"مؤسسة الخير"، تحت هذا العنوان
بدأ ثلاثة شباب وفتاة ممارسة أعمالهم المنافية للقانون والآداب العامة، للمتاجرة بالعديد
من المواطنين، حيث قالوا إنهم يبيعون جهازا يعيد "غشاء البكارة" من جديد،
دون أي عمليات جراحية بـ3500 جنيه فقط، ولكن تلك المرة تختلف تماما عما كنا نسمع عنه،
فهم لا يستولون على الأموال فقط، بل إنهم ليسوا تابعين لأي جمعية مشهرة أو مؤسسة تعمل
في العلن، وليس لهم مقر، فالتعامل معهم بالاتصال هاتفيا أو عن طريق برامج الأندورويد
"الواتس آب والفايبر"، ويتم تحويل الأموال على حساب شخصي استطعنا التوصل إليه.
بدأت القصة حين وجدنا صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، تم إنشاؤها في شهر مارس الماضى، تحمل عنوان "غشاء البكارة الأمريكي"، وتحمل أكثر من 20 ألف مشترك، وقد أطلقوا على أنفسهم "مؤسسة الخير"، حملت تلك الصفحة الكثير من الدعاية لمنتجاتها وهما جهاز "ليزر قيودور الألماني"، وجهاز "بيوتي فيرجن الأمريكي"، واللذان يعملان على إعادة غشاء البكارة دون أي تدخل جراحي كما يزعمون.
كما وجدنا على الصفحة صورة لفتاة تم إخفاء
وجهها تحمل لافتة مكتوبا عليها "الحمد لله بفضل مؤسسة الخير أصبحت عذراء"،
وتحمل معها روشتة طبية، وفى صورة أخرى تحمل إحداهن لافته من امام بيت الله الحرام مكتوب
عليها "اللهم بحق هذا البيت العظيم احفظ مؤسسة الخير في مصر واحفظ الدكتور مروان،
وأحمد على مساعدتهم لي اللهم أمين"، جاء ذلك بجانب عدد من الصور التي صممت للدعاية
لتلك الأجهزة الغير معروف مصدرها ولا مدى شرعيتها.
كان معظم زوار الصفحة من الفتيات، ولكن
التعليقات لم تكن منهن، كانت من شباب رفضوا مثل تلك الافعال واعتبروها إهانة موجهه
للشعب المصري، فيما قام المسئولون عن الصفحه بتاكيد انهم قاموا بمساعدة 600 فتاه نجحوا
في إعادة عذريتهم من جديد، كما قاموا بنشر إحصائية لشهر يوليو الماضى، عن حجم الشراء،
حيث قالوا "تم التحدث لـ 140 بنتا في هذا الشهر، لم يقومو بالشراء، وتم بيع
172 جهاز ليزر قيودور حتى الآن، و49 غشاء صناعيا، و140 عبوة تضيق المهبل، وشكرا لثقتكم
في مؤسسة الخير نبذة عطاء مستمرة".
وكان هناك رقم هاتفي للتواصل معهم، والذي
كان بمثابة أول الخيط الذي قمنا بالسير نحوه كي نكشف حقيقة تلك المؤسسة، التي إتضح
لنا في النهاية أنه لا وجود له، حيث قامت محررة البوابة نيوز بإجراء هذا الاتصال الذي
تم تسجيله على أنها إحدى الفتيات التي تريد شراء هذا الجهاز، وقامت بالتحدث لشخص قال
إنه يدعى "مروان"، والذي أكد لها في المكالمة أن الجهاز يعمل بالحرارة والليزر،
وليس هناك أي تعامل يدوى نهائيًا، ويساعد على تجميع كافه الأنسجة المتقطعة من المهبل،
على أن يقوم بتوصيل هذه الأنسجة من خلال بصيلات عن طريق اشعة الليزر، وأكد مندوب المؤسسة
أن الجهاز يستطيع استعاده الغشاء بالكامل خلال 8 جلسات، مرة كل أسبوع أو مرتين كل أسبوع،
تبلغ مده الجلسة الواحدة 10 دقائق فقط، والجهاز هو الذي يحدد الجلسات عند توصيله بمنطقه
المهبل.
