما ذهب تفكيري إلى جدوى الخروج من أساسه فهل سيجدي نفعاً .. بمعنى آخر هل "اللي اتكسر ها يتصلح" أم أننا لن ينالنا من التجاوب مع دعوات النزول سوى إراقة الدماء والدخول في فوضى لا يعلم مداها أحد .. خصوصا وأن الداعين لم يقولوا للمدعوين ماذا بعد النزول .. وكأن شخصاً يقول لك اقفز من الشرفة .. طيب وبعدين .. تلاقيه يقول لك .. هانشوف ايه اللي يحصل بعد كدة .. فهل المطلوب فقط أن نقفز من الشرفة ؟.
تساؤل آخر قفز على ذهني .. هل حقاً يبتغي الداعون للنزول يوم 11 نوفمبر صالح الشعب أم أن هذا دور مرسوم لهم أن يحرضوا الناس على التظاهر على طريقة "إنا هنا قاعدون" .. بالمناسبة انا لي اصدقاء من بين هؤلاء الداعين أعتز بمعرفتهم لأنني واثق تماماً من صدق مشاعرهم ونبل أخلاقهم لكن للأسف يبدو أنهم لا يرون الصورة كاملة .. فهل يمكن لأحد أن يقنعني أن تركيا وقطر تدفعان كل هذه الأموال من اجل وجه الله تعالى ومصلحة المصريين .. طيب لا مؤاخذة يعني بأمارة إيه ؟
لا ينكر أحد قسوة الظروف التي تمر بها مصر ويعيشها المصريون تحت نار الغلاء وضبابية المشهد .. لكن لا يستطيع أحد اقناعي بأن النزول يوم 11 نوفمبر هو الحل .. فلو كان النزول هو الحل لم يكن المصريون سينتظرون "احتفالية 11 / 11" بل كانوا سيخرجون فور إعلان خفض قيمة الجنيه ورفع سعر الوقود .. لكنهم يدركون جيداً صعوبة التحديات .. لكن على الحكومة أيضاً بل وكل مسئول في مصر أن يدرك أنه يكفي تضييق وغلاء فالشعب لم يعد يتحمل أي قرارات مؤلمة أخرى .. وبدلاً من أن تسخر الحكومة كل جهدها لمص أموال الشعب فعليها أن تبحث عن آفاق أخرى لجلب الأموال بعيداً عن تكدير المواطنين .. مش كده ولا إيه ؟!