تسعة عقود تجاهلت فيهم الدول العربية أزمة الأحواز العربية والتى ابتلعتها إيران فى عام 1925، ودأبت على طمس هويتها وتحويل مسار أنهارها العذبة إلى المدن الفارسية، فالأحواز لمن لم يسمع عنها من قبل، فإنها تقع في الشمال الغربي من إيران وتسكنها قبائل عربية متنوعة عاصمتها المحمرة، ويبلغ عدد سكان الأحواز أكثر من مليوني نسمة حسب إحصاءات إيرانية فى 2006م.
دأبت إيران منذ بسط سطوتها على طمس اللغة العربية وحولت أسماء الشوارع والقرى من الأسماء العربية إلى الفارسية، وفرضت حصارًا مريرًا على الشعب العربى الشقيق بعد الإطاحة بآخر أمرائها وهو الأمير خزعل الكعبى، والذى تم التخلص منه بإيعاز من بريطانيا المحتل السابق لأرضه، ومنذ ذلك الحين يتعرض الشعب الأحوازى للظلم والاعتقالات والإعدامات الشبه يومية فى أبشع صور للتمثيل بجثث الشهداء.
تعد الأحواز الرئة الاقتصادية الأولى لطهران نظرًا لأن أراضيها غنية بالموارد الطبيعية التى حباها الله، ولهذا السبب لا تستطيع إيران تركها تحت أى ظروف، وقد شهدت الشهور الأخيرة تغير فى موقف دول الخليج العربى بنسبة 360 درجة، وخرجت القضية من التجاهل إلى الدعم والاعتراف الكامل بحقوق الشعب الأحوازى فى تقرير مصيره ضد المشروع الفارسى، على خلفية إعدام المملكة لرجل الدين الشيعى باقر النمر وردت على الفور إيران بالدفع بعناصرها الإرهابية لاقتحام السفارة السعودية وحرقها وهو ما أجج الموقف وأصبح أكثر تعقيدًا.
لا يخفى على الجميع أن إيران تواصل هجومها الشرس ضد الدول العربية، وتحمى وتحافظ على كل معتنق للفكر الشيعى حتى وإن لم يكن يحمل جنسيتها، ولعل توغل المشروع الفارسى فى المنطقة أبلغ دليل على ذلك، وتكاد تسيطر طهران على أغلب أرض العراق عقب الغزو الأمريكى والإطاحة بالشهيد صدام حسين، وتعيش مدينة الأحواز المحتلة منذ مطلع العام الجارى 2016 احتجاجات واسعة ومظاهرات فى الداخل وفى أغلب الدول الأوروبية والتى تطالب بالحرية وفك الارتباط الخانق عن الدولة الإيرانية الفارسية المحتلة.
ولكى تتابع أكثر ما يتعرض له أبناء الشعب الأحوازى عليك بأن تقرأ تاريخه النضالى ضد المشروع الفارسى والذى يمتد تاريخه من الفتح الإسلامى، فقد دلل التاريخ على الصفحات البطولية لآلاف الشهداء الذين دافعوا عن أرضهم وعملوا على إسقاط المشروع الفارسى فى المنطقة، إن المؤرخين والباحثين جانبهم الصواب عندما أعطوا ظهورهم لتلك القطعة العربية الخالصة لشعب ذاق مرارة المتجبر الفارسى، ففى عام 1948 تلقت جامعة الدول العربية العديد من المذكرات حول القضية الأحوازية إلى أنها ظلت حبيسة الأدراج ، ولعل عدم تناول بعض الكتاب الكبار فى عالمنا العربى يفتح الباب على مصرعيه الآن لإعطاء هذا الشعب حقه فى نيله قسطًا من الاهتمام.
أعتقد أن القضية الأحوازية لا تقل اهتمامًا عن القضية الفلسطينية فتلك القضيتان من المفترض أن يضعهما العالم العربى فى إطار اهتمامه نظرًا لخطورة المخطط الإيرانى الفارسى، والذى تدعمه إسرائيل وأمريكا فمخطط تقسيم المنطقة طهران حاضرة فيه بقوة ولها سيطرتها وتحولها لبعض ما يحدث على أرض الواقع.. تابعونا عبر سلسلة من المقالات التى سنتناول فيها القضية بالتفاصيل.
Abdo_ww@hotmail.com