حينما وصل العميل الأمريكى محمد مرسي إلى سدة الحكم والسلطة، وقتها كنت في ريتشموند بالولايات المتحدة الأمريكية شعرت بأن الأرض تنسحب من تحت قدمى، وأن قامتى الطويلة قد انكمشت واقتربت من الأرض، وقيمتى كمفكر سياسي قد اختفت، يا إلهى كيف يصبح مثل هذا الشخص التافه الخائن العنصرى رئيسا لمصر العظيمة، وعشت أيام الحزن والضياع والدموع، ودارت الأيام وقامت ثورة الشعب ٣٠ يونيو ٢٠١٣ التي وصفها الأدباء بأنها معجزة ما لها أنبياء، وحمل الشعب المصرى الفارس عبدالفتاح السيسى على الأعناق وأجلسوه على منصة الحكم والسلطة، وقتها شعرت أن الروح قد عادت إلىّ وأن الدم يجرى في عروقى وشعرت بالعظمة والكبرياء والفخر بأننى مصرى وأن رئيس جمهوريتى هو الرئيس عبدالفتاح السيسى.
ولا أغالى إذا قلت إننى أشعر بالفخر والرضا بأن الدكتور على عبدالعال هو رئيس مجلس النواب، شخصية قوية وطنية شجاعة حازمة، له قدرة فائقة على إدارة جلسات المجلس الذي يتكون من توليفة متباينة وشديدة الاختلاف من حيث الأيديولوجيات والطموحات والأهداف، وله أيضا القدرة المتميزة على فرض الانضباط والنظام واتخاذ القرارات الصعبة ما دامت في إطار القوانين واللوائح والأعراف البرلمانية، هذه الشخصية الفريدة لا تعمل إلا لصالح الوطن والمواطن وملما بكل الأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية وحجم التهديدات والمخاطر التي تواجه مصر داخليا وخارجيا،
وفى هذا الإطار إننى أستسمح رؤساء الأجهزة المعلوماتية والأمنية والاستخباراتية جميعا أن يراعوا التوازن المطلوب بين السلطات الكبيرة الممنوحة لهم لفرض الأمن والانضباط وتنفيذ القانون لحماية المجتمع من الاضطرابات والأزمات التي قد تؤدى إلى سقوط الدولة، وبين المسئوليات التي أرى وقد أكون مخطئا أنها لا تتوازن ولا تتناسب مع حجم السلطات الواسعة الممنوحة لقيادات هذه الأجهزة.
إن مصر لا تتحمل أي خطأ أو تسيب أو تردد في مواجهة أي تهديد لأمن الوطن فلا ينبغى للأجهزة الأمنية أن تترك هذه الفئة الضالة المجرمة تعبث بمقدرات الوطن وأمنه واستقراره، إن ترك هذه الفئة دون محاسبة وفقا للقانون يشجعها على الاستمرار والتمادى في مثل هذه الأعمال، فمن الملاحظ أن هذه الفئة المعروفة تماما لأجهزة الأمن ترتع وتتحرك بحرية تامة وتنشر الفسق والفجور والأكاذيب والشائعات بطريقة مستفزة جهارا نهارا، ومعنى هذا أن الأجهزة الأمنية لا تقوم بمسئولياتها وفقا للقانون والسلطات الممنوحة لها، وإلا ما الذي يمنعها من تنفيذ القانون واستخدام السلطات الواسعة الممنوحة لها لتقديم هذه الفئة المجرمة الخارجة على القانون للعدالة أسوة بما هو متبع في كل دول العالم، والغريب أننا أصبحنا نسمع من آن لآخر أن الأجهزة الأمنية رصدت بعض الخلايا في وسط القاهرة تخطط لنشر الفوضى ونزول الجماهير إلى الشارع ومطالبة الرئيس السيسى بعدم الترشح لانتخابات الرئاسة القادمة، وأن هذه الأجهزة الأمنية لديها من الوثائق والتسجيلات والقرائن التي تدين هؤلاء الخونة، ومع ذلك لم يتم القبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة، إلى جانب أن هناك بعض الصحفيين العملاء على اتصال بالسفارات الأجنبية بالقاهرة ولم تتم محاسبة أحد حتى الآن، وأستسمح السادة رؤساء الأجهزة الأمنية المعنيين بمثل هذه القضايا أن يوضحوا لنا موقف القانون من صحفى ومقدم برنامج تلفزيونى يخرج علينا يوميا لمدة أربعة أيام في الأسبوع يبث لنا كمية من الشائعات والتشكيك في كل منجزات الدولة ويحشد الرأى العام ضد رئيسها بأسلوب غير لائق ولا يتناسب مطلقا مع مخاطبة رئيس الدولة، وأيضا ما موقف القانون من عضو مجلس النواب الذي طالب الجماهير من خلال مؤتمر صحفى بالنزول إلى الشارع ومطالبة الرئيس بترك الحكم.
