تناولنا فى مقالنا السابق الأحواز العربية .. تسعة عقود من التجاهل .. والتى دخلت عامها التسعين وسط تجاهل الدول العربية؛ فعقب سقوطها فى يد الدولة الفارسية عقب الحرب العالمية الأولى تحديدًا فى عام 1925 كانت فيها أغلب الدول تحت احتلال وهيمنة قوى أجنبية غربية ، وكانت تعرف مناطق الساحل الشرقى والشمالى للخليج العربى والجزر التابعة لها بإقليم " الأحواز " وهو ما يعنى الحوزة العربية ، وكان الفرس يطلق عليها منذ القرن السادس عشر اسم " عربستان " والذى يعنى باللغة الفارسية " بلاد العرب ".
اعلم تمام العلم -عزيزى القارئ الكريم- أنك تتشوق لمتابعة القضية وما تعرضت لها فهى البقعة العربية التى ساندت القضايا العربية ضد المشروع الفارسى الذى يفرض نفسه بكل قوة فى تحدى واضح للقوى المحيطة بمساعدة الأمريكان والصهاينة أصحاب الدعم الخفى بالسلاح والمال وسط تلاقى للمصالح الدولية العاتية والتى دخلت فيها على الخط بعض الدول الكبرى التى تجد فى المشروع الفارسى تحقيقا لمآربها الكبرى.
عادت قضية الأحواز العربية الأرض الغنية بالموارد التى استولت عليها إيران والتى تعتبر الرئة الاقتصادية بنسبة 80 % نظرًا لغنائها بالبترول ، فى الأعوام القليلة الماضية لتتصدر واجهة الأحداث السياسية والإعلامية ولفتت الأنظار إلى خطورة المشروع الفارسى على المنطقة العربية تزامنا مع الغزو الأمريكى للعراق واشتعال المنطقة بالصراعات وخاصة فى اليمن وسوريا ، فقد دأبت إيران على التدخل السافر فى العراق وبسطت نفوذها بقوة فى العمق العراقى ودفعت بمليشياتها التى يقودها عناصر الحرس الثورى الإيرانى ، تطبيقًا لمبدأ الدفاع عن كل من هو مؤيد أو تابع لمشروعها خارج اراضيها .
تقع " الأحواز " فى الجنوب الغربى من إيران تمتد من عيلام حتى مضيق باب السلام " هرمز" بمساحة ما يقرب من 324 ألف كيلو متر مربع ، يبلغ عدد سكانها ما يقرب من 12 مليون نسمة من العرب السنة ، ويتكون سكان " الأحواز " من مجموعات قبلية وعشائرية يصل عددها إلى 350 طبقًا لما ذكره الكاتب يوسف عزيزى ، مثل قبائل " بنى كعب " و " بنى طرف " و " بنى طي " و " بنى عامر " و " بنى شمر طوقة " و " آل كثير " و " الزرقات " و " بنى تميم " .
وعقب احتلال الإقليم من قبل إيران قسمته إلى 6 محافظات إدارية وهم " خورستان " و " بوشهر " و " هرمزغان " و " لرستان " و " جهار " و " فارس " ، وعلى الرغم من ذلك التقسيم والتفتيت الجائر ظل العرب السنة يقطنون ثلاث محافظات وهم " خورستان " و " بوشهر " و " هرمزغان " والذين يشكلون 85 % من إجمالى عدد السكان ، وأشاع النظام إيران فى وسائل الإعلام بأن سكان هذه المحافظات إيرانيون ينطقون العربية بحكم تاثير الجوار الجغرافى ، فى تحدى سافر للقومية العربية وتطبيقًا للمشروع الفارسى الذى يهدف لابتلاع الأراضي العربية.
ومنذ احتلال " الأحواز " كما ذكرنا فى عام 1925 تفجرت الثورات والحركات دفاعًا عن أرضهم وعرضهم ، تحديدًا بعد 3 أشهر سميت بثورات " الغلمان " وتوالت الثورات والانتفاضات ضد إيران مثل ثورة " الحويزة فى 1928 " و " بنى طرف 1936 " و " ثورة عشيرة النصار 1946 " و تعاقبنها الثورات والانتفاضات وسمحت الثورات القائمة على العشائر والقبائل فى أن تستغلها إيران فى كسب الأطراف والتحريض ضد القبائل والعشائر الأخرى لكسب مزيدًا من الوقت .
ورغم التعتيم الإعلامي الذى تنفق عليه إيران المليارات عبر عملائها فى أغلب الدول ، وشن حملات الاعتقالات والإعدامات ونصب أعمدة المشانق جهارًا فى شوارع " الأحواز " ، أخذ أبناء الشعب العربى الأحوازى على عاتقهم الدفاع عن قضيتهم المنسية ، وتكونت حركات وأحزاب مناضلة ومدافعة عن القضية فى الداخل والخارج ، وهبت رياح الثورات والانتفاضات من جديد لتشرق شمس نضال جديد على ربوع الإقليم ، فهناك فى الداخل الإيراني ملايين العرب المناصرين للقضية الأحوازية ضد طمس الهوية العربية .. المناصرون للقضية فى الداخل والخارج شرعوا فى تحريك المياه الراكدة من جديد على أمل فى أن تتحرر أراضيهم من براثن النظام الملالى المتغطرس .
المجتمع الدولى يرى ويتابع ما يحدث على أرض " الأحواز " فى تحدى سافر لحقوق الإنسان من جانب النظام الإيرانى الذى يضرب بكل الاتفاقيات الدولية عرض الحائط ، ولكنه يقف صامتًا أمام نظام يظهر عكس ما يخفيه ، يتشدق بالديمقراطية جهارًا وينصب أعواد المشانق فى الداخل.
Abdo_ww@hotmail.com
مقالات متعلقة: