الإثنين 30 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

"البوابة" تحاور العائدين من جحيم "الإدمان"

بعد خضوعهم لبرنامج تأهيلي

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
■ «عبدالهادي» تعاطي المخدرات لمدة 20 عامًا.. بدأ بـ«الترامادول» وانتهى بـ«الهيروين»
■ «محمد» ظل في فترة العلاج 15 عامًا.. وتعلّم شراء «الهيروين» من داخل المستشفيات
■ «عبدالفتاح»: خالي علّمني شم «بودرة».. وكنت بسرق إخواتي عشان أجيبها
اجتمعوا معا خلف جدران المستشفيات، لا يجمع بينهم سوى «الإدمان»، خضعوا لبرنامج تأهيلى، ويدعون ربهم كل صباح أن يمر يومهم دون تعاطى المُخدرات، تحولت حياتهم بعد العلاج إلى صفحة بيضاء، لينتقلوا من الغيبوبة والانتشاء إلى الوعى الكامل، وتتغير نظرتهم للحياة، بفضل «صندوق مُكافحة الإدمان» الذى كان بمثابة أمل لكل من تعافى من تعاطى المخدرات، لكن بالطبع تظل الرغبة والإرادة هما العامل الأساسى فى الإقلاع عن الإدمان من عدمه.
«البوابة» التقت بعض المُتعافين من الإدمان - منهم من خرج من المستشفيات وأنهى فترة علاجه ومنهم ما زال فى البرنامج التأهيلى - للحديث عن تجربتهم القاسية مع الإدمان، وكيفية شفائهم منه.
20 عاما من "الضرب"
«أحمد عبدالهادى»، يبلغ من العمر ٤٥ عامًا، رغم أن ملامحه توحى بأنه أكبر سنًا من ذلك، يسكن فى شبرا الخيمة، ومتزوج منذ ٤ سنوات، ولديه طفلان، ويعمل «سائق»، كان «عبدالهادى» يتعاطى المخدرات لفترة تجاوزت ٢٠ عامًا، بدأ بالأقراص المُخدرة، وانتهى بـ «الهيروين».
يروى «أحمد» لـ«البوابة» تفاصيل رحلته مع الإدمان، قائلاً: «إنه بدأ تعاطى المخدرات منذ أن كان عمره ١٨ عامًا، فعندما وصل إلى هذه السن قرر أحد أصدقائه أن يهديه قرصا مخدرا، ووافق الشاب، وكان ذلك بمثابة دخوله باب التعاطى، الذى لم يستطع الخروج منه لمدة ٢٠ عامًا، وبعد «البرشام»، تعاطى «الحشيش»، ثم «البانجو»، وكان فى البداية يحصل على المُخدرات فى الأفراح والمناسبات من أصدقاء السوء».
ويقول «أحمد»: «قبل بلوغى ٢١ عامًا، كنت أتعاطى المخدرات على أنها نوع من «المتعة» فقط، ولكن بعد دخولى الجيش واقتراب خروجى منه اختلف الوضع كليًا، فأصبحت أشرب الخمور والمخدرات بأنواعها، من حشيش، وبانجو، وترامادول، وكانت تسبب لى حالة من الانتعاش والبهجة والنشاط، ومع اقتراب انتهاء الجيش، تيقنت أننى لا أستطيع الابتعاد عن المخدرات، وأشربها بكميات كبيرة، وعدم تعاطيها كان يسبب لى حالة من «التوهان» والعصبية المُفرطة، وبدأت أزيد من الجرعات، خاصة «الترامادول»، لتسكين الآلام، ثم دخلت أخطر مرحلة فى الإدمان، وعمرى ٣٠ عاما، وبدأت فى تعاطى البودرة عن طريق الحقن، بنفس الطريقة التى أدمنت بها «الترامادول»، زملائى من السائقين أعطونى «حقنة» مرتين مجانا بدون أموال، وفى المرة الثالثة طلبوا مالا، فكانت كل أموالى من عملى تضيع على «الهيروين»، وكنت أحصل عليه بالجرام، وكنت أشترى ما يكفينى ليومين، فى البداية كان أصحابى وزملائى هم من يحقنوننى بالمخدر، وبعد فترة تعلمت أن أحقن نفسى».