وعن السؤال عن ثمن الجهاز، قال 3500 جنيه
فقط، وأضاف أيضا أنه يوجد غشاء صناعي يوضع قبل الزفاف بأسبوع فقط، وعند تفجير الغشاء
يفرز لون وردى فقط، وثمن الغشاء 1800 جنيه، أما عن كيفية استعمال الجهاز، قال المندوب:
إن الجهاز يأتي معه كتيب باللغة العربية والإنجليزية، ويظهر كم جلسة تحتاجها الفتاة،
بحد أقصى 8 جلسات، وأن هناك طبيبة تدعى "إيمان"، وهى التي تتعامل مع الفتاه
في أول جلسة عن طريق الاتصال المباشر بها، لتساعدها على كيفية استخدمه أول مرة، وعند
سؤاله عن امكانيه الاتصال بها للطمأنينة، قال انها بعد شرائك الجهاز ستقوم هي بالاتصال
بك، لتسأل المحررة من جديد عن كيفية التواصل لشراء الجهاز، قال: إجراءات الشراء بالترتيب
"الحجز، ثم الدفع بعد تحديد موعد الشراء، حيث يتم الدفع عبر أحد البنوك، ولدينا
حسابات في كل البنوك بالدول العربية، ثم الشحن من خلال شركة ميدل ايست للشحن الدولي،
وأخيرا التسلم، من خلال اتصال مندوب الشحن بالعميلة، والذي سيتفق مع العميلة على مكان
التسليم"، وتوصلنا إلى رقم الحساب في "بنك الأهلي المصري"، برقم
"36201430782" باسم "طه محمد "، ويكون التسليم بعد
الدفع بـ 5 أيام فقط.
في أثناء المكالمة الهاتفية، قام محرر "البوابة نيوز" بالحديث معهم على برنامج "الواتس آب"، وأخبرهم بأن زفافه بعد شهرين،
وأنه من محافظة المنيا، وأنه أقام علاقة مع خطيبته انتهت بفقدان عذريتها، ويجب أن يعود
كل شيء إلى ما كان عليه في خلال الـ60 يوما القادمة، وبدأ الحديث على "الواتس"
بتوجيهه أن يقوم بإرسال الأموال المطلوبة في حوالة بريدية، وسيصله الطرد بعد خمسة أيام،
وأخبره بأن ثمن الجهاز غالى، إلا أن المحرر قال له "ما فيش حاجة تغلى على الفضيحة".
وحين سأله عن كيفية إرسال الحوالة، قال
"لما تيجي تبعت الفلوس هاقولك عشان الاسم بيتغير كل شويه، وأنت هاتبعت لاسم فرد
مش شركة"، وهنا تأكدنا أنها إحدى الخطط الموضوعة لإتمام عملية النصب، لنعاود السؤال
عن عدم إشهارهم، فقال "إحنا ما فيش لينا أصلا مقر، لأن المنتجات دي خطر، ولو أتعرف
لينا مقر أو مكان مش هانكون موجودين تانى، لأننا أكبر بياعين، ومقر لينا يعنى هانتحبس
في أقل من 24 ساعة"، وأخبره المحرر أن الحكومة من الممكن أن تقبض عليهم من خلال
صفحتهم على الفيس بوك، ولكنه أجاب بكل ثقه "الفيس ميقدرش يدي معلومات صحيحة عن
أي شخص، حتى لو كان جهة حكومية، ثانيا الحكومة عايزة شيء مادى وملموس، وده نظام الإدارة
عندنا، وانا ما إلا مجرد موظف مبيعات، والتعليمات ونظام العمل على الجميع".
وهنا بدأ المحرر يتحدث معهم باعتباره مصدقا
ما يقولون، وسأله عن كيف يتسنى له التأكد من عدم وجود أي نوع من أنواع النصب أو الاحتيال،
ولكن كان الرد "الثقة" هي الأمان الوحيد على أننا غير نصابين، ثم قام أيضا
بشرح كيفية استعمال الجهاز، وأكد نفس المعلومة التي قالها للزميلة المحررة في التليفون،
أنه في نفس يوم استلامه للجهاز ستقوم الدكتورة مروة بالاتصال بخطيبته للمتابعة معها
عبر الهاتف، وحاول المحرر أن يحصل على رقم تلك الدكتورة بحجة أن تتصل بها خطيبته، للتأكد
من هذا الكلام والحديث معها بحرية، باعتبارهم نساء، لكنه رفض وبشدة، وأكد له أنها ستقوم
بالاتصال بالعميل في نفس يوم الاستلام، في حدود الساعة العاشرة مساءً، كما تقوم بذلك
مع جميع العملاء.
