الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

النموذج الأمريكي لسقوط السوفيت والصخرة المصرية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان الهدف الاستراتيجى الأمريكى الأهم منذ مطلع الخمسينيات من القرن الماضى هو هزيمة الشيوعية وإسقاط الدولة السوفيتية وتفكيك الجمهوريات الـ١٥ التى تتكون منها والعمل على انفصالها.. وقد وجدت الولايات المتحدة الفرصة الذهبية لها فى الثمانينيات من القرن الماضى بوصول الرئيس جورباتشوف أحد عملائها إلى رأس السلطة بالكرملين بدعم ومساندة أمريكية كبيرة.. وبدأ يهيئ المناخ والمسرح السياسى المناسب للولايات المتحدة لتنفيذ مخططها لإسقاط الدولة السوفيتية.. وتمكنت المخابرات الأمريكية من عمل غسيل مخ لجورباتشوف بأحدث الوسائل العلمية أثناء زيارته للولايات المتحدة لدرجة أنه أصبح يعشق الرأسمالية أكبر من الرأسماليين ويؤمن بالخط الأمريكى أكثر من الأمريكيين وأنه على استعداد أن يفتت الإمبراطورية السوفيتية من أجل أن يتعاون مع الأمريكان وتبنى تيار الإصلاح والتطوير وأعلن سياسته عن المصارحة وإعادة البناء «البروسترويكا». وأفادت التقارير أن جورباتشوف أصبح يتصرف وفق ما يمليه عليه الرئيس بوش الذى كان رئيساً للولايات المتحدة آنذاك دون أدنى معارضة أو مقاومة وسيطرت الولايات المتحدة على المشهد تماماً وتحكمت فى كل أمور إدارة الدولة وحياة الرئيس جورباتشوف نفسه لدرجة أنه أصبح عنده حرس خاص من C.I.A مع حماية ٢٤ ساعة على مدار ٢٤ ساعة وأن نظاماً للاتصالات والإنذار تم إنشاؤه فى الكرملين وفى حجرة نوم ومكتب الرئيس جورباتشوف من أجل أن يكون الاتصال مع البيت الأبيض على أعلى درجة من الروعة والدقة والاتساق وبما يضمن سلامة الرئيس جورباتشوف.
وهيمن الأمريكان على مراكز صنع القرار السوفيتى وسيطروا على مفاصل الدولة ودفعوا جورباتشوف إلى سرعة تحويل الاقتصاد السوفيتى إلى اقتصاد السوق وارتباطه بالنظام الرأسمالى العالمى بقيادة أمريكا، وتدهورت أحوال البلاد وأصبح الاتحاد السوفيتى على شفا حفرة من الانهيار والضياع.. ودارت الأحداث ووقع الانقلاب العسكرى فى ١٩ أغسطس ١٩٩١ بعد فشل مؤتمر لندن الخاص بإقرار المعونة أو المساعدة المالية وبدأ الإعصار وتم عزل الرئيس جورباتشوف وعين نائبه جينادى ياناييف رئيسا للدولة وأعلن عن تشكيل لجنة الدولة لحالة الطوارئ وأشارت فى بيان لها أنها تحمل الرئيس جورباتشوف وسياسته البروسترويكا تبعات الحالة التى وصلت إليها البلاد والتى وصفت بأنها خطيرة للغاية، وتحركت الدبابات لفرض سيطرتها على العاصمة موسكو وفرضت حالة الطوارئ فى البلاد لمدة ستة أشهر.
حاولت الولايات المتحدة تطبيق هذا النموذج الأمريكى المخرب فى الوطن العربى لضرب الإسلام وسقوط الوطن العربى وإعادة تقسيم وتفتيت الدول العربية.. وبدأت تنفيذ مخططها فى مصر لأنها تعلم أن سقوط مصر يعنى سقوط كل الدول العربية تباعا.. واختارت أمريكا جماعة الضلال والإرهاب «جماعة الإخوان المسلمين» لتكون أداة لتنفيذ مخططها فى سقوط الدولة المصرية بعد أن خبرت ودرست فكر وأيديولوجية وأهداف هذه الجماعة منذ إنشائها على يد المخابرات البريطانية عام ١٩٢٨ وتجنيد المرشد حسن البنا لتحقيق مصالح المستعمر البريطانى وحتى قيام ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١.. كانوا يعلمون أن الإخوان مستعدون أن يفعلوا أى شىء ويتنازلوا عن كل شىء فى سبيل الوصول إلى حكم مصر.
وكانت مصر وقت ثورة يناير ٢٠١١ قد وصلت إلى حالة من الفوضى والضياع وانهارت مؤسسة الشرطة ولعبت أجهزة المخابرات الأمريكية والغربية التى اخترقت المشهد فى إثارة الجماهير وإشعال الحرائق فى مؤسسات الدولة الحساسة وانتشرت أعمال السطو والسرقة والاعتداء على الأملاك الخاصة والعامة وسيطر الإخوان على المشهد.. وتمكنت المخابرات الأمريكية من اختراق المواقع الحساسة بالدولة واتصلوا بقيادات الإخوان وعلى رأسهم محمد بديع المرشد العام وخيرت الشاطر نائب المرشد للتنسيق معهما والترتيب لتنفيذ النموذج الأمريكى مقابل تمكين الإخوان من حكم مصر.. وتحقق حلم الإخوان الذى راودهم على مدى ٨٠ عاماً ودفعت الولايات المتحدة بعد أن تحكمت فى المشهد السياسى بمحمد مرسى إلى قصر الاتحادية ليكون رئيسا لمصر وعميلا لأمريكا لتنفيذ مخططها نحو سقوط الدولة وتقسيمها.
وعبث مرسى بمقدرات وثوابت مؤسسات مصر واعتدى على أمنها القومى وسيادتها وحدودها المقدسة لدرجة أنه وافق على أن يتنازل عن قطعة من أرض الوطن فى سيناء لحماس لحل المشكلة الفلسطينية.. وأكثر من ذلك أنه كان يرسل كثيرا من الوثائق والمستندات وتقارير المخابرات المصرية وخرائط الجيش المصرى وتشكيلات القوات وغيرها من الأمور التى تحمل درجة «سرى للغاية» نظرا لخطورة وحساسية هذه المعلومات إلى قطر وتركيا وأمريكا.. وأصبحت مصر على شفا حفرة من الانهيار والسقوط وشعرت أمريكا أن هدفها بدأ يتحقق وسينجح النموذج الأمريكى الذى طبقته فى الاتحاد السوفيتى وأدى إلى انهياره وتفكيكه.
فى هذه اللحظة قامت ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ لاسترداد الوطن الذى خطفه الإخوان والأمريكان ونزلت الجماهير المصرية نحو ٣٥ مليون مواطن إلى الميادين والشوارع تطالب بسقوط حكم المرشد وعزل مرسي العميل الأمريكي من الاتحادية ومحاكمته.. وتمت الإطاحة به وجماعة الإخوان الباغية الضالة.. وحاولت أمريكا بكل وسيلة أن تعيد مرسي إلى الحكم كما فعلت مع جورباتشوف وإحباط الثورة المصرية الجديدة لكن دون جدوى وتحطم النموذج الأمريكي على الصخرة المصرية.