رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

جثث متحللة وقبور بلا شواهد.. إعلام أجنبي يسلط الضوء على مرحلة جديدة من إجرام إسرائيل ضد الفلسطينيين

جانب من انتشال جثث
جانب من انتشال جثث الفلسطينيين في غزة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرًا كشفت فيه أن السلطات الصحية في غزة لم تعد تمتلك القدرة على تقديم تقارير دقيقة بشأن ضحايا الحرب، نظرًا لتدمير المستشفيات وتعطل الخدمات الطبية في غزة، مشيرة إلى أن هذا الوضع يعني أن العديد من الشهداء يفارقون الحياة دون أن يتم تسجيلهم أو توثيقهم.

ووفقًا للتقرير أصبحت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة غير قادرة على توثيق الوفيات، بسبب تعطل المستشفيات والخدمات الطبية، وتعطل الاتصالات بشكل كبير، فيما بات إخراج الجثث من تحت الأنقاض أمرًا صعبًا وغير متاح بسبب الأولويات الأخرى التي تحتاج إليها المنطقة في ظل استمرار الحرب، وهو ما يجعل من الأنقاض قبورا للشهداء تحتها.

وتركت "حرب السبعة أشهر" أثرًا كبيرًا على سكان غزة، حيث أعلنت السلطات الصحية عن مقتل أكثر من 34 ألف شخص، وتشريد أكثر من 1.5 مليون شخص من سكان المنطقة.

ورغم أن الأرقام الفلسطينية قد تم قبولها من قبل خبراء الأمم المتحدة والمسؤولين الأمريكيين، إلا أن السلطات الفلسطينية تشكك في دقتها بسبب صعوبة جمع البيانات وعدم قدرة المستشفيات على العمل بكفاءة.

وفي تصريح للمتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية، مدحت عباس، أكد أن النظام الصحي كان يعمل في البداية، مع وجود مستشفيات وفرق دفاع مدني قادرة على الاستجابة، ولكن مع تصاعد الحرب، انهار كل هذا النظام.

وفي بداية الحرب، عملت وزارة الصحة على تجميع البيانات المتعلقة بالضحايا خلال تلك الأحداث، وذلك استنادًا إلى التقارير التي قدمتها المستشفيات وشاركتها إلكترونيًا، لكن مع تصاعد حجم الدمار وتضرر البنية التحتية، أصبح من الصعب جدًا إكمال هذه المهمة.

بقي عدد محدود جدًا من المستشفيات التي تعمل بشكل جزئي، فقط 11 من أصل 36 مستشفى في القطاع، مع وجود 6 مستشفيات ميدانية فقط.

هذا بالإضافة إلى نقص عدد سيارات الإسعاف، مما يجعل من الصعب الوصول إلى الضحايا في الوقت المناسب.

ونتيجة لهذه الظروف القاسية، يتم نقل عدد قليل جدًا من القتلى إلى المستشفيات، وتتم إعلان حالاتهم الوفاة عبر القنوات الرسمية.

في أوائل شهر أبريل، بادرت وزارة الصحة بتنفيذ نظام إبلاغ إلكتروني جديد، بالإضافة إلى استخدام استبيان يستخدمه أفراد عائلات الضحايا لتزويد السلطات الصحية بالمعلومات اللازمة عنهم، وبعد ذلك يتم مراجعة وفحص هذه المعلومات للتأكد من صحتها ومطابقتها مع ما هو معروف عن ضحايا الحرب.

ويفتقر القطاع إلى المعدات الثقيلة الضرورية لإزالة الأنقاض، إضافة إلى نقص الوقود اللازم لتشغيلها، وهو ما يضطر عمال الإنقاذ إلى استخدام أدوات بسيطة مثل المعاول والمجارف، أو حتى أيديهم، لإنقاذ الناس، وفي الكثير من الحالات، يتركون الضحايا عندما يكون من المستحيل إخراجهم من تحت الأنقاض.

تقديرات خبراء الاستشعار عن بعد من جامعتي نيويورك وولاية أوريجان تشير إلى أن 57% من مباني غزة تعرضت للتدمير أو التضرر بشكل كامل.

وفي شمال غزة، تبلغ نسبة الدمار أعلى، حيث تتوقع الأمم المتحدة أن عمليات تنظيف الأنقاض ستمتد لسنوات وتكلف عشرات الملايين من الدولارات.

تشير وزارة الصحة إلى وجود حوالي 10 آلاف شخص لم يتم تحديد هويتهم بعد، ومن بين الأشخاص المعروفين، يمثل الرجال نسبة 40%، والنساء 20%، والأطفال 32%، بينما تشمل النسبة المتبقية كبار السن من الرجال والنساء.

