تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
اختلفت الآراء حول حادثة المنشية وهو الحادث الذي أطلق فيه عامل ينتمي إلى
جماعة الإخوان المسلمين ثماني رصاصات على الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في ميدان
المنشية بالإسكندرية وكان الرئيس قد بدأ يخطب في الحفل الذي أقامته هيئة التحرير
لتكريمه وتكريم زملائه من قادة الثورة ولم يبلغ الجاني مأربه إذ نجا الرئيس من
الرصاصات الغادرة، وقد أصيب وزير المعارف السودان، والسكرتير المساعد لهيئة
التحرير بعدة جراح من شظايا ألواح الزجاج التي تناثرت إثر إطلاق الرصاص.
ويشير الدكتور فطين فريد أستاذ التاريخ والمعاصر إلى
أن حادث المنشية ليس مفبركا، بل هو حادث دبره الإخوان المسلمون في ميدان المنشية
بالإسكندرية لقتل جمال عبد الناصر والإطاحة بثورة يوليو وحتى يتمكنوا من الوصول
إلى كرسى الحكم، فمنذ قيام الثورة لا يوجد حلم آخر في مخيلتهم سوي الطمع في الحكم
وقد طلبوا الحصول على أي قرار من مجلس قيادة الثورة يضمن لهم وجود وحق سياسي مهما
كان هذا القرار ولكن كان اعتراض الزعيم الراحل جمال عبد الناصر أنه لا يمكن لنا
بعد التحرر من الملك فاروق وديكتاتوريته أن نأتي بجماعة الإخوان المسلمين إلى
الحكم.
ومن هنا حاولوا التخلص من جمال عبد الناصر قائد تنظيم الضباط الأحرار وقائد
الثورة لمجرد السيطرة على الحكم ومن هنا قد يري البعض في الأحداث الدامية التي تمر
بها البلاد الآن تكرارا لأحداث التاريخ ولكن هذا غير حقيقي لأنه لا يمكن للحدث
خصوصا التاريخي أن يتكرر بكل إرهاصات الحدث وتفاصيله مرة أخرى أو حتى بصورة أخرى، ولكن
بشكل أو بآخر ما تتعرض له مصر من عمليات حرق أو قتل وأحداث شغب يقف ورائها الإخوان
المسلمون.
والحل الوحيد الذي يكفل القضاء على جماعة الإخوان
المسلمين أن يتكاتف الشعب ويقف يدا واحدة وراء الجيش لأن الإخوان إذا كانوا جماعة
دعوية فلا مانع من ذلك ولكن أن تكون جماعة تمارس السياسة فهذا هو الخطأ لأن ما حدث
كان خير دليل على فشلهم سياسيا وحدث من قبل أيضا عندما قام جمال عبد الناصر
بإشراكهم في الحكم وقام بحل كل الأحزاب السياسية الأخري آنذاك ولم يحل جماعة
الإخوان المسلمين بل انخرط بنفسه في جماعة الإخوان المسلمين وانضم خالد محي الدين
وكمال الدين حسين وذلك في عام 1953 وأهداهم تنظيمات سياسية بهدف الوصول إلى قلب المستعمر
البريطاني وعندما قامت الثورة وتألفت وزارة محمد نجيب طلب منهم تعيين الباقورى في
الوزارة إلا أن مكتب الإرشاد قام بفصله عندما قبل الوزارة.
ومنذ حادث المنشية بدأ الصراع بين الإخوان وبين الضباط الأحرار وتم إعداد
محاكمات وأعدم عبد القاضي عودة، وأقيمت محاكمات أخرى انتهت بإعدام أغلبهم والعملية
اختلفت تماما فيما بعد. وقد ألقي الغالبية العظمي منهم في السجون والباقي هربوا
إلى مصر إلى أن فتح لهم الباب مرة أخرى أنور السادات أي أنه يعد أيضا مسئولا عن
دخولهم مصر وأدخلهم الجامعات المصرية وبدأت التنظيمات السياسية لهم ثم تغيبوا
تماما في سنوات حكم حسني مبارك.
وقال الدكتور جمال سلامة أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس أن جهات
التحقيق والمحاكمات أثبتت بالأدلة أن الإخوان هم المسئولون عن حادثة المنشية الذي
كان المقصود منه اغتيال جمال عبد الناصر وهو الدليل القاطع على أنهم دموين بفطرتهم
وقد اعترف بذلك الإرهابيون القتلة وكل اعترافاتهم مسجلة ومدونة. والتاريخ أيضا
يشهد على ذلك وما يحدث حاليا أكبر دليل على أنهم لا يستفيدوا أبدا من أخطائهم فلا
يقرأون ولا يعرفون شيئا وما يرغبونه فقط هو تطبيق أفكارهم الفاشية الفاشلة وذلك
بالأخص منذ الحرب العالمية الأولى وإرهاصاتها التي كانت تكشفهم على حقيقتهم لذلك
الشعب المصري لم يصدقهم عندما عادوا مرة أخرى يبحثون عن حلمهم في تولي السلطة
السياسية وحكم البلاد وكان أبعد ما يكون عنهم في عهد حسني مبارك مثلا وربما كانت
حادثة المنشية دليلا قاطعا على فشلهم وحبهم تدبير المؤامرات للوصول إلى أهدافهم
وغاياتهم وليس أكثر من ذلك والآن هم بغباء شديد غير قادرين على تصور أن الماضي
والحاضر شاهدين على شرورهم وفاشيتهم ودمويتهم وتواطئهم مع الخونة والمجرمين.
