لم تعد أجهزة المخابرات فى دول العالم تنشغل اليوم بعمليات التجسس وجمع المعلومات والبيانات عن حجم الجيوش ونوعية السلاح وكميته فقط، وإنما أصبح شغلها الشاغل وضع تقييمات وتقديرات ومعلومات للموقف السياسى والاقتصادى والاجتماعى والنفسى من خلال التعرف على أسلوب وفكر وخلفية ونفسية القائمين على صنع واتخاذ القرار فى الأوقات العادية وعند إدارة الصراع، أى عليها أن تخترق عقل القيادة السياسية للتعرف على كل ما يتعلق بها.. كيف تفكر القيادة وكيف تدير النظام وتسير الحياة وكيف تستفيد من المعلومات.. باختصار إنها تركز على أسلوب الإدارة واتخاذ القرار والوقت الذى يتخذ فيه هذا القرار.. ومن هنا كانت خطورة وأهمية منظمات المجتمع المدنى التى تعمل مع بعض أجهزة الدولة تحت غطاء البحث العلمى وحقوق الإنسان والحريات والمعونة الفنية والمادية والتى انتشرت فى مصر بدعم ومساندة من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وبعض الدول الأوروبية.
والسبب فى ذلك أن هذه المنظمات تستطيع أن تتعمق لتصل إلى أدق البيانات فى المجتمع المصرى وتعرف من المعلومات والبيانات والاتجاهات ما تعجز عن الوصول إليه أقوى أجهزة المخابرات خصوصا أن سرية المعلومات التقليدية أصبحت قضية قديمة بعد أن تمكنت الأقمار الصناعية التى تجوب الفضاء وأجهزة الاتصال المتطورة جدا إلى حد الخيال أن تكسر وتحل أى شفرة سرية.. تلك المنظمات المشبوهة هدفها الظاهر مساعدة المجتمع والمشاركة الشعبية أو ما يسميه الغرب بالشورى والديمقراطية وحقيقة الأمر أنها تعمل بكل وسيلة لحصار مصر اقتصاديا والضغط عليها سياسيا بدعوة باطلة وهى الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان والحريات.
وقد فوجئ الشعب المصرى بالبيان السافر الصادر عن البرلمان الأوروبى الذى وجه إلى مصر العديد من التهم الباطلة فى وقت غير مناسب وليس له معنى ولا سبب إلا أن التنظيم الدولى للإخوان بالتعاون مع بعض أجهزة المخابرات للدول المعادية لمصر كانت هى وراء هذا البيان غير المبرر والذى لا يساوى قيمة المداد الذى كتب به.. ويتهم البيان مصر كذبا وبهتانا وافتراء بعدم احترامها لحقوق الإنسان وحرية الرأى والاختفاء القسرى.. ويتناول البيان أيضا قضية المعتقلين وغيرها من الادعاءات الكاذبة التى لا تصدر إلا من كل مخادع أثيم.. والحقيقة الناصعة التى لا تقبل أى شك أو تأويل تؤكد أنه لا يوجد أى معتقل واحد داخل السجون وأن كل الموجودين داخل السجون محبوسون إما بأمر النيابة أو من خلال حكم قضائى.
وقد زاد من غضب الشعب المصرى أن البرلمان الأوروبى تجرأ ومس السيادة المصرية عندما وجه مصر بتنفيذ بعض الإجراءات وإلغاء بعض القوانين كقانون تنظيم التظاهر وإجراء مصالحة مع كل فئات المجتمع.. يريدون أن نتصالح مع جماعة الإخوان الإرهابية التى كانت عيونهم داخل مصر.. يريدون لنا أن نتصالح مع الإرهابيين الذين قتلوا جنودنا ومواطنينا وأحرقوا ودمروا مصانعنا ومبانينا وعاثوا فى الأرض فسادا وخرابا وخيانة.
أيها البرلمان لا تنطق ولا تتكلم عن مصر ولا عن قضايا حقوق الإنسان والحريات فى مصر.. هل نسيتم أن مصر فى حالة حرب شرسة ضد الإرهاب وأنها تواجه تهديدات على حدودها الاستراتيجية من داعش والجماعات الإرهابية أصدقائكم.
وأننى أستأذن البرلمان الأوروبى أن أروى هذا المشهد ليحكم العالم بيننا: فى عام ٢٠١٣ كنت فى لندن وقد شاهدت مهرجانا عجيبا فى شارع أكسفورد أكبر وأشهر شوارع لندن.. الموسيقى تجوب الفضاء والطبول تقرع والشرطة على جانبى الطريق سعيدة تنتظر مرور الموكب، سألت أحد رجال الشرطة ما هذا؟ أجاب أنه المهرجان الدولى للشذوذ الجنسى ينعقد كل عام فى دولة أوروبية وهذا العام ينعقد فى لندن وفقا لقرار التنظيم الدولى للشذوذ: رجال عراة واقفون على عربات الورود ويلبسون ملابس النساء العاهرات ويؤدون بعض الحركات الجنسية الحقيرة المسيئة لكرامة الإنسان الذى جعله الله خليفته فى الأرض.. وسألت كيف توافق بريطانيا وهى أقوى أعضاء البرلمان الأوروبى على هذا؟ كانت الإجابة حقوق الإنسان والحريات ووقتها بصقت على هذه الحريات وحقوق الإنسان.
