الجمعة 29 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

عمار يا مصر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
.. وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة
[ أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهوري، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه ]
هذا هو نص اليمين الدستورية، الذي يؤديه رئيس الجمهورية قبل توليه السلطة ويلتزم بما جاء فيه بعد تسلمه رسميًا إدارة شئون البلاد أمام البرلمان إذا كان موجودًا، أو أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا في حال غياب البرلمان، وإذا التزم الرئيس بما جاء في هذا القسم كان في منأى عن النقد أو الاتهام والتف حوله الشعب وأيّده وطالب به مرة ثانية رئيسًا للبلاد، وعندما يخرج من السلطة يحتفظ بمقام رفيع بين الشعب، ويظل دائمًا في أمان بعيدًا عن الملاحقة والمطاردة من خصومه.
منذ قيام الثورة عام 1952 حكم مصر حتى الآن 5 رؤساء، محمد نجيب، عبدالناصر، السادات، مبارك، ومرسي، وجميعهم حلف اليمين الدستورية وأقسم بالله العظيم على ما جاء في القسم!! وباستثناء محمد نجيب، فإن الملاحظ أن الجميع التزم بجزء واحد من القسم هو (أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهوري) لأن ذلك يخدم وجود الرئيس في السلطة، واختلف بعد ذلك الرؤساء في الالتزام بباقي القسم بدرجات متفاوتة يستطيع القارئ تمييزها بسهولة، ومع أن لكل مرحلة ظروفها ولكل قرار حيثيات فلست الآن بصدد الحكم على أي منهم.. لكني أرصد حالة ترتبط بشكل مباشر بحياة الشعب المصري، والسبب الذي أوصله إلى هذا الحد من المعاناة والفقر وتراجع القدرة على الانطلاق إلى آفاق المستقبل والمكانة التي يستحقها بين الأمم.
الرئيس عبدالناصر - في تقديري - التزم بما جاء في القسم إلى حد كبير، بل إنه انحاز بشكل واضح وملموس إلى الشعب، فكانت معظم قراراته الثورية تصب في رعاية الشعب وتحقيق مصالحه في التعليم والصحة والمأكل والسكن بشكل آدمي، لكنه أغفل جانبًا مهمًا هو الديمقراطية، التي تتيح للشعب الاختيار وتداول السلطة.
الرئيس السادات، التزم بما جاء في القسم وعضد ذلك بحرب أكتوبر 73، وحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه، لكنه أغفل الجزء الخاص برعاية الشعب رعاية كاملة، وفتح البلاد بعد الحرب تحت شعار الانفتاح الاقتصادي، الذي أغرق البلاد في الفساد، فظهرت طبقة رجال الأعمال الطفيلية التي لم ترع مصالح الطبقة الفقيرة وقضت على الطبقة المتوسطة التي تقود الحراك السياسي في البلاد وتدفعه نحو التقدم بالعلم والعمل.
الرئيس المخلوع مبارك، التزم بما جاء في القسم واسترد الجزء الباقي من سيناء، وحافظ على سلامة أراضي الوطن، لكنه لم يحافظ بشكل كامل على استقلال القرار الوطني، فزادت التبعية للغرب والأمريكان، فضَعُف القرار المصري وتراجع الدور المحوري لمصر في إفريقيا وشرق آسيا، وأهمل بشكل كلي مصالح الشعب، فتراجع التعليم وتدهورت الصحة وزادت نسبة الفقر وسمعنا لأول مرة عن معدومي الدخل بعد محدودي الدخل، وساعد نظامه على تكريس دور رجال الأعمال، فاختلط الخاص بالعام وتضاربت المصالح وتوقف وصول ناتج التنمية إلى القاعدة العريضة من الشعب المصري، لذلك قامت عليه الثورة وخلعته.
الرئيس المعزول مرسي، هو الرئيس الذي لم يلتزم بما جاء في القسم إلا بشيء واحد هو المحافظة على النظام الجمهوري؛ لأن ذلك يدعم حكمه ووجوده في السلطة ولا أحد يعلم ماذا كان سيحدث بعد ذلك لو طالت مدة حكمه، فربما كنا تحولنا إلى إمارة أو مملكة أو قطعة من الخلافة التي كانوا يزعمون إقامتها!! وفيما عدا ذلك فقد حنث بكل ما في القسم، فلم يحترم الدستور وانقلب عليه وأصدر إعلانًا دستوريًا ليس من حقه حصّن فيه نفسه وقراراته ومؤسساته الملاكي، وحرّض أتباعه على محاصرة المحكمة الدستورية في سابقة هي الأولى في العالم، وأهدر حجية أحكام القضاء وأعاد مجلس الشعب بعد حله، ولم يحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه، فكان قد وعد بالتنازل عن حلايب وشلاتين للسودان، ووعد وقرر واتفق على التنازل عن أجزاء من سيناء للفلسطينيين، خصوصا حماس فرع الإخوان في غزة، لحل القضية الفلسطينية على حساب مصر، ودفع بالآلاف من الإرهابيين لدخول سيناء لإنشاء إمارة إسلامية خالصة تعطي الحق لإسرائيل في إعلان الدولة اليهودية، وهناك الكثير والكثير مما لا يتسع له المجال من اختراق القسم وإهداره.
أما فيما يتعلق برعاية مصالح الشعب، فالمعزول لم يهتم بغير أهله وعشيرته فقط، وكل الدراسات ومراكز البحث المعتبرة أكدت أن الفساد زاد في فترة حكم مرسي بنسبة أكبر مما كانت عليه قبل الثورة في يناير، وزاد الفقر وزادت البطالة وضاق الحال بالعباد، لذلك خرجت له الملايين تطالبه بالرحيل بعد عام واحد من الحكم، وتم عزله بإرادة الشعب المصري.
..وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، شعار إذا لم يتحول إلى واقع فلن يجلس أي رئيس على كرسي الحكم طويلَا بعد الآن.