حرب جديدة تضاف إلى الحروب التى نواجهها، فبعد أن صمدت مصر فى حربها ضد الإرهاب وما زالت، وبعد أن وأدت العديد من الفتن الطائفية وما زالت، وبعد أن كشفت الشائعات التى تبثها فضائيات الجماعة وتنشرها مواقع تحت سيطرة أجهزة مخابرات وعملاء فى الخارج والداخل وما زالت.. تواجه مصر حربا نفسية شرسة تستهدف البسطاء من الناس، تشارك فيها وتحشد لها نخبة من مصريين قرروا بيع الوطن بثمن بخس وإن كثر.. دولارات معدودة وإن صارت ملايين.. حربا نفسية تكرس الإحباط واليأس وتخطف الأمل من العيون وتنزع الولاء والانتماء من القلوب!
فى أعياد مصر ومناسباتها القومية التى يفخر بها المصريون ويفرحون بها، تدور دائما رحى الحرب النفسية، مستهدفة إرادة الشعب المصرى لتصيبه فى مقتل، فتحول مشاعر الانتصار إلى مشاعر انكسار.
هذه الحرب بدأت منذ قبض السيسى على الملفات المحظورة (الطاقة.. الإسكان والعشوائيات.. تنويع مصادر السلاح.. تقوية الجيش.. فيروس سى الذى أكل أكباد المصريين.. توفير الغذاء وزيادة الرقعة الزراعية والقمح.. استقلال القرار الوطنى.. وغيرها) وقرر فتحها والتعامل معها بجرأة وجسارة واقتناع، وكان يمكن أن يتركها كما تركها سابقوه ليحافظوا على الكرسى ويستمتعوا بنفاق الشعب، لكنه لم يفعل.. حقيقة لا تحتاج شرحا أو تأويلا.
فى الآونة الأخيرة ومع دعوات ١١ / ١١ التى أراها أكذوبة رغم اعتراف الجماعة الإرهابية بأنها وراءها نشطت أطراف المؤامرة ومن يلف لفهم، ولكل منهم غاية وهدف، وشنوا عدوانا ثلاثيا ليطفئوا فرحة المصريين بعيد انتصارهم، فكان التحذير الثلاثى من سفارات أمريكا وبريطانيا وكندا بتحذير رعاياها ليس للذهاب إلى رفح أو الشيخ زويد تجنبا لعمليات القضاء على الإرهاب هناك، ولكن التحذير كان بعدم التواجد فى الأماكن العامة مثل دور السينما والمولات والميادين العامة الشهيرة والملاهى والمتاحف، بهدف إثارة البلبلة وإشاعة الخوف، وتصوير مصر على أنها غير آمنة بعد مؤشرات مشجعة لموسم سياحى مبشر، وقرب توقيع قرض صندوق النقد الدولى، وانعقاد مؤتمر برلمانى دولى وعربى فى شرم الشيخ يعبر عن كل شعوب الدول الحاضرة، كان الهدف من التحذير أيضا هو استكمال دائرة الحصار حول مصر، لكن وعى المصريين أفشل التكتيك فسقط الهدف تحت أقدام الشعب المصرى، عندما خرج وملأ الشوارع واحتفل وبرهن على ثقته فى جيشه وشرطة بلده وقيادته التى حذرت من قبل وأوضحت المؤامرة..!
تفشل مؤامرة الخارج للضغط على مصر نفسيا، فيتحرك فريق من الداخل عن قصد أو جهل، الأمر سواء، ليستكمل الدور، فتعرض علينا شاشة من شاشات إشعال الحرائق فيديو للمواطن العارى صاحب معاش الـ٢٣ جنيها، ويجرى الإعلامى اتصالا مع صاحب الفيديو، ليقول ما شاء له أن يقول، والمذيع لا يحرك ساكنا غير صب المزيد من الزيت على النار، ويحقق الفيديو الهدف، ويختفى صاحب المعاش، ويتوقف الإعلامى عن المتابعة بعد أن رسب فى اختبار المهنية!
ساعات قليلة تمر، ويظهر على الشاشة رجل التوكتوك، ويلخص مشاكل مصر فى ٣ دقائق، وكمان يحلها فى ٣ خطوات، وينتشر الفيديو كما تنتشر النار فى الهشيم، ويتلقفه صانعوه بالتهليل والدعم والإسقاط السياسى، ويشيرونه بعناوين يبتزون بها مشاعر البسطاء.. شاهد الفيديو الذى أبكى المشاهدين.. مواطن يلخص مشاكل مصر فى ٣ خطوات وفى ٣ دقائق، وتأخذ الصحف الأجنبية الأمريكية والغربية الممولة عربيا هذه العناوين لتتصدر صفحاتها!
وفى نفس التوقيت يغادر السفير السعودى إلى الرياض فى زيارة عادية، فتخرج العناوين ويطرح الإعلام السطحى السؤال: هل غادر السفير القاهرة بسبب أزمة بين مصر والسعودية؟ هل استدعت الرياض السفير للتشاور؟ ويعود السفير ولا حس ولا خبر، وهكذا تصطف القطع المتناثرة، ويبدو لك الشكل.. حرب نفسية لا هوادة فيها تستهدف إرادة الشعب بالدرجة الأولى.
الرئيس كان منتبها للأمر لذلك جاءت فى كلمته الأخيرة رسالة واضحة لا يخطئها المحبون لهذا الوطن، الرئيس يراهن على وعى المصريين وتماسكهم ويقبل التحدى، أى تحدٍ، ويبدو أن مشكلة كل أطراف المؤامرة مع السيسى أنه رجل معلومات هدفه الأساسى والوحيد هو مصر.. وتحيا مصر.