وقد كشف خليفة عطوة المتهم السادس في محاولة اغتيال الزعيم الراحل جمال عبد
الناصر عن أسرار محاولة اغتيال "الإخوان المسلمين" للرئيس الأسبق في عام
1954 فيما تعرف تاريخيا بـ "حادثة المنشية"، بدعم من محمد نجيب، أول
رئيس لمصر بعد الإطاحة بالحكم الملكي، بعد أن تعرض للعزل في ذلك العام بقرار من
مجلس قيادة الثورة، وروى قصة انضمامه لجماعة "الإخوان" في فترة
الأربعينيات عندما كان يحضر دروس الشيخ حسن البنا مؤسس الجماعة، التي كان يلقيها
في قريته، مضيفا أنه في إحدى المرات، وكان ذلك في العام 1940 جلس طويلا أمامه
يناقشه ويحاوره وهو في عمر 7 سنوات، فأعجب به وضمه إلى فريق الكشافة التابع لـ
"الإخوان".
وأوضح أنه في تلك السن المبكرة انضم إلى الجماعة التي كانت ترفع وقتها
شعار: "الله أكبر الله غايتنا والرسول زعيمنا والقرآن دستورنا"، وأنه في
معسكراتها "تعلم الرماية، وتم اختياره للتدريب تحت قيادة الصاغ صلاح الدين
أبو شادي، وكانوا يعلمونه مبدأ كل ما تقع عليه يدك فهو ملك لك".
وقال إن أول ظهور للتنظيم السري للإخوان كان عام
1944، حيث بدأ تكوين مجموعة الخلايا العنقودية المسلحة وكل خلية مكونة من زعيم
وأربع أفراد، وكل خلية لا تعرف الأخرى، وبدءوا بالعمل المسلح باغتيال أحمد ماهر
باشا عن طريق محمود العيسوي، ثم قام عبد المجيد أحمد حسن، باغتيال محمود فهمي
النقراشي عام 1946، وفي عام 1947 تم اغتيال المستشار أحمد الخازندار رئيس محكمة
استئناف القاهرة. لكن ووفق رواية عطوة، حدث تغير في فكر التنظيم السري للإخوان بعد
قيام اللواء صالح حرب شقيق طلعت حرب بإنشاء جمعية الشبان المسلمين، ونجح في
استقطاب الشباب المتحمس وقتها للعمل ضد القوات البريطانية في معسكراتها بمنطقة
القناة.
وكشف عن اتصالات سرية تمت بين "الإخوان"
ومحمد نجيب، عندما طلب منهم الأخير أن يساعدوه في التخلص من عبد الناصر بعد توقيع
اتفاقية الجلاء عام 1954 ومكافأة "الإخوان" بالدخول في الحكومة بمشاركة
الأحزاب الأخرى.
وتابع عطوة: "إثر ذلك، صدرت تعليمات بتنفيذ
مهمة عاجلة وتم تقديم مجموعة انتحارية تتكون من محمود عبد اللطيف وهنداوي سيد أحمد
الدوير ومحمد على النصيري، حيث كان مخططا أن يرتدي حزاما ناسفا يحتضن عبد الناصر وينسفه
إذا فشل محمود عبد اللطيف في الضرب، وأنا وأنور حافظ على المنصة بصفتنا من حراس
الثورة، ونقوم بتوجيه محمود عبد اللطيف والإشارة له بتنفيذ خطة اغتيال عبد الناصر".
وأوضح أنه هو من أعطى إشارة البدء لمحمود عبد اللطيف
ببدء الهجوم، عندما كان عبد الناصر يخطب في المنشية بالإسكندرية، في يوم 22 من
أكتوبر 1954، لكن المحاولة أخطأت هدفها، حيث مرت أول رصاصة، من تحت إبط عبد
الناصر، واخترقت الجاكيت العسكري الواسع الذي كان يرتديه، واصطدمت بقلم حبري في
جيبه ونجا منها بمعجزة، بينما مرت الرصاصة الثانية بجواره من بين كتفي جمال سالم
وعبد الحكيم عامر، واستقرت في رأس الميرغني حمزة زعيم الطائفة الختمية بالسودان
وأحد ضيوف الحفل ليلقى مصرعه في الحال.
