السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

نكتة 2016.. أردوغان يحارب الإرهاب!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مقدمًا.. وقبل الاستغراق فى التفاصيل المرتبطة بموضوع المقال، أعلم أهمية أن تكون لمصر علاقات خارجية قوية ومتينة على المستويين الإقليمى والدولى، كما أننى أتفهم التحركات المصرية الرامية لتوسيع دائرة تلك العلاقات والعمل على تنوعها، لكننى فى ذات الوقت لا أستطيع التجاوب مع الأحاديث التى جرى تداولها مؤخرا فى وسائل الإعلام، عن الاتجاه نحو المصالحة والتقارب مع تركيا بوساطة سعودية، وهى الأحاديث المتزامنة مع الإعلان عن التحالف العسكرى المكون من ٣٤ دولة إسلامية بقيادة السعودية، وانضمت إليه كل من قطر وتركيا لمواجهة الإرهاب.
فى هذه الحالة لا يمكن الإقرار باستقامة الوضع، بل يصبح الأمر مثارا للسخرية ووضعه فى خانة النكات للعام الجديد، فالدولة التركية التى أعلنت عن انضمامها لهذا التحالف، تقف على رأس قائمة الدول الداعمة والراعية للإرهاب الذى تعانى البلدان العربية من ويلاته.
فهل النظام الراعى للإرهاب سيتحالف للقضاء عليه؟
أما الحديث عن الوساطة السعودية للمصالحة بين مصر وتركيا، فيبدو بالنسبة لى من الأمور البعيدة عن الواقع على الأقل فى الوقت الراهن، وإن كانت ليست مستحيلة على المدى البعيد، باعتبار أن العلاقات الدولية لا تحكمها سياسة «المصاطب» ورغبات «المطيباتية»، بل تحكمها المصالح والضرورات الوطنية المهيئة سواء للتقارب أو التنافر بين الدول، خاصة إذا علمنا أن طبيعة العلاقات السياسية بين أى بلدين فى العالم لا تسير على الود طوال الوقت أو تفرض الكراهية طوال الوقت، فعادة ما تشهد تلك العلاقات موجات من التقارب والجفاء، بحسب المصالح والتحولات السياسية داخل كل دولة، فضلا عن ميول أنظمة الحكم والأهواء السياسية للقادة.
فى أحشاء الأهواء الشخصية تحديدا تكمن الأسرار الحقيقية لتوتر العلاقات مع أنقرة ووصولها إلى مرحلة العداء، فالأزمة متمثلة فى الرئيس التركى «رجب طيب أردوغان» بسبب قناعاته السياسية ومرجعياته الفكرية، التى يحكمها انتماؤه للتنظيم الدولى للجماعة الإرهابية قبل مصلحة بلاده.
من هذا المنطلق جعل بلاده معسكرا لتدريب التنظيمات الإرهابية فى محاولة لتنصيب نفسه سلطانا لإمارات دولة الخلافة، فكيف يمكن إقامة علاقات وتحالفات مع السلطان الوهمى وهو ما زال يتمسك بورقة الإخوان وما زال مصرا على وصف نظام الحكم فى مصر بأنه انقلابي، إلى جانب دعمه غير المحدود لكافة الحملات الإعلامية المعادية للدولة المصرية فى أعقاب سقوط حكم الإخوان، فضلا عن أنه طلب من مجلس الأمن فى عام ٢٠١٣ فرض عقوبات على الرئيس السيسى بهدف محاصرته دوليا، بما جعل الدبلوماسية المصرية ترد عليه «الصاع صاعين» فى ٢٠١٤، حيث مارست ضغوطا دولية ضد ترشح تركيا للحصول على مقعد غير دائم فى مجلس الأمن.
الغريب أن حديث المصالحة تضمن بعض الأمور المحرضة على رفض التقارب مع النظام التركى من الأساس، فالمعلومات المتواترة والتى جرى تداولها على نطاق واسع، تشير إلى أن أردوغان حدد عدة شروط لإعادة العلاقات مع مصر، تتمثل فى الإفراج عن محمد مرسى، وإلغاء أحكام الإعدام التى صدرت بحق قيادات الإرهاب الذين أطلق عليهم المعارضين السياسيين، ورفع الحظر عن حزب الحرية والعدالة.
هنا لا بد من الإشارة إلى أن العلاقات الدولية مبنية بالأساس على الندية والاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية أو المساس بالسيادة الوطنية، وبالنظر لما يفعله «رجب طيب أردوغان» وما قاله إن كان قد قاله بالفعل فى الغرف المغلقة وخرج إلى العلن، واعتبره البعض أو هو نفسه شروطا للتصالح، كاف تماما بأن يجعل مصر ترفض بقوة هذا التصالح، لأنها ببساطة شديدة لن تقوم بتنفيذها لأنها شروط متعلقة بالسيادة المصرية، وتدخل سافر فى أحكام القضاء المصرى واستقلاله، وبالتالى لن يستطيع أحد مهما بلغت قوة سلطته ونفوذه، المساس بتلك الثوابت الوطنية التى تنطلق منها السياسة المصرية، وهذا اليقين الذى أعنيه تماما، يدحض كافة الأحاديث المتناثرة حول ما جرى تسميته بضغوط تمارسها السعودية على مصر، واحتمالات الرضوخ لتلك الضغوط فى إطار المواءمات، وما شابه ذلك من الأمور التى يتم تداولها فى الميديا، خاصة أن الاعتقاد السائد لدى بعض المحللين السياسيين هو الميل إلى أن السعودية ستنجح فى إحداث المصالحة بين الطرفين «مصر تركيا» ولو بصورة بروتوكولية.
الواقع على الأرض يؤكد أن تركيا لن تتخلى عن دعم التنظيمات الإرهابية، وأن شراكتها مع الشقيقة السعودية تدور فى فلك استراتيجية موحدة ضد التمدد الشيعى والنفوذ الإيرانى فى المنطقة، بما يعنى أن التحالف بينهما هدفه إضعاف النفوذ الإقليمى لدولة آيات الله، وفى الوقت نفسه السعى لإسقاط نظام بشار الأسد المدعوم من إيران، وهذا بدوره يكشف عن التعارض فى الأوليات بين السعودية وتركيا من ناحية ومصر من ناحية أخرى، فالأوليات التى تضعها القاهرة على أجندتها ومخططاتها الاستراتيجية، هى محاصرة تنظيم الإخوان، وحماية حدودها من التهديدات الإرهابية على الحدود الشرقية والغربية، أما فيما يخص الشأن السورى فهى تتجاوز النظرة الضيقة للأمور وتذهب إلى حماية الدولة والإبقاء عليها موحدة فضلا عن بقاء الجيش السورى متماسكا لأن سوريا إحدى دول المواجهة مع العدو الأزلى «الدولة العبرية».
وفق هذه الرؤية، أستطيع القول إننى لست من المؤيدين لدعوات المصالحة مع تركيا، وربما أجنح مثل كثيرين غيرى إلى التطرف برفض الحديث عنها للأسباب التى ذكرتها وأرى أنها موضوعية. كما أن الموافقة عليها تحت دعاوى المواءمات السياسية وتوحيد الجهود الإقليمية ضد الإرهاب، تتضمن تحديا فجا لمشاعر ملايين المصريين المشحونة بالعداء لنظام الحكم فى أنقرة، لأنه دعم ومول العمليات الإرهابية ضد الشعب المصرى، وسعى لحشد رأى عام دولى، هدفه التشكيك فى إرادة المصريين التى أنهت حكم الجماعة المارقة ورئيسها المتهم بالتجسس والخيانة.