ويضيف «أحمد»: «تزوجت منذ ٤ سنوات، وأمى كانت السبب فى زواجى، وقالت لى حينها: يمكن الجواز يعدل حالك بدل الهباب اللى بتشربه ده، وأنجبت طفلين، ورغم ذلك لم أفكر يومًا فى التوقف عن التعاطى، لدرجة أننى كنت أفعل أى شيء لأستطيع شراء المخدر، كنت أكذب وأسرق، وقمت ببيع سيارتى، وكان كل أصحابى مدمنين، ولم أكن أعرف سوى «متعاطين» منذ أن كان عمرى ١٨ عامًا، وكانت ابنتى «نوال» التى عمرها ٣ سنوات السبب فى توقفى عن تعاطى المخدرات، حيث شعرت بالخوف من كلام الناس أن يقولوا لها فى يوم ما «أبوكى مدمن»، كما أننى لم أستطع حملها مثل أى أب، فقررت الإقلاع عن المخدرات تماما».
ويتابع قائلا: «المدمن يرى أنه سعيد، وأهم شيء بالنسبة له أن يكون معه مالا لشراء مخدرات جديدة، ولا يفكر فى ربه أو أسرته، فقررت الاتصال بصندوق مكافحة الإدمان، وذهبت بعد أن علمت أن الصندوق يعالج الإدمان مجانًا، فتوجهت إلى مستشفى «الخانكة»، وقابلت أحد الأطباء وأعطونى أدوية لأتناولها خلال ٣ أيام، ثم أجريت تحاليل بعد ٤ أيام، وتم حجزى بالمستشفى، وسحب المخدر من جسمى خلال أسبوع، ثم تابعت باقى الأيام فى التأهيل النفسى لمدة ٩٠ يومًا، وفكرت العودة للضرب مرة أخرى، بس السبب الذى منعنى هو ابنتى ومستقبلى، ونجحت فى الإقلاع عن المخدرات لمدة عام كامل، تغيرت فيه حياتى للأفضل، وغيرت محل إقامتى، ورفضت التحدث مع أصدقائى، وأذهب كل أسبوع إلى الصندوق، وتغيرت كثيرا بعد العلاج، وأصبحت أهتم بزوجتى وابنتى، وبدأت فى إعطائهم كل أموالى، وأخرج أنا بأموال قليلة عشان الفلوس الكتير بتعلم الضرب».
يشتري "الهروين" من المستشفيات
«محمد»، عمره ٤٤ عامًا، من المرج، حاصل على «بكالوريوس تجارة»، متزوج ولديه ٤ أبناء، وصاحب معارض أثاث، وقع فى فخ التعاطى منذ ١٥ عامًا، تعاطى خلال ٦ شهور جميع أنواع المخدرات، وباقى الأعوام يحاول علاج نفسه ولكنه لم يستطع.
ويروى «محمد» لـ«البوابة»، تفاصيل رحلته مع المخدرات قائلا: «تزوجت منذ ١٦ عامًا، وبدأت فى تعاطى المخدرات فى سن الـ٣٠ عامًا، كنت فى البداية بشرب «تفاريح»، فى الأعياد والمناسبات، ولكنى لم أكن «مدمنًا»، وكانت بداية إدمانى فى سن الـ١٨ عاما، وظللت هكذا حتى سن ٣٠ عامًا».
ويضيف «محمد» قائلا: «فى أحد الأيام اتصل بى أحد أصدقائى الساعة الثامنة صباحاً، وأعطانى «سطر بودرة»، فتناولته بعد أن قال لى البعض إن البودرة تجعل الإنسان يطير، فوضع أمامى «سطر واحد»، فقلت له «هات سطر تانى»، وكانت البداية، وفى هذا اليوم ذهبت لمعرض الأثاث الخاص بى، وكنت أعمل بنشاط غريب لم أشعر به من قبل، وكان سهل على بعد ذلك أن أحصل على «الهيروين» من تاجر مخدرات فى المرج، يبيع فى الشارع، واشتريت الجرام بـ ٢٠٠ جنيه، وكنت أتعاطى البودرة كل يوم لمدة ١٥ عامًا».
