لعل دول الشمال الغنية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية تتذكر أنه بعد خمس سنوات من نهاية الحرب العالمية الثانية ومع الأيام الأولى من الخمسينيات كان النظام العالمى قد راح يأخذ شكله وقسمات كما نعرفها حتى اليوم.
إن الولايات المتحدة التى خرجت من الحرب باحتكار القوى النووية ما لبثت أن وجدت الاتحاد السوفيتى يلحق بها فى هذا المجال بعد ثمانية عشر شهراً من «هيروشيما» ولم تمض على كسر الاحتكار النووى الأمريكى سنة بعد ذلك إلا وكان الاتحاد السوفيتى قد سبق الولايات المتحدة فى اختبار قنبلة «هيدروجينية» وحست أوروبا الغربية وبالأخص بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وهى الآن من الدول الصناعية السبع فى العالم.. أحست هذه الدول التى ما زالت تعيش على مشروع مارشال لإعادة بنائها الاقتصادى أنها فى حاجة إلى حماية مظلة نووية أمريكية دائمة.. ولذلك قام حلف الشمال الأطلسى وفى مقابله أقام السوفيت بالاشتراك مع حلفائهم فى شرق أوروبا حلفهم العسكرى تحت اسم حلف وارسو.
وكان مشروع مارشال فى حقيقته تزويداً لأوروبا الغربية واليابان بعد ذلك ببترول رخيص يسمح بإعادة بناء الاقتصاد الغربى بأقل تكلفة ممكنة وبالطبع فإن هذه الطاقة المحركة الرخيصة لم يكن هناك من يقدمها غير العالم العربى.. وهو أحد قطاعات الجنوب النامى فى النظام الدولى.. أى أن الدول النامية العربية هى التى ساعدت دول الشمال الغنية لكى تعيد بناء نفسها من جديد بعد أن خربت الحرب معظم مدنها ومصانعها ومزارعها وتركت بعضها أطلالاً.. وبفضل هذه المساعدة الإيجابية المخلصة استطاعت هذه الدول الغربية أن تصبح دولاً عظمى وكانت هذه الدول العظمى هى نفسها التى استفادت مرة ثانية من تحقيق مزيد من التقدم والرفاهية لمجتمعاتها لتصبح دولاً صناعية عظمى نتيجة لاستفادتها الكبرى من ارتفاع أسعار النفط العربى كذلك باقى المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية فى الغرب واليابان.. حيث ارتفعت أسعار منتجاتها ارتفاعاً باهظاً تماشياً مع ارتفاع أسعار النفط بعد أن قفز سعر البرميل من ٣ : ٤٠ دولار نتيجة انتصار مصر العظيم على إسرائيل فى أكتوبر ١٩٧٣.. فلم تتأثر إرادتها على الإطلاق بل زادت فى هذه الفترة.. هذا بالإضافة إلى أن الزيادة التى تحققت من عائدات النفط للدول العربية المنتجة للبترول قد ساهمت فى انتعاش الاقتصاد فى دول الشمال الصناعية وفى المقدمة منها الولايات المتحدة سواء من خلال زيادة إيداعاتها فى البنوك الغربية والأمريكية أو من خلال مشاركة الولايات المتحدة وأوروبا الغربية فى مشروعات التنمية الطموحة التى بدأت تقام فى الدول العربية.
وعندما بدأت أسعار النفط فى الانحسار ٨ دولارات للبرميل بدلاً من ٤٠ دولاراً بداية الثمانينيات من القرن الماضى حينما زاد فائض النفط فى السوق العالمية لم تنخفض أسعار باقى المصنوعات والمنتجات للدول الصناعية، والتى تصدر لمختلف أنحاء العالم الثالث والدول العربية أساساً تماشياً مع انخفاض أسعار النفط بل استمرت أسعار الصادرات الأوروبية والأمريكية فى التصاعد رغم انخفاض أسعار النفط انخفاضاً كبيراً.. ما يؤكد أن الدول الصناعية فى الشمال قد استفادت مرتين مرة عندما ارتفع سعر البترول ارتفاعاً تفجيرياً فرفعت هذه الدول أسعار منتجاتها التى تصدرها لدول العالم الثالث والدول العربية فى القلب منها ومرة ثانية عندما تراجعت أسعار البترول بصورة كبيرة جداً، ومع ذلك استمرت أسعار منتجات الدول الصناعية فى تصاعد.
ومن ناحية أخرى فإنه عندما استطاعت البلدان النامية المصدرة للنفط أن ترفع أسعارها من جانبها وتراكمت لديها فوائض كبيرة استخدمت جزءا منها فى تغيير هياكلها الداخلية وذلك بالتوجه نحو نمط التصنيع والتصدير.. راحت المراكز الأمريكية والغربية تعد آليات متقنة لإعادة تدوير الجزء الأكبر من تلك الفوائض إلى السوق الغربية بحيث يمكن القول بأن البلدان النفطية صارت تتبع نمطاً جديداً للتصدير هو: تصدير الخامات – تصدير المنتجات – تصدير رأس المال.
