رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

المشاعل المغلقة تقنية جديدة تُعيق جهود مكافحة تغير المناخ.. خبراء يطالبون بالوصول لصفر حرق الغازات الضارة لمكافحة التلوث

.
.
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يعد غاز الميثان من الغازات الدفيئة القوية التى تسهم بشكل كبير فى الاحتباس الحراري، ويؤدى الميثان إلى تفاقم تغير المناخ بشدة، ولكن له أيضًا عددًا من التأثيرات غير المباشرة على صحة الإنسان، وغلات المحاصيل، وصحة الغطاء النباتى من خلال دوره كمقدمة لتشكيل أوزون التروبوسفير، كما أن غاز الميثان أقوى ٨٦ مرة من ثانى أكسيد الكربون فى حبس الحرارة على مدار ٢٠ عامًا، مما يجعله مساهمًا رئيسيًا فى ظاهرة الاحتباس الحراري.

كشفت صحيفة الجارديان فى دراسة بتحقيق مصور بالأقمار الصناعية أن معدات النفط والغاز التى تهدف إلى خفض انبعاثات غاز الميثان تمنع العلماء من الكشف بدقة عن الغازات الدفيئة والملوثات، من المنشآت الصناعية.

وأشارت الصحيفة إلى أن شركات الطاقة العاملة فى دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا والنرويج قد قامت بتثبيت تكنولوجيا يمكن أن تمنع الباحثين من تحديد انبعاثات الميثان وثانى أكسيد الكربون والملوثات فى المنشآت الصناعية المشاركة فى التخلص من الغاز الطبيعى غير المربح، والمعروف فى الصناعة باسم "إحراق".

وتُعرف هذه التقنية باسم "المشاعل المغلقة"، وهى عبارة عن مشاعل تقليدية يتم إخفاء اللهب فيها، مما يمنع الأقمار الصناعية من اكتشافها، ويُستخدم غاز الميثان، وهو أحد أكثر الغازات الدفيئة فاعلية، فى إحراق الغاز الطبيعى غير المربح، وعلى الرغم من المخاطر الصحية، تُفضل بعض الجهات التنظيمية إحراق الغاز الطبيعى بدلًا من إطلاقه مباشرة فى الغلاف الجوي.

وقالت الصحيفة: إن البنك الدولي، إلى جانب الاتحاد الأوروبى وغيره من الهيئات التنظيمية، يستخدم الأقمار الصناعية لسنوات للعثور على مشاعل الغاز وتوثيقها، ويطلب من شركات الطاقة إيجاد طرق لالتقاط الغاز بدلا من حرقه أو تنفيسه.

وقد أطلق البنك مبادرة «صفر حرق روتينى ٢٠٣٠» فى مؤتمر باريس للمناخ للقضاء على حرق الغاز غير الضروري، وذكر أحدث تقرير له أن حرق الغاز انخفض بنسبة ٣٪ على مستوى العالم من عام ٢٠٢١ إلى عام ٢٠٢٢.

لكن منذ إطلاق المبادرة، بدأت «الشعلات المغلقة» فى الظهور فى نفس البلدان التى وعدت بوقف حرق الغاز. يقول الخبراء إن الشعلات المغلقة هى نفس الشعلات من الناحية الوظيفية، باستثناء أن اللهب مخفي.
ويقول الخبراء وفقا لصحيفة الجارديان: "إن الحرق المغلق، فى الحقيقة، ربما يكون أقل كفاءة من الشعلة التقليدية، وأنه أفضل من التنفيس، لكن الانتقال من الشعلة إلى الشعلة المغلقة أو احتراق البخار لا يمثل تحسنًا فى تقليل الانبعاثات.

والطريقة الوحيدة للكشف عن التوهج على مستوى العالم هى استخدام أدوات محمولة على الأقمار الصناعية تسمى مجموعة أجهزة الكشف عن الإشعاع بالأشعة تحت الحمراء المرئية (VIIRS)، والتى تجد التوهجات من خلال مقارنة التوقيعات الحرارية مع بقع الضوء الساطعة المرئية من الفضاء.

ولكن عندما حاول الباحثون تكرار قاعدة البيانات، رأوا أن الأقمار الصناعية لم تكن تلتقط التوهجات المغلقة.
يُجادل الخبراء بأن هذه المشاعل لا تُقلل من انبعاثات غاز الميثان بشكل فعال، بل تُخفيها فقط عن أعين الأقمار الصناعية.

انتكاسة كبيرة لجهود مكافحة تغير المناخ

لذلك يُعد فقدان قدرة رصد انبعاثات غاز الميثان انتكاسة كبيرة لجهود مكافحة تغير المناخ، حيث يُشكل غاز الميثان تهديدًا خطيرًا للبيئة.

وتُطالب جماعات حماية البيئة بفرض حظر على إحراق الغاز، مع التأكيد على ضرورة شفافية أكبر من قبل شركات النفط والغاز بشأن انبعاثاتها.

وتُعدّ كولورادو الولاية الأمريكية الوحيدة التى تحظر إحراق الغاز الروتيني، لكن صور القمر الصناعى ماكسار تظهر مشاعل مغلقة تحل محل المشاعل المفتوحة فى الفترة التى سبقت حظر كولورادو على إحراق الغاز، والذى نص على بند استثناء لأجهزة الحرق المغلقة.

الشعلة المغلقة فى موقع كولورادو فى مقاطعة جاكسون

وتُظهر الصور التاريخية لبرنامج Google Earth لأحد المواقع فى مقاطعة جاكسون بولاية كولورادو شعلة مشتعلة تختفى ويتم استبدالها بجهاز إشعال مغلق.

ونظرًا لأن عملية حرق الغاز داخل الموقع لا يمكن اكتشافها، فمن الصعب على الباحثين تحديد متى يتم حرقها ولأى غرض.

بينما يسعى الاتحاد الأوروبى إلى التخلص التدريجى من هذه الممارسة، فى نوفمبر ٢٠٢٣، أعلن عن خطة للتخلص التدريجى من حرق الغاز الروتينى كجزء من التشريعات المصممة لمعالجة انبعاثات غاز الميثان، لكن المشاعل المغلقة بدأت تظهر فى الاتحاد الأوروبي، حيث تشير المعلومات الواردة من مواقع موردى معدات النفط والغاز إلى أن الأجهزة تباع فى العديد من الدول الأعضاء.

رصد عمود غاز الميثان ينبعث من مشاعل مغلقة

تُظهر صور الأقمار الصناعية مشاعل مغلقة فى منشآت إنيوس فى غرانجماوث، أسكتلندا، ومصفاة إنيوس رافنيس فى النرويج، وفى ألمانيا، يمكن رؤية المشاعل المغلقة فى المنشآت المملوكة لشركة تصنيع الصلب أرسيلور ميتال.

وكشفت الصحيفة عن أن التحقيق يُظهر أن "المشاعل المغلقة" تُستخدم بالفعل فى العديد من الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبي، وكذلك فى المملكة المتحدة وألمانيا والنرويج.

تُطالب جماعات حماية البيئة بتشريعات أكثر صرامة تُلزم شركات النفط والغاز بالكشف عن انبعاثاتها من غاز الميثان، وتُحظر استخدام "المشاعل المغلقة" التى تُعيق جهود رصد انبعاثات غاز الميثان ومكافحة تغيّر المناخ.