جثث متبخرة!
وفي سياق متصل، سلط المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان على ما هو أفظع من ذلك، حيث طالب في إفادة عبر موقعه الرسمي، بتشكيل لجنة دولية من الخبراء للتحقيق في استخدام إسرائيل للأسلحة في ضوء الاتهامات بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة.

وتشير الشهادات الواردة إلى المرصد إلى مستويات مروعة من الوفيات في القطاع، حيث يظهر بعض الضحايا وكأن أجسادهم قد تبخرت أو ذابت نتيجة القصف الإسرائيلي للمنازل السكنية.

استخدام الجيش الإسرائيلي للتدمير الشامل في المناطق السكنية خلال الحرب يثير قلقًا بالغًا، حيث أدى إلى وقوع عدد هائل من الضحايا بشكل مروع.

هذا الاستخدام المفرط للقوة يثير شكوكًا بشأن احتمال استخدام "الأسلحة الحرارية" أو ما يعرف بـ "القنابل الفراغية"، والتي تشتهر بقدرتها على تدمير الهياكل السكنية والأنفاق.

الآلاف من الأشخاص لا يزالون في عداد المفقودين، سواء لأنهم لم يتمكنوا من الخروج من تحت الأنقاض بسبب نقص المعدات والخبرة التقنية، أو لأن جثثهم لم يتم العثور عليها، سواء بسبب إخفائها من قبل الجيش الإسرائيلي أو بسبب تحولها إلى رماد، وهو ما يثير تساؤلات حول الأسلحة المستخدمة في هذه الهجمات الدموية على المباني السكنية.

وأصدر الدفاع المدني في غزة عدة بيانات تسلط الضوء على تحويل جثث الضحايا إلى رماد، وكشفت هذه التصريحات عن اكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة في إبريل 2024.

وشدد المرصد على ضرورة إجراء تحقيق دولي يتناول احتمال استخدام إسرائيل للأسلحة المحظورة دوليًا، بما في ذلك القنابل الحرارية، تستند إلى الأدلة التي تفيد بأن هذه القنابل تعمل عن طريق توليد سحابة من الجزيئات أو القطرات القابلة للاشتعال باستخدام متفجرات صغيرة. بعد ذلك، تقوم عبوة ناسفة ثانية بإشعال هذه السحابة، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات تصل إلى 2500 درجة مئوية، مسببة حروقًا شديدة للجلد والأجزاء الداخلية للجسم، وتفحم الجثث إلى درجة الانصهار الكامل أو حتى التبخر.

وجاء في تقرير المرصد أن التحقيق يتطلب من المحققين تحديد نوعية الأسلحة المستخدمة بدقة، مع توجيه اهتمام خاص إلى التقديرات الأولية التي تشير إلى أن بعض الجثث ربما بدأت في التحلل إلى رماد بعد فترة من الوفاة، نتيجة للظروف الناتجة عن القنابل الحرارية.

تاريخ إسرائيل يشهد سجلًا طويلًا من انتهاكات القانون الإنساني الدولي، مع تجاهل مبادئ الحماية في النزاعات المسلحة، مثل مبدأ الضرورة العسكرية والتمييز والتناسب. يُظهر الهجوم العسكري الحالي لإسرائيل على قطاع غزة هذا السلوك بشكل واضح، حيث تستمر إسرائيل في شن هجمات مدمرة دون مراعاة لحياة المدنيين وسلامتهم.

استخدم الجيش الإسرائيلي، ولا يزال يستخدم، تشكيلة متنوعة من الأسلحة والذخائر، بالإضافة إلى اللجوء إلى القوة التدميرية غير المتناسبة، ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم. هذا السلوك يمثل انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي تهدف إلى حماية المدنيين في حالات النزاع المسلح.

نتائج التحقيقات التي أجرتها منظمات وهيئات دولية ذات مصداقية تكشف عن الإبادة الجماعية المستمرة التي تمارسها إسرائيل، وتقدم دليلًا وافيًا على ارتكابها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. الإحصائيات الصادرة تظهر بوضوح حجم الدمار الهائل وعدد الوفيات في قطاع غزة، مما يعزز الاعتقاد بأن إسرائيل قد قامت بأفعال مشينة تتعارض مع المبادئ الأساسية للإنسانية.

هذا المشهد يتطلب بشكل ملح وعاجل تحقيقًا قانونيًا وقضائيًا دوليًا شاملًا، إلى جانب إقامة آليات للمحاسبة. ينبغي ملاحقة قادة وجنود إسرائيليين بجدية، وتحميلهم مسؤولية أفعالهم، وضمان مواجهتهم للعواقب القانونية. كما ينبغي تقديم التعويضات للضحايا وأسرهم وفقًا لما ينص عليه القانون الدولي.