وهذا الرأسمال العربى الذى استولت عليه بصورة كبيرة الولايات المتحدة استطاعت بجزء منه أن تقرض دول العالم الثالث الفقيرة بشروط مجحفة وقاسية وبسعر فائدة مرتفع للغاية بددت معظمها فى شراء السلاح فى عالم أصبح القوى فيه يأكل الضعيف أو فى نفقات الحروب أو ما بعد الحروب وحالياً فى مواجهة الإرهاب وكلها كانت أصلاً بسبب أمريكا أو من أجلها.. إلى جانب قيام أمريكا والغرب بإقناع بعض الدول النامية بضرورة وجود قواعد عسكرية لها على أراضيها لضمان أمن هذه الدول وسلامتها والحفاظ على أنظمة الحكم بها.. وطبيعى كانت هذه الدول تتحمل نفقات هذه القواعد العسكرية الباهظة والتى تكرس التابعية والمثال الصارخ هنا دولة قطر.
وفى الواقع أن البلدان النامية ما زالت تمثل حتى الآن حلقة هامة فى عملية إعادة وتجدد الإنتاج الاجتماعى والرفاهية الاقتصادية للبلدان الغنية وبدونها لا تكتمل السلع الرأسمالية إنتاجاً وتبادلاً ومن ثم توزيعا ثم ربحا.. ومهمة التنمية الاقتصادية والاستقلال الاقتصادى حقاً هى أن تكون مصادر هذه الحلقة بأيدى البلدان النامية لا بأيدى البلدان الغنية وأن تكون فى خدمة الاقتصاد الوطنى لا فى خدمة الاقتصاد الأجنبى.
ولكن الحقيقة المرة أن دول الشمال الغنية أوروبا وأمريكا لا تقبل عن طيب خاطر قيام تلك البلدان فى الجنوب النامى أو المتخلف تنمية يكون من شأنها انسلاخها حتى ولو فى المستقبل البعيد عنها.. وهى من ثم على استعداد دائم بمساندة كل تنمية مرتبطة بها وبآلياتها وبما يجعل تحقيق أهدافها فى الاحتكار والسيطرة والتبعية والاستغلال ومقاومة كل ما عدا ذلك ولو كان ذلك بإبطاء سرعتها وانحراف مسارها.
إن الولايات المتحدة التى خرجت من الحرب باحتكار القوى النووية ما لبثت أن وجدت الاتحاد السوفيتى يلحق بها فى هذا المجال بعد ثمانية عشر شهراً من «هيروشيما» ولم تمض على كسر الاحتكار النووى الأمريكى سنة بعد ذلك إلا وكان الاتحاد السوفيتى قد سبق الولايات المتحدة فى اختبار قنبلة «هيدروجينية» وحست أوروبا الغربية وبالأخص بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وهى الآن من الدول الصناعية السبع فى العالم.. أحست هذه الدول التى ما زالت تعيش على مشروع مارشال لإعادة بنائها الاقتصادى أنها فى حاجة إلى حماية مظلة نووية أمريكية دائمة.. ولذلك قام حلف الشمال الأطلسى وفى مقابله أقام السوفيت بالاشتراك مع حلفائهم فى شرق أوروبا حلفهم العسكرى تحت اسم حلف وارسو.
وكان مشروع مارشال فى حقيقته تزويداً لأوروبا الغربية واليابان بعد ذلك ببترول رخيص يسمح بإعادة بناء الاقتصاد الغربى بأقل تكلفة ممكنة وبالطبع فإن هذه الطاقة المحركة الرخيصة لم يكن هناك من يقدمها غير العالم العربى.. وهو أحد قطاعات الجنوب النامى فى النظام الدولى.. أى أن الدول النامية العربية هى التى ساعدت دول الشمال الغنية لكى تعيد بناء نفسها من جديد بعد أن خربت الحرب معظم مدنها ومصانعها ومزارعها وتركت بعضها أطلالاً.. وبفضل هذه المساعدة الإيجابية المخلصة استطاعت هذه الدول الغربية أن تصبح دولاً عظمى وكانت هذه الدول العظمى هى نفسها التى استفادت مرة ثانية من تحقيق مزيد من التقدم والرفاهية لمجتمعاتها لتصبح دولاً صناعية عظمى نتيجة لاستفادتها الكبرى من ارتفاع أسعار النفط العربى كذلك باقى المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية فى الغرب واليابان.. حيث ارتفعت أسعار منتجاتها ارتفاعاً باهظاً تماشياً مع ارتفاع أسعار النفط بعد أن قفز سعر البرميل من ٣ : ٤٠ دولار نتيجة انتصار مصر العظيم على إسرائيل فى أكتوبر ١٩٧٣.. فلم تتأثر إرادتها على الإطلاق بل زادت فى هذه الفترة.. هذا بالإضافة إلى أن الزيادة التى تحققت من عائدات النفط للدول العربية المنتجة للبترول قد ساهمت فى انتعاش الاقتصاد فى دول الشمال الصناعية وفى المقدمة منها الولايات المتحدة سواء من خلال زيادة إيداعاتها فى البنوك الغربية والأمريكية أو من خلال مشاركة الولايات المتحدة وأوروبا الغربية فى مشروعات التنمية الطموحة التى بدأت تقام فى الدول العربية.
