السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

مطلوب عبارة "للكبار فقط" قبل بث البرامج الفضائية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أقترح على إدارة القمر الصناعى «نايل سات» والجهات المسئولة عن الرقابة فى مصر إلزام بعض القنوات الفضائية، بكتابة تحذير قبل بث بعض برامجها على جمهور المشاهدين، مفاده أن هذه البرامج «للكبار فقط»، وهذه ليست بدعة فالرقابة على السينما تلزم المنتجين بوضع تلك العبارة على الأفلام المتضمنة مشاهد خادشة للحياء ومحرضة على الفحشاء، كما أضيف من عندى الفوضى الإعلامية التى ترسخ للجهل والتضليل والخزعبلات من إعلاميين «فهلوية» يصدرون الفتاوى فيما يعرفون وفيما لا يعرفون وقطعا هم لا يعرفون.
الاقتراح الذى أرى أنه مشروع سيمنح الفرصة كاملة أمام الأسر المصرية على كافة مستوياتها وشرائحها الاجتماعية من تحديد موقفها، قبل الجلوس أمام الشاشات ورؤية محتوى برامج الفضائيات، والتفاعل مع ما بها من «رذائل» تفوق فى بشاعتها مشاهد السينما الهابطة.
أتحدث هنا عن قيام بعض مقدمى البرامج بارتكاب أخطاء فادحة تصل لحد الخطايا، عبر إصدار الأحكام القاطعة فى بعض القضايا، دون إدراك من جانبهم أن التداعيات السلبية لما يفعلونه ستصنع فئات مشوهة ثقافيا، بفعل المعلومات المغلوطة الناتجة عن الصراخ، لعل أبرز مشاهد الفوضى الإعلامية، هى التى داهمتنا بصورة فجة فى الأيام القليلة الماضية.
فقد تابعت أنا وغيرى تغطية الانتخابات النيابية وردود أفعال وسائل الإعلام حول عزوف المواطنين عن المشاركة.. لا أنكر فى هذا السياق أن صدمتى كانت كبيرة من استغلال بعض المذيعين الحديث الدائر عن ضعف الإقبال، واتخاذه تربصا كنقطة انطلاق لفتح المزاد أمام الهجوم الضارى على نظام الحكم.. اعتبروا أنفسهم خبراء وأطلقوا الاتهامات العشوائية، بأن الانتخابات جاءت بمثابة الانقلاب على ٢٥ يناير وعودة الحزب الوطنى من جديد واستبعاد الشباب ووجود قوائم حكومية، وأن هذه هى الأسباب التى أدت للمقاطعة وعدم الزحام أمام لجان الاقتراع.. و... إلخ من الأمور التى تحمل تحريضا على إعلان الغضب!!
لم أجد وصفا يليق بهذه الادعاءات سوى أنها «دعارة إعلامية» ولى فى ذلك أسباب، فقد ركزت القنوات الفضائية على دوائر بعينها فى المرحلة الأولى لم يكن بها زحام، وكان البث المباشر لا يتجاوز حدود ١٠ لجان فقط فى ١٤ محافظة على مستوى الجمهورية، ركزت عليها الكاميرات دون النظر إلى بقية اللجان التى يبلغ عددها ٤٧٣١ لجنة انتخابية شارك فيها ٢٧٪ من إجمالى المقيدين وهذه نسبة مقبولة عالميا هذا إذا علمنا أن انتخابات الشورى فى زمن الإخوان أسفرت نتائجها عن مشاركة ٧٪ فقط رغم وجود التزوير الفاضح.
لكن على أثر التركيز على العدد الضئيل من اللجان فتحت استديوهات البرامج أبوابها أمام الصراخ وتوجيه الاتهامات دون انتظار للنتائج ومعرفة عدد المشاركين فى التصويت ودون معرفة أو دراية بالإجراءات التى اتخذتها الدولة لتسهيل عملية التصويت على الناخبين، بأن ضاعفت أعداد اللجان عبر توزيعها على مقار جديدة تضاف إلى المقار الأساسية بهدف منع التكدس والوقوف فى الطوابير أمام المقار الانتخابية.
جميع هذه الرذائل مارسها بعض مقدمى برامج الـ«توك شو» تحت لافتة مشروعة اسمها «الإعلام» وحرية التعبير.. الأمر الذى جعل الكثيرين يصفون بعض القنوات الفضائية أنها أشبه ببيوت البغاء، باعتبار أن ما يخرج من استديوهاتها، لا يخضع لأى معايير أخلاقية أو ثوابت وطنية فضلا عن غياب ميثاق شرف يحدد الإطار المهنى لتلك القنوات، فمع غياب الرقابة الذاتية والرسمية لم يكن غريبا أن تصبح برامجها ساحة مفتوحة على البحرى لتزييف الحقائق وإهانة العقل وتضليل الرأى العام.
أوصاف البغاء والدعارة الإعلامية ربما تكون قاسية لكنها ملائمة لما يحدث بصورة فعلية، خاصة إذا علمنا أن بيوت الدعارة تدار فى سرية وليست على الملأ كما يحدث من بعض الفضائيات، فبرامجها تداهم البيوت وتؤثر فى قطاعات ليس لديها دراية بالشأن العام وقضاياه المتشابكة.
إن هوس بعض المحسوبين على الإعلام بارتداء ثياب الثورية واحتكارهم المعرفة، جعلهم فاشيين جددا يمارسون أساليب تحريض الجماهير على الطريقة الإخوانية عبر التشكيك فى كل شىء!!
هؤلاء تجاوزوا كل الحدود المتعارف عليها فى الإعلام، وهى الحدود التى وضعت معايير الشرف الأخلاقى والوطنى قبل المهنى، لكن فى بلادنا أصبح كل ثورى من وجهة نظرهم عالما بكل شىء وقادرا على فعل أى شىء..صارت رائحة آرائهم كريهة تحوم حولهم الشبهات من كل جانب، ولا نعلم فى هذا الإطار ما النوايا التى تحرك تصرفاتهم.. هم يصنعون الأكاذيب ويطلقون الشائعات دون أدنى مسئولية.. الغريب فى الأمر أنهم يتحدثون عن الحريات ويعملون فى ذات الوقت على إقصاء غيرهم، وكأنهم فقط دون سواهم أصحاب الحقوق.. ما يحدث من هؤلاء الإعلاميين حفزنى على استدعاء مقولة «جوبلز» وزير إعلام النازية أثناء الحرب العالمية الثانية، فهو عبر عن كل ما ذكرته بمقولة عبقرية فى دلالاتها، قال «أعطنى إعلاما بلا ضمير.. أعطيك شعبا بلا وعى»، هو يقصد كيفية الحشد وراء الأكاذيب والشائعات، باعتبار أن تضليل الرأى العام يصنع حشدا داعما لترويج الباطل دون الاقتراب ولو قليلا من الصدق.
هؤلاء وجدوا ضالتهم فى مساندة بعض السياسيين والمغمورين من رافعى شعار الثورية بمناسبة وبدون مناسبة، والانطلاق من زاوية مشروعة اسمها «المعارضة» لأى نظام يحكم مصر ولو أتى للسلطة بإجماع شعبى وطبعا كله بثمنه، فالمكسب يتحقق من جانبين الأول الظهور فى ثياب الزعامة الثورية، والثانى تحقيق المكاسب المادية.