الجمعة 29 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

"25 / 30".. جدل لن ينتهي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الحديث فى الماضى قلة عقل..إلا إذا كان لاستلهام الدرس واستنباط مواطن القوة والضعف.. لكننا فى مصر المحروسة مولعون ومغرمون باللت والعجن فى الكلام واجترار الماضى - بعيدًا كان أو قريبًا - لقطع الوقت وتضييعه أو للتبارى حول مواقف وقضايا عامة تتحول بقدرة قادر إلى مواقف شخصية، وهات يا كلام، وتعالى يا خلاف، وروح للنائب العام وقدم بلاغًا، وفوت على القاضى وقول حرية رأى وتعبير، واقرأ الحكم واصرخ.. القضاء مسيس، واضحك وارتاح واهمس.. القضاء عادل وشامخ.. قول كل حاجة وعكسها، وارفع شعارات لا تطبقها، وطالب بالديمقراطية ولا تمنحها لغيرك، واهتف بالحرية ولا تقبل رأيًا غير رأيك.. من الآخر قول.. الكلام بدون جمرك ولا ضريبة مبيعات، ولا رسم إغراق.
فى الذكرى ٦٤ لثورة يوليو ١٩٥٢ مازال البعض يخرج علينا ليسأل السؤال الخالد.. ماذا بقى من ثورة يوليو المجيدة ؟ العبقرى يطرح السؤال منذ أكثر من خمسين عامًا مضت وربما أكثر، ومع ذلك لا يمل ولا يكل، والبعض الآخر يسأل السؤال العبيط.. ٢٣ يوليو ١٩٥٢ هل كانت ثورة أم انقلابًا ؟ أمثال هؤلاء وهؤلاء لا يبحثون عن حقيقة ولا عن نتيجة.. يبحثون عن نقاط الخلاف فقط ويتركون نتائج أثرت فى الوطن طوال عقود ماضية وستظل بهدف الوقوف تحت بقعة ضوء تعيدهم إلى خشبة المسرح كل عام!
لا توجد ثورة فى العالم اتفق عليها الجميع.. دائما هناك مع وضد، ودائمًا هناك مصالح تتحقق للبعض، وخسائر تلحق بالبعض والجدل حول ثورتى يناير ويونيو لن ينتهى ولن يتوقف، وأمامنا عقود سيظل هذا الجدل وهذا الخلاف قائمًا يؤدى دورًا لمن تغيب عنهم الأدوار وتنحسر عنهم الأضواء !
٢٥ يناير ثورة أم مؤامرة.. إجابة هذا السؤال فيه كلام يملأ صفحات عشرات الكتب، وفيه جدل يملأ هواء الفضائيات ساعات طويلة، وفيه خلاف لا التقاء فيه ولو سقطت السماء على الأرض، فيه المعادلة صفرية مائة فى المائة.. حتى الذين يقولون كانت ثورة فى الثلاثة أيام الأولى ثم حولها شياطين الإنس من الجماعة الإرهابية إلى مؤامرة، وكان فيها شباب أطهار أنقياء دفعوا الفاتورة مقدمًا، وفيها أشرار حصدوا مكاسبها الآنية فارتقى البعض منهم إلى طبقات عليا وكانوا بالأمس القريب.... !! لم يوافقوا على هذا الطرح رغم أنهم يعلمون حقيقته!
٣٠ يونيو ثورة أم انقلاب.. مؤيدو ثورة يناير يرون ٣٠ يونيو انقلابًا على يناير ولا يعترفون بها ثورة، وفى أحسن الأحوال يصفونها بالموجة الثانية للثورة، وأنها عادت برموز النظام القديم، وكأن الزمن توقف عند ٢٤ يناير ٢٠١١، ويرى جانبًا من مؤيدى ٣٠ يونيو أن أحداث يناير أوصلت الجماعة الإرهابية للحكم واختطفت الوطن!
هؤلاء هم من يجلسون على حافة النهر أو من يجلسون فى مقاعد المتفرجين أو عواجيز الفرح.. لا يعجبهم العجب ولا الصيام فى رجب.. هؤلاء يستريحون وهم فى خندق الخلاف لا الاختلاف لا يريدون رؤية شيئًا إيجابيًا.. يحبون حالة التثوير التى لا تنتهى.. عقولهم خاوية على عروشها لا نبت فيها ولا ثمر.. يعيشون على بذور الفتنة وتأجيج الخلاف وطرح الأسئلة العبثية.. تجارتهم أتلفها الشعب الذى ينشد الحياة ويرغب فى تحسين مستواه.
ستظل الأسئلة تتردد كما هى، وستظل الأجوبة قناعات شخصية لا فكاك منها، وربما يأتى زمن نقرأ تاريخ هذه الفترة العصيبة بعقل بارد ووعى ناضج لنستلهم الدرس والعبرة، ونتخلص من أمراض الثورات التى أصابتنا بفقدان الوعى فصرنا نؤمن بشعارات نكفر بتطبيقها، ونقدس كلمات نفقدها معانيها ومحتواها.