قال الرئيس السيسى: «إحنا مش في دولة حقيقية.. طلوا على بلدكم صحيح.. دى أشباه دولة مش دولة حقيقية».
وقبل ذلك في بداية الخطاب قال «اللى وقف يوم ٣ /٧ /٢٠١٣ ما يخافشى، واللى قال في مايو ٢٠١٣ هتخدوا البلد لنفق مظلم ما يخافشى، واللى قال لا لقوى الشر في الداخل والخارج ما يخافشى». قال الرئيس ذلك في الفرافرة وهو يعطى شارة البدء لحصاد قمح ١٠ آلاف فدان.. باكورة مشروع زراعة مليون ونصف المليون فدان في الوقت الذي كان فيه قلب القاهرة يعيش أزمة غير حقيقية بين نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية وصلت إلى نقطة حرجة وطريق بدا مسدودًا بسبب سقف المطالب العالى وعناد من الطرفين أغفل حالة الوطن الذي يقف على صفيح ساخن منذ يناير ٢٠١١. قامت الدنيا ولم تقعد عند البعض من النخبة الذي يجيد اصطياد بعض الكلمات وينزعها عن سياقها أو يرفض تفسيرها وتأويلها مع السياق العام للخطاب والظرف الذي قيل فيه لخلق حالة من البلبلة أو التشكيك عند الرأى العام، أو إفساد فرحة الإنجاز في مشروع كبير يتعلق بالغذاء، أو إرسال رسالة سلبية عن إدارة البلاد للخارج الذي يناصب مصر العداء!.
أحد النخبة قال: «الرئيس لم يذكر أزمة الصحفيين في خطابه بما يعنى أنه ليس مهتما بالصحافة وحرية التعبير..»، الأخ النخبوى ترك كل الإنجاز وركز في كلمة الرئيس عن أزمة النقابة، وهو يعرف أن الرئيس لا علاقة له بالأزمة وليس طرفا فيها، خصوصا بعد أن طلب منه مجلس النقابة تقديم اعتذار.. النخبوى لا يهتم بغذاء المصريين ويهتم بحرية الرأى التي لا وجود لها في الأزمة!. نخبوى آخر قال: «الرئيس بعث رسالة للصحفيين يقول لهم فيها أنا مبخافشى».. وهذا يعنى أن الرئيس لا يُقَدّر الصحافة ولا الصحفيين، ورد على كلام الرئيس قائلا: «وإحنا كمان ما بنخافشى»..! فرد عضلات لا محل له وسطحية تفكير وبحث عن شو بعد انحسار الضوء!. أما التعليق على كلمة «شبه دولة» فحدث ولا حرج.. صال فيها وجال مثقفون ونخب من العيار الثقيل ونسوا أنهم من كانوا يقولون عن مصر إنها ليست دولة، وقالوا عن الفساد والرشوة والمحسوبية والعفن الحكومى والترهل الإدارى وغياب القانون والانحطاط الأخلاقى ما لم يقله أحد من قبل، وهم من قالوا إن دولة مبارك كانت آيلة للسقوط بعد أن تم تجريفها، وهم من قالوا عن فشل التعليم والصحة وتراجع دور مصر في المنطقة، وهم من قالوا عن البطالة وتدهور مهارة العامل المصرى وغياب قيمة العمل، وأن المصرى لا يعمل في يوم عمله أكثر من دقائق معدودة!. هل جاء الرئيس بجديد عندما قال «إحنا مش في دولة حقيقية»؟ أم أن هذا كان كلام النخبة والمثقفين؟، والسؤال الأهم لماذا قامت ثورة في يناير طالما كنا في دولة حقيقية ودولة قوية؟ ولماذا تدافعون عن ثورة يناير بهذه القوة وعن إنجازاتها إن كان لها إنجاز حتى الآن غير فوضى الحرية وحرية الفوضى؟!.
الرئيس عندما قال أنا ما بخافشى.. كان يقولها للخارج الذي فرض علينا أن نظل تحت رحمته ونستورد منه طعامنا، قالها وهو يحصد القمح الذي يعطينا استقلالية القرار.. كان يقولها لأعداء الداخل الذين يتمنون ركوع مصر.. لكن الجهلاء تصوروا أنه يقولها للإعلام والصحافة.. قصر نظر وغياب بصيرة من المثقفين والنخبة ومن يدعون أنهم يقودون الرأى العام!. الرئيس عندما قال «شبه دولة» كان يعنيها ويعرف كيف يجعلها دولة قانون ودولة فيها بنية أساسية قادرة على الحياة.. لكن النخبة استدعت التاريخ القديم وهى محلك سر لا تتحرك، والحديث عن حضارة لا نستفيد منها هو حالة عبث.. الفرق بين من يجيدون الكلام ومن يجيدون العمل كبير وعظيم وكلاهما واضح وضوح الشمس في كبد السماء.. وتحيا مصر.