السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حديث المؤامرة في سقوط الطائرة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أروع ما فى أعماق الشخصية المصرية هو نقاء جيناتها الوراثية المعجونة بالانتماء والقادرة على استنهاض الهمم وقت الضرورة.. الجميع يبادرون من تلقاء أنفسهم بالاصطفاف من أجل الدفاع عن الوطن دون دعوة أو توجيه من أحد.. الاصطفاف الذى أقصده هو الاصطفاف الوطنى الذى يسير فى الاتجاه المضاد لما يدعو إليه المتآمرون المروجون للأكاذيب الداعمة لمخططات الولايات المتحدة الأمريكية وتابعتها بريطانيا.. المقصود بالمتآمرين هم الإخوان وأيمن نور وغيرهم من الهاربين الذين باعوا بلدهم بزعم أنهم معارضون للنظام الحاكم.
هؤلاء اتخذوا من الطائرة الروسية المنكوبة وسيلة للشماتة والتحريض ضد الدولة إلى جانب تبنى وجهة نظر أصحاب المصالح الاستراتيجية فى المنطقة، وهو ما أدركه الشعب بكل فئاته السياسية والاجتماعية، باعتبار أن الصورة صارت جلية لا تقبل تفسيرا أو توضيحا لمعالمها.
ففور سقوط الطائرة الروسية فى سيناء، خرجت الدعوات من النخب الوطنية للذهاب إلى مدينة شرم الشيخ لإنعاش السياحة بها وإيصال رسالة للعالم مفادها أن المصريين قادرون على تجاوز الأزمات والالتفاف حول بلدهم مهما كانت التكلفة.. حيث أدرك الجميع أن حديث المؤامرة ضد مصر كان جديرا بالانتباه إليه ووضعه فى الاعتبار، بدلا من انتقاده وإلقاء اللوم على الدولة والقائمين عليها، واتهام الآراء المناهضة للسياسة الأمريكية أنها آراء مريضة تؤمن بنظرية المؤامرة فى إشارات هدفها التسفيه من أصحاب تلك الرؤى.
الجميع أيقن تماما أن الحملة الإعلامية والسياسية التى تقودها كل من أمريكا وبريطانيا، ليست عشوائية، لكنها انتقاما من الدولة المصرية التى استعادت فى فترة وجيزة دورها الإقليمى ومكانتها الدولية.. فهى تدفع ثمن مواقفها الوطنية والقومية لأنها استطاعت من خلال جيشها قطع أذرع الدول الكبرى فى حربها ضد الإرهاب، فضلا عن أنها أصبحت عقبة صلبة وحاجزا منيعا أمام المخططات الرامية لتقسيم المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالدولتين العربيتين « ليبيا وسوريا».. أما الأهم من ذلك كله فهو قدرتها على إحباط مشروع توطين الإرهاب على أراضيها.
لكن الغريب فى الأمر أن بعض وسائل الإعلام انساقت بطريقة مريبة وراء ترويج الاتهامات للدولة المصرية بنفس الأسلوب الدعائى الأمريكى والوقاحة البريطانية وجميعها يدور فى وجود ثغرات أمنية بالمطارات للتشكيك فى قدرة الدولة وأجهزتها المسئولة، دون إدراك أن ترديد مثل هذه الشائعات يحمل ضررا للدولة المصرية، لأنه يسير فى اتجاه مصالح الغرب خاصة إذا علمنا أن الغرض من تلك الحملات هو محاصرة مصر اقتصاديا وعسكريا لأنها لا تقبل الإملاءات الأمريكية، وتقود تحركا دبلوماسيا يهدف الحفاظ على الدولة السورية، باعتبار أن تلك القضية حاضرة دوما على جدول أعمال السياسة المصرية.. فاستباق التحقيقات فى قضية الطائرة يشير إلى -إن لم يكن مؤكدا- أن استخبارات أمريكا وبريطانيا ومعهما إسرائيل متورطة، إذا كانت العملية إرهابية بالفعل، لأن هذه الدول ببساطة هى التى صنعت التنظيمات الإرهابية فى المنطقة وتحاول إسقاط سوريا وتوجه الإدانات للدولة المصرية ورئيسها جراء المواقف العلنية من الأزمة
السورية.. فيما تدور مساعى الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الحفاظ على تماسك ووحدة الدولة دون تقسيم، باعتبارها إحدى دول المواجهة مع إسرائيل وإن كانت تلك الرؤية الاستراتيجية بعيدة المدى تجد من يخالفها داخل بعض الأنظمة العربية، فهذا يشير إلى تنامى الدور الأمريكى فى التوجهات داخل المنطقة.
فالمشهد فى ظاهره يشير إلى وجود خلافات فى الرؤى بين الزعماء والقادة العرب تجاه ما يجرى فى سوريا من أحداث، فهناك توجه يرى أن الخلاص من نظام بشار الأسد يمهد الطريق لإنهاء الأزمة برمتها، هذه الآراء لا تأخذ فى الاعتبار أن إسقاط أنظمة الحكم يقود للاقتتال من أجل السلطة مثلما حدث فى العراق وليبيا.
كان الملفت للنظر أن ما ردده بعض الإعلاميين كان على هوى الإدارة الأمريكية وأجهزة استخباراتها ووسائل إعلامها من صحف وقنوات إخبارية، حيث عزف الجميع على نغمة نشاز مفادها أن حادث الطائرة الروسية وراءه عمل إرهابى.
يحدث هذا رغم أن الحقائق المؤكدة تذهب إلى أن الأمريكان هم الذين غرسوا بذور الإرهاب فى المنطقة بتمويل عربى، الأمر الذى أزاح الستار عن الأدوار الغامضة التى تقوم بها بعض الأنظمة خاصة فيما يجرى فى سوريا.
هناك ضرورة للوقوف أمام العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وبعض البلدان العربية، فهى لا تقوم على الندية ولا تحكمها المصالح المتبادلة التى تحقق رغبة كل طرف، لكنها تدور فقط فى فلك المخططات الأمريكية الرامية لتقسيم المنطقة، خاصة إذا علمنا أن المواقف الرسمية لبعض أنظمة الحكم العربية تدور فى مساحة ضيقة لا تتجاوز تصفية الحسابات.