لقد احتار دليلى وشطح عقلى إزاء تحرك الأجهزة الأمنية السلبى تجاه كل هذه الجرائم وهل تستمر هذه الأجهزة لا تقترب من أفعال هذه القلة الضالة من الإعلاميين والصحفيين وأعضاء الطابور الخامس والقوة القديمة العميلة المرتبطة بالسفارات الأجنبية والاستخبارات اللعينة والذين لا يتجاوز عددهم (٣٠-٤٠) عميلا مجرما يرتعون ويفسدون في الأرض، إن استخدام القسوة البالغة مع الخارجين على القانون هو إنقاذ المجتمع ككل، إن غلطة رجل الأمن وعدم تقديره للموقف قد يؤدى إلى الكوارث والنكبات كما أن عدم اتخاذ القرار السليم في الوقت السليم معناه الخراب والضياع والسقوط.
وفى هذا الإطار أستسمح السادة الأفاضل رؤساء الأجهزة الأمنية والمعلوماتية والمخابراتية أن يتذكروا معى لمحات من أحداث التاريخ فإن الذكرى تنفع المؤمنين، كان اللواء النبوى إسماعيل وزير الداخلية إبان حكم الرئيس أنور السادات رحمة الله عليه، وقبل حادث المنصة الذي تم اغتياله وقتها (٦ أكتوبر ١٩٨١) ذهب النبوى إسماعيل إلى الرئيس وأفهمه بأن الأجهزة الأمنية رصدت ضلوع خلية إرهابية بمحاولة اغتياله، فرد عليه السادات بطريقته البسيطة القروية بأن الأعمار بيد الله وأن الحارس هو الله عز وجل ولا تشغل بالك يا نبوى بالموضوع أكثر من اللازم، ويوم احتفال مصر بعيد النصر ٦ أكتوبر، تقرر قيام القوات المسلحة بعرض عسكري احتفالا بهذا اليوم الخالد، كان اللواء النبوى يجلس على يسار المنصة وأثناء العرض جاء إليه أحد الضباط الشباب من مباحث أمن الدولة وهمس في أذن وزير الداخلية بأن أمن الدولة اكتشف تهريب بعض الأسلحة داخل بعض وحدات العرض العسكري (مدرعة عسكرية) وهو أمر ممنوع قطعيا في العروض العسكرية مما يعنى أن ثمة عملية ستتم تنفيذها لاغتيال الرئيس السادات، وانتظر الضابط لحظات متوقعا أن وزير الداخلية سيسرع إلى الرئيس السادات ليبلغه بهذه المعلومات الخطيرة ويتخذ من التدابير الأمنية الحاسمة والسريعة ما يفرض الحماية لرأس الدولة إزاء هذا الوضع الدقيق والخطير للغاية، ولكن لم يتحرك وزير الداخلية وأمر الضابط بالانصراف بنبرة حادة غاضبة، ومرت دقائق وإذا بمدرعة في العرض العسكري تقف على مسافة قريبة من المنصة التي يجلس بها الرئيس وقيادات الدولة والضيوف ووقعت الواقعة ونفذ أمر الله واُغتيل السادات على يد جماعة الإخوان المجرمة التي كان الرئيس هو الذي أخرجهم من السجون وسمح لهم بالمشاركة في الحياة السياسية ومات السادات واقفا بينما عاش وزير الداخلية منبطحا.
إن ما قام به وزير الداخلية يعتبر جريمة بجميع المقاييس وهو إهمال جسيم بمهام وظيفته من حيث فرض الأمن والحماية لرئيس الدولة بأى وسيلة حتى لو اضطر إلى استخدام العنف من أجل حمايته، وحينما سئل وزير الداخلية عن سبب تقاعسه عن واجباته كان رده أن السادات كان مؤمنا بالقدر خيره وشره وأن الله وحده هو القادر على قبض أرواح البشر، وهو تبرير ساذج لا يمكن أن يصدر من وزير الداخلية في أي بلد من بلاد العالم، ألم يعرف وزير الداخلية المصرى ماذا قام به رجال الحراسة الخاصة للرئيس الأمريكى ريجان حين تعرض لعملية اغتيال في شارع ١٦ بواشنطن دى سى، لقد قذف الحارس الرئيس وطرحه أرضا ونام عليه هو وزميله لإنقاذ حياته قبل أن تقع الواقعة بينما باقى أطقم الحراسة تعاملوا مع المجرمين وتم القبض على من بقى منهم على قيد الحياة.
ويبقى السؤال المهم هل يستمر هؤلاء المفسدون يسعون في الأرض فسادا تحت سمع وبصر رؤساء الأجهزة الأمنية دون اتخاذ أي إجراء قانونى ضدهم وتقديمهم للمحاكمة؟
يقول عز من قائل: «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزى في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم» صدق الله العظيم، سورة المائدة (آية ٣٣).. هذا هو عقاب الله العدل الحق القوى فماذا عن عقاب القانون وأنتم المسئولون عن تنفيذه لفرض الأمن والسلام والاستقرار وحماية الدولة من الانهيار والضياع.