وتابع محمد قائلا: «دخلت مستشفيات كثيرة، وبدأت العلاج بعد ٦ أشهر من الإدمان، لأن آثاره ظهرت على ملامحى وجعلتنى أكبر سنًا، أول مصحة دخلتها كانت «الخانكة»، وكنت أدخل حتى يتم سحب «المخدر»، وبعدها خرجت من المستشفى، أول مرة خرجت بعد العلاج لقيت واحدا من صحابى الـ«بيضربوا»، فأخذته لكى يتعالج، وأخذت منه الهيروين وتعاطيته، ثم عدت إلى المستشفى مرة أخرى، وبدأت فى العلاج ثم التعاطى ثم العلاج طوال ١٥ عامًا، وتعلمت شراء الهيروين من داخل المستشفيات، من تجار المخدرات هناك».
وأكد محمد أن المستشفيات الخاصة التى تعالج «الإدمان» لا يشغل بالها سوى جمع الأموال فقط، ولا يهتمون بأى شيء آخر، وأن آخر دخوله للمستشفى كان منذ ٦ أشهر، ومكث به ١٠٢ يوم، تم فيها سحب المخدر، وتجرى له عمليات التأهيل حتى الآن، ليتوقف عن تعاطى المخدرات لمدة ٦ شهور كاملة.
وقال «محمد»: «الإدمان خسرنى كل ثروتى، وخسرنى حياتى، أنا عاطل منذ ٣ سنوات، وعلاجى له فائدة كبيرة، وحاليا أستكمل البرنامج العلاجى الخاص بى، وخلال الفترة الماضية تعلمت كيف أتعامل مع الإدمان، وبعدت عن كل شيء يقربنى من المخدرات».
تعلم التعاطي من خاله
«محمد عبدالفتاح» يبلغ من العمر ٤١ عامًا، يعمل فى تركيب السيراميك والرخام، ويعيش بالشرابية، متزوج ولديه طفلان، بدأ فى تعاطى المخدرات من سن الـ١٥ عامًا، فى المرحلة الإعدادية.
يقول عبدالفتاح: «أول مُخدر شربته فى حياتى كنت فى إعدادى، ثم الخمور، ثم البانجو مع زميلى فى المدرسة، وكنت أتعاطى بشكل كبير فى الأفراح والمناسبات، ثم تناولت الحشيش، ومع الوقت بدأت أتعلق بالمخدرات، وأعمل فى «السيراميك» لكى أشترى المخدرات، واستمر تناولى لأنواع المخدرات حوالى ١٥ عامًا، كنت أحصل على المال من والدى، الذى علم بعد ذلك أننى «مدمن»، بعد ٤ سنوات من التعاطى، ضربنى كثيرا، وطلب منى التوقف والإقلاع عن المُخدرات، لكنى توفى قبل أن يرانى سليمًا معافًا».
وتابع «عبدالفتاح» قائلا: «والدى توفى قبل أن أتعاطى «الهيروين»، وبأموالى التى أجنيها من عملى كنت أشترى المخدرات، فتناولت جميع أنواع المخدرات، من حشيش وبانجو وترامادول ثم الهيروين، وكان خالى أول من جلب لى الهيروين، وكنت وقتها أعمل فى تشطيب السيراميك فى منزله، فظل لمدة شهرين يعطينى هيروين، حتى أصبحت مدمنًا، ثم بدأ يطلب منى أموالا ليعطينى «هيروين»، ووصلت لمرحلة «الشك» أو «الماكس»، وكنت أسرق المال من أشقائى لشراء المخدرات، وكنت أعتدى على زوجتى حتى تعطينى نقودا، فشعرت بالضياع، وكرهت نفسى، وقررت العلاج، فعندما وجدت صديق عمرى فى الشارع لم يسلم على، فكنا نتعاطى سويًا، لكنه قرر أن يُعالَج، بعدها جلست مع نفسى وقررت العلاج، فذهبت إلى صندوق علاج الإدمان، وذهبت إلى المستشفى، وبعد أسبوع كامل من دخولى المستشفى، كنت أفكر فى الخروج والعودة لـ«الضرب» مرة أخرى، لكن مستقبلى ومستقبل ابنتى هما اللذان منعانى، فقررت العلاج، ومكثت فى المستشفى ٩٠ يومًا، وبدأت حياتى فى التغير بشكل إيجابى، والآن مر على عام كامل بدون تعاطٍ للمُخدرات، وأشعر بسعادة غامرة وراحة نفسية هائلتين».