وتابع، قائلا: في ذلك الوقت حدث شيء غريب حيث اندفع
جمال عبد الناصر إلى سور المبنى للأمام بدلا من أن يختبئ، وصرخ فيهم ليبقى كل في
مكانه، وهنا وبطريقة عفوية واستجابة لا شعورية لهذه الشجاعة وجدت نفسي أحتضن عبد
الناصر أنا وأنور حافظ شريكنا في الخطة وأخذت ألوح لمحمود عبد اللطيف أن يتوقف عن
الضرب، وكان يتسلق وقتها تمثال سعد زغلول الموجه لشرفة مبني بورصة القطن.
لكنه – والكلام له- واصل إطلاق النار حيث أطلق رصاصة
أصابت كتف أحمد بدر سكرتير هيئة التحرير في الإسكندرية فأدت إلى وفاته، وأطلق بقية
الرصاصات في النجف والصيني الموجود في السقف وأمام المنصة، بعدها نزل عبد الناصر
وتوجه ونحن برفقته إلى جامعة الإسكندرية لكي يواصل خطبته.
في هذه الأثناء، تم القبض على عطوة وزميله أنور
بواسطة البوليس الحربي، واستطرد: "عرفنا أن هنداوي دوير المشرف على العملية
عندما علم بفشل خطة اغتيال ناصر ذهب بخبث شديد كشاهد ملك إلى قسم باب شرق
الإسكندرية وأبلغ عنا وتم تقديمنا للمحاكمة العسكرية وحكم علينا بالإعدام 17
نوفمبر من نفس العام".
لكن تم تخفيف العقوبة عنهما بعد أيام من صدور
الأحكام في القضية، حيث يقول "بعد 15 يوما من السجن أبلغونا أن عبد الناصر
أصدر قرارا بتخفيف العقوبة إلى 25 سنة"، وأضاف "بعدما أخبرونا بتخفيف
العقوبة أخذوني أنا وأنور وفي أيدينا الحديد من السجن داخل سيارة جيب فوجئنا
بوقوفها أمام مبنى قيادة الثورة".
ووفق رواية عطوة، "دخلنا المبنى وسرنا في ممر
طويل ووقفنا أمام غرفة، وأمرنا الضابط المرافق لنا أن ننتظر قليلا أمام الغرفة ثم
أمرنا بدخول غرفة شبه مظلمة ويوجد بها منضدة حولها كرأسي ومكتب في أحد الأركان
عليه أباجورة ضوءها خافت، ولم يكن هناك بها سوى بها شخص يرتدي الزي العسكري يتفحص
عشرات الصور أمامه، ولا ينظر إلينا، ونحن واقفين أمامه".
وقال إنهما ظلا على هذه الحالة لأكثر من 10 دقائق من
الانتظار "إلى أن اكتشفنا أن الضابط الجالس على المكتب هو جمال عبد الناصر
بعدم رفع رأسه وأخذ ينظر إلى الصور، ويسألنا هل أنت فلان وأنت فلان هل كنتما فعلا
مكلفان باغتيالي. لقد قرأت أقوالكم في محاضر التحقيق وجلسات المحكمة".
وأشار إلى أنه خلال حديثه معهما سألها عن الدوافع
الحقيقة للاشتراك في عملية اغتياله، "فأجبنا بصوت مرتعش: يا فندم فهمونا إنك
خائن بتوقعيك معاهدة الجلاء"، وقال إنه ظل يستمع إليهما في صبر وسكون حتى
النهاية، وعندما انتهيا بدأ في الكلام وحوله دوافعه وتكتيكه من وراء توقيع
الاتفاقية، وبعد لحظات أمر بإحضار عشاء لهما، وكان عبارة عن سندوتشات فول وطعمية.
وأوضح "تناولنا العشاء ونحن نرتعش من الذهول
أمر ناصر الضابط بأن يأخذنا وسارت بنا السيارة في شوارع القاهرة، وكنا نظن أننا
عائدين للسجن الحربي، لكن وجدنا أنفسنا في محطة قطارات الزقازيق، وصاح فينا
الضابط: انزل إنت وهو لقد أصدر الرئيس جمال عبد الناصر أوامره بالإفراج عنكم".
وفي اليوم التالي خرجت الصحف لتحكي قصتهما وخبر
الإفراج عنها، وكيف تحولا من مشاركين في محاولة اغتيال عبد الناصر إلى حماة له
وتصديا لرصاصات زميلهما محمود عبد اللطيف.
لكنها لم يكن اللقاء الأخير لهما مع عبد الناصر، ففي
يوم ظهور نتيجة البكالوريوس الخاصة بهما فوجئا بسيارة "بوكس" تقف أمام
منزليهما لتأخذهما إلى مقر مجلس الثورة بالجزيرة ودخلا الغرفة نفسها التي دخلاها
في المرة الأولى، حيث وجدا عبد الناصر الذي هنأهما بالنجاح ودق الجرس، وجاء على
صبري سكرتيره وطلب منه أن يعملا معه في السكرتارية الخاصة بالرئيس.