السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

قراءة فى معاني رمضان السبعينيات!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انا من جيل تربى في الستينيات والسبعينيات على المثل الأعلى، فكنا في مرحلة نعومة الأظفار ما بين الطفولة والشباب نبحث عن القدوة الحسنة في كتاب ندخر من مصروفنا حتى نشتريه بقروش زهيدة قبل ظهور الإنترنت وعالم الفيس بوك وما شابه الآن من العوالم الافتراضية والتي بحثت فيها عن المثل الأعلى فلم أجده كان المثل الأعلى بالنسبة لنا زعيما سياسيا أو معلما أو كاتبا أو ممثلا أو لاعبا رياضيا أو حتى شخص عادى في تصرفاته البسيطة يصبح مثلًا وقدوة لنا الغريب أن المثل الأعلى الآن مختلف شكلا وموضوعا إن وجد بل أصبح المثل الأعلى شيئا افتراضيا أيضا لا يعبر عن قيمة عليا أو قدوة حسنة!!
ومن أجمل ما تربينا عليه نحن جيل السبعينيات عندما كنا في الجامعة حب الوطن، وإن كنت دخلت الجامعة ومعى ذخيرة من حب الوطن تكفى مشاعر العالم كله تعلمته في مدينتى وشارعى وأنا صغير مع رفاقى في بورسعيد، فقبل ٦٧ عشقنا مصر في شخص وكاريزما عبد الناصر الذي كان يحل ضيفا علينا في الثالث والعشرين من ديسمبر كل عام وهو ذكرى دحر العدوان الثلاثى عام ١٩٥٦.
وبعد ٦٧ وقعت الهزيمة التي فضلنا أن نسميها نكسة من منطلق رفضنا للهزيمة وليس لعدم الاعتراف بها، وقد دفعنا حب مصر للاحتشاد الوطنى كى نستبدل الهزيمة نصرًا وكنت ورفاقى لم نتجاوز بعد المرحلة الإعدادية وعندما هجرنا من بورسعيد مع اشتداد مرحلة حرب الاستنزاف في ١٩٦٩ تعلمنا أصول حب مصر من جديد في منظمة الشباب الاشتراكى التي زودتنا بالمعرفة السياسية إلى جانب عشق الوطن وهو الأمر الذي كان له أبلغ الأثر عندما التحقنا بجامعة القاهرة في ٧١، وكان قد رحل عن عالمنا جمال عبد الناصر في سبتمبر ٧٠، وشهدت مصر تغيرات سياسية انعكست على الجامعة التي شهدت بدورها انقساما أيديولوجيا بين اليسار واليمين، وحتى اليسار نفسه كان منقسما بين الناصريين والماركسيين، وحتى قبيل حرب ٧٣ لم يكن في الجامعة سوى اليمين الليبرالى أما التيار الدينى فكان متواريًا على استحياء.
في ذلك الوقت تظاهرنا ليس ضد نظام أو حاكم، ولكن تظاهرنا من أجل حب مصر، فلم نخرب أو نحرق منشآت عامة أو خاصة ولم نوقف دراسة أو نعطل وسائل نقل عام كنا نطالب بألا يعلو صوت فوق صوت المعركة، وبعد انتصارنا في ٧٣ وتصادف شهر رمضان تظاهرنا أيضا عندما حدث تغير نوعى في توجهات مصر الاقتصادية تحت ما يسمى الانفتاح الاقتصادى وهذا كان من أجل مصر، وواجهنا نمو التيار الدينى المدعوم من نظام الرئيس السادات الذي دفع به إلى الجامعة لمواجهة التيارات اليسارية، لاسيما التيار الناصرى الذي قوى عوده وانتشر في شكل نواد سياسية أثرت بشكل فاعل في مسار الحركة الطلابية المصرية، وهى حركة وطنية استمدت زخمها من حب الوطن الذي هو من حب الله، ولم يكن الوطن أبدا وثنا وعلمه صنما كما يزعم دعاة الإرهاب وأصحاب الأفكار المتطرفة الذين وقف إلى جانبهم السادات، ولما اشتد عودهم اغتالوه جهارا نهارا في ذكرى يوم احتفاله بانتصار أكتوبر «رمضان» الذي حققه الجيش المصرى في ٦ ساعات!!
ولست أدرى لماذا ربطت كل هذه الذكريات بشهر رمضان؟! ربما لأن الصيام نوعا من مجاهدة النفس وما عانينا منه في السبيعنيات كان مرتبطا بنوع مشابه من المجاهدة من أجل تحرير الأرض وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وهى روح نفتقدها اليوم، وبعد ثورتين مصر ما زالت في حاجة إلى روح رمضان أكتوبر ٧٣ لعبور عنق الزجاجة من أجل حياة حرة كريمة وللتصدى بكل حسم لأعداء الحياة الذين يستكثرون علينا الهدوء والاستقرار مع زعيم اختارته الأمة، أكثر ما يميزه الصدق والنقاء!!