والعجيب أن آخر مؤتمر انعقد كان داخل الولايات المتحدة الأمريكية طالب فيه الشواذ بالسماح للجنود الأمريكيين بممارسة الشذوذ الجنسى داخل معسكراتهم.
يا برلمان أوروبا اختشوا وارفعوا أيديكم عن مصر ولا تتكلموا عن حقوق الإنسان إن إبليس ينظر إلى مثل هذه الأفعال باحتقار بالرغم من كل آثامه وسيئاته.. فليس لكم أى حق أن تتكلموا وتتمسحوا بقيم أنتم لا تعرفونها.. لقد اعتديتم على أقدس وأهم حق من حقوق الإنسان وهو حقه فى حماية فطرته الذى خلقه الله عليها ليكون خليفته فى الأرض.
يا برلمان أوروبا هل هذه هى الحريات التى تنادون بها؟ هل هذه حقوق الإنسان التى تريدون نشرها داخل الدول العربية الطاهرة؟ إن مصر المحترمة بلد الأزهر الشريف والكنيسة الأرثوذكسية المقدسة تعرف حقوق الإنسان وحرياته بمعناها الصحيح المحترم.. تعرف المبادئ والقيم والعدل والحق والمحبة.
أعود إلى قضية الطالب الإيطالي «جوليو ريجيني».. فقد تعرض لحادث أليم يحدث مثله يوميا فى دول العالم ولكن الدنيا قامت ولم تقعد لإحراج القيادة السياسية المصرية التى ترتبط بالقيادة الإيطالية بأقوى الروابط والعلاقات ويبقى السؤال لماذا كل هذا الهجوم غير المبرر على مصر وتحويل هذه القضية إلى قضية عالمية؟ أين كان البرلمان الأوروبى عندما اختفى المواطن المصرى عادل معوض عبدالخالق الذى كان يعمل طباخا فى أحد مطاعم روما بتاريخ ٤/١٠/١٥ وتم إبلاغ الشرطة الإيطالية وكل الأجهزة المعنية بروما بالواقعة وحتى اللحظة لم توافينا السلطات الإيطالية بأى معلومات عن المواطن المصرى؟! وأيضا أسأل البرلمان الأوروبى ماذا تم بالنسبة لقضية الوزير المصرى الدكتور أشرف مروان الذى قتل فى لندن منذ سنوات ولم تصل الشرطة البريطانية بجلالة قدرها إلى أى معلومات وكذلك جريمة اغتيال كل من الفريق الليثى ناصف قائد الحرس الجمهورى واللواء على شفيق سكرتير المشير عبدالحكيم عامر وأيضا اغتيال الفنانة المصريه سعاد حسنى؟! وكلهم شخصيات مرموقة ولها وزن كبير ولم تتلق الحكومة المصرية أى رد حول نتائج تحريات الشرطة البريطانية حتى اللحظة. إن مصر العظيمة المحترمة لا تعرف الاغتيالات ولا الظلم ولا الاختفاء القسرى.. أنتم الذين تعرفون هذه الكلمات وتمارسونها فالاختفاء القسرى موجود فى ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وتركيا وإيطاليا كما أن لكم نحو ٤٠٠٠ أوروبى مع داعش.. إنكم تعشقون الإرهاب والدم والآن اسمحوا لى أن أطرح عدة أسئلة.. من الذى أباد نحو ٦ ملايين يهودى ظلما فى أفران الغاز «الهولوكوست»؟ أليست ألمانيا الدولة الزعيمة فى الاتحاد الأوروبى.. ومن الذى أباد الملايين من أبناء اليابان الشعب المهذب المسالم بالقنابل الذرية فى هيروشيما ونجازاكي؟ أليست أمريكا زعيمة أوروبا؟
وأخيرا أقول لكم إن الشعب المصرى لن يسمح بوجود أى منظمة من منظمات المجتمع المدنى تخون البلد وتعبث بمقدرات أمنه القومى.. فالأجهزة الأمنية ترصد كل مراسلات واتصالات هذه المنظمات معكم والتى تحاول اختراق أدق دقائق الأسرار والمعلومات الخاصة بالدولة المصرية.. والتى لم تستطع أجهزة مخابراتكم أن تصل إليها إلى جانب ما تقوم به هذه المنظمات من إرسال التقارير الحقوقية الكاذبة التى تسيء إلى سمعة مصر فى الخارج.. ومصر تعرف سبب غضبكم وثورتكم عند المساس بهذه المنظمات باعتبار أن هذه المنظمات من وجهة نظركم الخاطئة المخادعة إحدى مظاهر الديمقراطية وحقوق الإنسان.
يا برلمان أوروبا احذروا الشعب المصرى.. احذروا غضبه وانفجاره حتى لا تجدوا أنفسكم فى أحضان الإرهاب وهى عملية بسيطة جدا.
مصر تدافع عنكم وهى خط الدفاع الأول المنيع الذى يحميكم من وصول الإرهاب إلى الشط الآخر من البحر المتوسط.. اعتذروا لمصر وقبلوا أيديها ورأسها وتوبوا إلى الله عز وجل واستغفروه حتى يجعل لكم مخرجا ويحميكم من الهلاك والإرهاب الذى ينتظركم.