السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

لماذا تحالف جديد ضد الإرهاب؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
للإجابة على هذا التساؤل لابد أن نحدد تاريخيا معطيات الواقع الدولي والإقليمي ونبدأ من التجربة الأوروبية في الاتحاد، حيث نجد أنه عندما فكر الاوربيون في أن يكون لهم كيان موحد كانت نفس الفكرة قد تبلورت لدى العرب قبل أوروبا منذ إنشاء الجامعة العربية عام 1945 نجدهم قد تمهلوا وتراجعوا وتفرقوا وسيطرت على الفكر والعقل العربي اتجاهات انعزالية رغم توافر عوامل نجاح توحدهم متمثلة في اللغة والدين والميراث الحضاري والتاريخي.
بينما نجح الأوروبيون في الاتحاد رغم وجود عوامل الاختلاف في الجذور والفروع على حد سواء بالنسبة للغة والثقافة والتوجه والموروث الحضاري نقول نجحوا ليس لشيء سوى أنهم أدركوا في وقت مبكر أن الاقتصاد أنجح وسيلة لتقارب المصالح وتوحد الأهداف ومن هنا ألقت القوة الاقتصادية بظلالها على باقي السياسات الأوروبية وفي الوقت نفسه شكلت صورة إيجابية عامة في ذهنية الآخر عن أوروبا الموحدة في القرن الحادي والعشرين.
فيما سادت الأمة الإسلامية والعربية على وجه التحديد سياسات نلاحظ أنها لم تخدم شعوبها بقدر ما تخدم أعداءها وفي المقدمة إسرائيل التي طرحت مفهوما جديدا هو فكرة "الشرق الأوسط الجديد" في حقبة التسعينيات على لسان شيمون بيريز الذي عرف بصراحة أن يقرأ الواقع العربي بشكل جيد ورغم الصورة الوردية التي رسمها بيريز للمنطقة في كتابة الذي صدر في أوائل التسعينيات من القرن الماضي ويحمل نفس العنوان إلا أنه كان في واقع الأمر يخفي صورة آخري على قدر كبير من البشاعة المتوقعة ولم تظهر للعيان إلا بعد حدوث ما اتفق الفكر السياسي الغربي على تسميته "ثورات الربيع العربي" !!.
وتتجسد معالم الصورة التي رسمها السياسي الاسرائيلي في تفوق حضاري شكلا وموضوعا من جانب إسرائيل لكي تبدو واحة غناء وسط صحراء عربية قاحلة أو دعونا نقول تصبح جزيرة خضراء وسط بحر عربي متلاطم الأمواج بدءا من العراق وسوريا وليبيا وصولا إلى اليمن الذي كان سعيدا ليبرز أمامنا تناقض رئيسي صنعته إرادات أطراف إقليمية ودولية للحد من المد العربي والإسلامي لاسيما بعد أن تعامل الغرب مع المسلمين على أنهم عدو بديل بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وانفراط عقد المعسكر الشرقي وانتهاء ما اصطلح على تسميته في العلاقات السياسية الدولية "الحرب الباردة"! .
وتأكدت هذه الفكرة أي "العدو البديل" بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 على الولايات المتحدة وهكذا خرج الإرهاب الدولي من رحم سياسات معادية للعرب والمسلمين قامت بصنعه ودعمه ولنا في موقف الولايات المتحدة من تنظيم القاعدة عبرة تاريخية منذ الغزو السوفيتي لأفغانستان عام 1979حتى وصلنا الى مرحلة توظيف التنظيمات الإرهابية وجعلها أداة زرعت في المنطقة العربية لتكريس صورة الشرق الأوسط الجديد، كما أرادها بيريز و بشرت بها كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة قبل عدة سنوات.
وفي رؤيتي أن تراجع الفكر الوحدوي وترجيح التوجهات الانعزالية في العالم العربي كان سببا مهما في تكوين هذا المشهد لدرجة أن المنظمة الإقليمية للعرب وهي جامعة الدول العربية فقدت عناصر قوتها وبالتالي خفت صوتها وإختفى تأثيرها منذ أن بدأ العرب يفكرون من منظور قطري "بضم القاف"!!.
وبناء عليه يمكن القول إنه رغم ضبابية الموقف وبشاعة الصورة في بعض الدول العربية نتيجة ازدياد بؤر التوتر بمنطقة الشرق الأوسط وتراكم المواقف المعادية لأمة العرب خرجت محاولات تنسيقية - من مصر والمملكة العربية السعودية تحديدا - للم الشمل العربي والإسلامي والتصدي للاتجاهات الانعزالية المانعة للعمل العربي المشترك وكان آخرها المبادرة السعودية لمواجهة الإرهاب وهي عبارة عن تحالف إسلامي ضد التنظيمات الإرهابية ومن بينها ما يسمى "تنظيم داعش" !! .
وفي تصوري أن فكرة التحالف جاءت في وقت مناسب للعمل على إحياء الجهد وتوحيد الصف عربيا وإسلاميا ثم جاء هذا التحالف ليشكل ضربة قاصمة لكل من يصم العروبة والإسلام بالإرهاب وفي الوقت نفسه يكشف موقف كل من يقف ضد الإرهاب ومن يدعم الإرهاب أمام الرأي العام العالمي ومن ناحية ثالثة تكرس المبادرة قوة جديدة لاستدراك مواقف الضعف والتخاذل العربي والإسلامي في مواجهة التحالفات الأخرى التي فشلت في اجتثاث جذور الإرهاب منذ أكثر من ثلاثة عقود.