وعندما بدأت أسعار النفط فى الانحسار ٨ دولارات للبرميل بدلاً من ٤٠ دولاراً بداية الثمانينيات من القرن الماضى حينما زاد فائض النفط فى السوق العالمية لم تنخفض أسعار باقى المصنوعات والمنتجات للدول الصناعية، والتى تصدر لمختلف أنحاء العالم الثالث والدول العربية أساساً تماشياً مع انخفاض أسعار النفط بل استمرت أسعار الصادرات الأوروبية والأمريكية فى التصاعد رغم انخفاض أسعار النفط انخفاضاً كبيراً.. ما يؤكد أن الدول الصناعية فى الشمال قد استفادت مرتين مرة عندما ارتفع سعر البترول ارتفاعاً تفجيرياً فرفعت هذه الدول أسعار منتجاتها التى تصدرها لدول العالم الثالث والدول العربية فى القلب منها ومرة ثانية عندما تراجعت أسعار البترول بصورة كبيرة جداً، ومع ذلك استمرت أسعار منتجات الدول الصناعية فى تصاعد.
ومن ناحية أخرى فإنه عندما استطاعت البلدان النامية المصدرة للنفط أن ترفع أسعارها من جانبها وتراكمت لديها فوائض كبيرة استخدمت جزءا منها فى تغيير هياكلها الداخلية وذلك بالتوجه نحو نمط التصنيع والتصدير.. راحت المراكز الأمريكية والغربية تعد آليات متقنة لإعادة تدوير الجزء الأكبر من تلك الفوائض إلى السوق الغربية بحيث يمكن القول بأن البلدان النفطية صارت تتبع نمطاً جديداً للتصدير هو: تصدير الخامات – تصدير المنتجات – تصدير رأس المال.
وهذا الرأسمال العربى الذى استولت عليه بصورة كبيرة الولايات المتحدة استطاعت بجزء منه أن تقرض دول العالم الثالث الفقيرة بشروط مجحفة وقاسية وبسعر فائدة مرتفع للغاية بددت معظمها فى شراء السلاح فى عالم أصبح القوى فيه يأكل الضعيف أو فى نفقات الحروب أو ما بعد الحروب وحالياً فى مواجهة الإرهاب وكلها كانت أصلاً بسبب أمريكا أو من أجلها.. إلى جانب قيام أمريكا والغرب بإقناع بعض الدول النامية بضرورة وجود قواعد عسكرية لها على أراضيها لضمان أمن هذه الدول وسلامتها والحفاظ على أنظمة الحكم بها.. وطبيعى كانت هذه الدول تتحمل نفقات هذه القواعد العسكرية الباهظة والتى تكرس التابعية والمثال الصارخ هنا دولة قطر.
وفى الواقع أن البلدان النامية ما زالت تمثل حتى الآن حلقة هامة فى عملية إعادة وتجدد الإنتاج الاجتماعى والرفاهية الاقتصادية للبلدان الغنية وبدونها لا تكتمل السلع الرأسمالية إنتاجاً وتبادلاً ومن ثم توزيعا ثم ربحا.. ومهمة التنمية الاقتصادية والاستقلال الاقتصادى حقاً هى أن تكون مصادر هذه الحلقة بأيدى البلدان النامية لا بأيدى البلدان الغنية وأن تكون فى خدمة الاقتصاد الوطنى لا فى خدمة الاقتصاد الأجنبى.
ولكن الحقيقة المرة أن دول الشمال الغنية أوروبا وأمريكا لا تقبل عن طيب خاطر قيام تلك البلدان فى الجنوب النامى أو المتخلف تنمية يكون من شأنها انسلاخها حتى ولو فى المستقبل البعيد عنها.. وهى من ثم على استعداد دائم بمساندة كل تنمية مرتبطة بها وبآلياتها وبما يجعل تحقيق أهدافها فى الاحتكار والسيطرة والتبعية والاستغلال ومقاومة كل ما عدا ذلك ولو كان ذلك بإبطاء سرعتها وانحراف مسارها.