بدخول شهر رمضان الكريم على أهالي محافظة بورسعيد تمتلئ المساجد بالمسلمين لفضل العبادات في هذا الشهر وتتباين المشاهد ما بين راكع وساجد وقارئ للقرآن؛ ولذلك أردنا أن نلقي الضوء على أول مساجد المدينة الباسلة التي شهدت تردد الأجداد عليها منذ نحو 155 عاما "عمر المحافظة".
كان أقدم هذه المساجد هو المسجد التوفيقي الذي يقع حاليا في منتصف حي العرب؛ فعندما قامت شركة قناة السويس باستقدام العمال المصريين لحفر القناة قامت ببناء مسجد لهم في قرية العرب سنة 1860م، وقد كان هذا المسجد عبارة عن شونة للأغلال عليها مئذنة، ولم تكن الخدمات في هذا المسجد على قدر أعداد المصلين المتزايدة.
واستجابة لمطالب الأهالي صدرت التعليمات في يونيو عام 1869 بإنشاء مسجد ببورسعيد على نفقة الحكومة المصرية، وواجهت المحافظة صعوبات كثيرة في البناء من عدم توافر مواد للبناء ومياه ليلتفت الجميع للمسجد الخشبي الذي لم يصمد طويلا بسبب مياه المجاري.
ولم يصمد هذا المسجد المقام من الخشب طويلا إذ تسببت المجاري الخاصة به في خلخلته وتعطل إقامة الشعائر به وذلك لأنها كانت ضيقة ولعدم تفريغها بانتظام خارج المسجد وقد استغرق إصلاح المسجد عدة أشهر.
وعلى أثر وفاة إمام وخطيب المسجد في أكتوبر عام 1878 ومنعا لعدم تعطل صلاة الجمعة والجماعة فإنه لم يتم انتظار تعيين الأوقاف لإمام آخر إذ تقدم قاضي قضاة بورسعيد وعمد ووجهاء قرية العرب باختيار الشيخ عبد الرحمن أبي الحسن لهذه الوظيفة لما تميز به من سعة العلم وحسن الخلق وقدرته على الخطابة وإرشاد المسلمين لأمور دينهم وأحكامه وقد تمت الموافقة على هذا التعيين.
ومع اتساع بورسعيد وزيادة سكانها وبخاصة قرية العرب، فإن ذلك قد أوجب إنشاء مسجد آخر بها نظرا لتداعي وسقوط المسجد المقام، وتم ذلك في زيارة الخديو توفيق لبورسعيد في عام 1881 ورؤيته لمسجد القرية حيث أصدر أمرا إلى ديوان الأوقاف بإنشاء مسجد آخر وإنشاء مدرسة ملحقة به لتربية الأطفال.
واحتفل البورسعيدية في السابع من ديسمبر عام 1882 بإقامة أساس هذا المسجد "المسجد التوفيقي" في موكب ضخم سار في أنحاء بورسعيد يتقدمه العلماء وعلى رأسهم الشيخ عبد الرحمن ابي الحسن شيخ علماء المسلمين ببورسعيد، والقاضي وأعيان المدينة وأرباب الطرق وامامهم الموسيقى.
وفي عهد الخديو عباس حلمي الثاني تزايدت أعداد السكان مما أدى إلى حاجة المدينة لمسجد آخر بجانب المسجد التوفيقي، وتم انشاء المسجد العباسي عام 1904 ليكون ثاني مساجد المحافظة والذي يعد تحفة معمارية تاريخية.
وخضع المسجد للعديد من التجديدات منذ نشأته بواسطة وزارة الأوقاف التي يتبعها المسجد كان آخرها عام 2000، وقد تم تسجيل المسجد كأثر بعد مرور مئة عام على إنشائه، ويتم أيضا الآن توسعات كبيرة بالمسجد دون المساس بالشكل الأثري المقام عليه منذ أكثر من مائة عام.
وقد ساهم المسجد العباسي في المقاومة الشعبية التي كونها أهالي المدينة الباسلة ضد العدوان على الأراضي المصرية من بوابتها بورسعيد؛ فقد شهد اجتماعات ولقاءات سرية لقيادات وأعضاء المقاومة ببورسعيد.
وبمرور السنوات وتزايد عدد السكان شعر أثرياء المحافظة بندرة عدد المساجد ليقوموا بتشييد مساجد بأسمائهم مثل مسجد (عبد الرحمن لطفي "لطفي شبارة"، صالح سليم، صبح، علوان، لهيطة، وغيرها )؛ هذا إضافة إلى المساجد التي قامت وزارة الأوقاف ببنائها.
جاء هذا الموضوع كإطلالة سريعة على أهم مساجد محافظة بورسعيد وأقدمها والذي منها ما ساهم في تغيير الحياة داخل المدينة الباسلة بدوره في لم الشمل وتعزيز أواصل التآخي والمحبة بين الناس وبعضهم البعض والذي نريد جميعا كمصريين أن تكون هذه هي المعاني والأفكار السائدة داخل وخارج المساجد.