في النهاية أكد الموظف، أنهم ثلاثة أشخاص
في المبيعات يعملون على مدى اليوم بالكامل، وحين حاولنا التأكد منه أنهم ثلاثة أشخاص
يعملون بصورة فردية، وتقوم دكتورة بمساعدتهم قال لي "نعم".
وبعد نحو ساعة ونصف الساعة من انتهاء حديثنا،
كان في إنتظار رد المحرر، حيث أبلغه أنه سيتشاور مع خطيبته ويعيد تفكيره مره أخرى،
قبل أن يعطيه الموافقة، لنقوم بالبحث على مواقع الإنترنت على هذا الجهاز، ووجدناه على
مواقع قليلة، ولكن بسعر 3 آلاف جنيه، أي أنه أقل 500 جنيه عن الثمن المتفق عليه، وحين
واجهنا الموظف بما توصلنا اليه، قال "وهتلاقيه كمان أرخص من كده في أماكن كتير،
والنصب في كل مكان، لو مش عاوز عادى روح للنصابين وهات منهم"، حينها أبدى المحرر
موافقته على الشراء منهم، وأكد له بأنه يرغب في إرسال الأموال غدا، وطلب منه أن يعرف
كيف يرسلها، فأجاب بأن عليه عمل حوالة فورية باسم "طه محمد محمد الجباس، وأعطانا الرقم القومي " وطلب من المحرر بعد عملية التحويل، القيام بإرسال صورة من ايصال
التحويل، واسمه بالكامل، والمحافظة ورقم هاتفه، ولو حدث تأخر في تحويل المبلغ، يجب
إخطارهم على الفور بالتأجيل حتى لا يضعوا اسمه في قائمة "المدفوعات".
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد وتلك الخطوات،
بل قمنا بعمل بحث برقمهم على برنامج "الترو كولر" على الاندرويد، وهو برنامج
خاص يقوم بإظهار معلومات أصحاب الارقام المجهولة، وظهر لي صورة شاب لا يتعدى الـ
25 من عمره، واسمه "طه محمد الجباس"، وهو نفس الاسم الذي سأقوم بإرسال الحوالة
عليه، ولكن حين وضعت نفس الرقم في موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك، ظهر لي بروفيل
أحد الاشخاص الأجنبية يسمى "Stuardo
Alvarez"، من مدينة مدينة جواتيمالا،
أكبر مدن أمريكا الوسطى.
وعن رأى القانون في هذا الأمر، أكد رمضان
بطيخ، أستاذ القانون الدستورى لـ"البوابة نيوز"، أنه يجب محاكمتهم فورا لأنهم
يقومون بأعمال منافية للآداب، والمحاكمة تكون من لحظة إعلانهم على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، لأنهم يساعدون على ممارسة الرذيلة، بمزاولة أعمالهم في الظلام.
واستطرد قائلا: "إنهم ستتم محاكمتهم
بتهمة النصب، كما أن ما يفعلونه يعاقب عليه القانون بالسجن على الأقل عشر سنوات".
وعلى الجانب الآخر، أكد الدكتور شريف صلاح
الدين، إخصائى أمراض النساء، أن هذا الكلام غير طبيعي وغير منطقى، فهل من الممكن أن
تقوم الأنثى بإعادة عذريتها أكثر من مرة، هذه الأجهزة ليس لها سند طبى وليس لها أي
أساس من الصحة، وما هي إلا نصب ولم نسمع حتى الآن عن مثل تلك الأجهزة، وأكد أيضا أن
مثل هذه الاشخاص ما تقوم به هو ترويج للرذيلة ليس أكثر.
وفى السياق نفسه أكد أحمد حسونة، خبير جمركي،
أن عمليات التهريب لمثل تلك الأجهزة تتم من خلال عدة طرق، خاصة أنها أجهزة صغيرة الحجم،
فطرق التهريب تكون عادة من ليبيا أو الأنفاق من غزة وإسرائيل، مضيفا "أن من أسهل
الطرق التي من الممكن أن يتم تهريب تلك الأجهزة الصغيرة بها، هو استقدامها من الخارج،
والإبلاغ أنها ستقف ترانزيت في مصر، وسيتم نقلها من مصر إلى ليبيا عن طريق البر، وفى
الطريق إلى السلوم يتم تخزينها في مخازن لمدة ساعات، وفى تلك الفترة يتم تبديلها ببضاعة
أخرى، ويتم إتمام الرحلة إلى ليبيا بعد استخراج القطع المهربة إلى مصر.
لمشاهدة الجزء الثاني اضغط هناااا